النهار

النهار

الذكاء الاصطناعي يكتشف مواقع أثرية جديدة في الصحراء (للتحرير العلمي)
27-09-2024 | 14:28

المصدر: النهار العربي
تخفي صحراء الربع الخالي شمالها أسرارًا دفينة بين كثبانها الرملية الواسعة. بالرغم من أن مساحتها الشاسعة التي تبلغ 650,000 كيلومتر مربع قد تبدو للوهلة الأولى خالية تمامًا، إلا أن الذكاء الاصطناعي يثبت عكس ذلك. قام فريق من العلماء في جامعة خليفة بأبو ظبي بتطوير تقنية جديدة تسهّل عملية البحث عن المواقع الأثرية في المناطق الشاسعة والقاحلة، مثل صحراء الربع الخالي.
الذكاء الاصطناعي يكتشف مواقع أثرية جديدة في الصحراء (للتحرير العلمي)
الذكاء الاصطناعي يكتشف مواقع أثرية جديدة في الصحراء
A+   A-
تخفي صحراء الربع الخالي شمالها أسرارًا دفينة بين كثبانها الرملية الواسعة. بالرغم من أن مساحتها الشاسعة التي تبلغ 650,000 كيلومتر مربع قد تبدو للوهلة الأولى خالية تمامًا، إلا أن الذكاء الاصطناعي يثبت عكس ذلك. قام فريق من العلماء في جامعة خليفة بأبو ظبي بتطوير تقنية جديدة تسهّل عملية البحث عن المواقع الأثرية في المناطق الشاسعة والقاحلة، مثل صحراء الربع الخالي.
 
وبحسب موقع CNN، عادةً ما يعتمد علماء الآثار على عمليات المسح الميداني التقليدية لاكتشاف المواقع المحتملة، لكن هذه الطريقة تستغرق وقتًا طويلًا وتتطلب مجهودًا كبيرًا، خاصة في التضاريس الصعبة مثل الصحاري. في السنوات الأخيرة، أصبحت صور الأقمار الصناعية أداة أساسية لاكتشاف تلك المواقع، لكن التضاريس الفريدة للربع الخالي لم تتيح نجاح هذه الطريقة بالقدر المطلوب.
 
وفقًا لديانا فرانسيس، عالمة الغلاف الجوي وأحد الباحثين الرئيسيين في المشروع، كانت الحاجة ماسة إلى أداة توجه العلماء نحو تركيز أبحاثهم في مناطق محددة. في هذا الإطار، طوّر الفريق خوارزمية تعتمد على التعلم الآلي لتحليل الصور الملتقطة بواسطة رادار الفتحة الاصطناعية (SAR)، وهي تقنية تُمكّن من الكشف عن الأجسام المدفونة تحت التربة والرمال وحتى الجليد.
 
وأضافت فرانسيس أن هاتين التقنيتين ليستا جديدتين، حيث استُخدمت صور البحث والإنقاذ منذ الثمانينيات، فيما أصبح التعلم الآلي يحظى بشعبية في مجال علم الآثار مؤخرًا. الجديد في هذا المشروع هو الدمج بين التقنيتين بطريقة مبتكرة غير مسبوقة في هذا المجال.
 
تم تطوير الخوارزمية باستخدام بيانات من موقع "ساروق الحديد" المعروف، والذي يحتوي على آثار تعود لأكثر من 5000 عام، ويستمر علماء الآثار في اكتشاف المزيد من الآثار في الصحراء المحيطة بدبي. وبعد تدريب الخوارزمية، تمكّن الفريق من تحديد مواقع محتملة جديدة لم تُكتشف بعد. ووفقًا لفرانسيس، فإن دقة التقنية تصل إلى نطاق 50 سم، كما يمكنها رسم نماذج ثلاثية الأبعاد للهيكل المتوقع للآثار، مما يمنح العلماء فكرة أوضح عما يمكن أن يكتشفوه.
 
وفي تعاون مع "دبي للثقافة"، الهيئة الحكومية المسؤولة عن الموقع، قام الفريق بإجراء مسح أرضي باستخدام رادار يخترق الأرض، وأكدت النتائج دقة البيانات المستخلصة من الأقمار الصناعية. يجري الآن التنقيب في المناطق الجديدة المحددة بواسطة التكنولوجيا، وتأمل فرانسيس أن يؤدي استخدام هذه التقنية إلى اكتشاف المزيد من الكنوز الأثرية المدفونة في المستقبل.
 
التنقيب: عملية شاقة
رغم الفوائد الكبيرة لهذه التكنولوجيا، فإن استخدام رادار SAR في علم الآثار ليس واسع الانتشار بسبب تكلفته العالية وصعوبة استخدامه. لكن وفقًا لإيمي هاتون، الباحثة في معهد ماكس بلانك لعلم الأرض، فإن استخدام صور SAR يعد تقدمًا مثيرًا. استطاع فريق فرانسيس التغلب على الصعوبات التقنية المرتبطة بالعمل في البيئات الصحراوية بفضل هذه التقنية، التي تتفوق على صور الأقمار الصناعية التقليدية في تجنب مشكلة تناثر الضوء من جزيئات الغبار.
 
ليس فريق جامعة خليفة وحده الذي يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحديد المواقع الأثرية. تقوم أمينة جامباجانستان، وهي طالبة دكتوراه في معهد ماكس بلانك، باستخدام الآلة لتسريع عملية البحث الشاقة في منغوليا، حيث اكتشف مشروعها آلاف المواقع المحتملة في المناطق الصحراوية. وتؤكد أن تلك المواقع لم يكن بالإمكان العثور عليها بالطرق التقليدية.
 
الإنسان في مواجهة الآلة
على الرغم من النجاحات التي يحققها الذكاء الاصطناعي في علم الآثار، إلا أن هناك بعض الباحثين الذين يرون أن التكنولوجيا لا يمكنها أن تحل تمامًا محل الخبرة البشرية. يقول هيو توماس، المحاضر في جامعة سيدني وخبير الآثار في المملكة العربية السعودية، إن هناك توجهين مختلفين: أحدهما يدعو إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد المواقع الأثرية، والآخر يؤكد أن الأمر يتطلب عينًا أثرية مدربة.
 
يشير توماس لموقع CNN إلى أن التكنولوجيا يمكن أن تكون أداة مساعدة قوية، لا سيما في تحديد المواقع التي قد تكون مهددة بالتغيرات البيئية أو النهب، لكنه يحذر من الاعتماد المفرط على التكنولوجيا. يرى أن استخدام هذه التقنية يجب أن يكون موجهًا نحو المناطق التي يُحتمل وجود مواقع أثرية بها، مما يسمح للباحثين بالتركيز على تلك المناطق بشكل أكثر فاعلية.
 
استكشاف الماضي
الاختبار الحقيقي لهذه التقنية سيأتي الشهر المقبل، عندما تبدأ الحفريات في موقع "ساروق الحديد"، الذي تم اكتشاف حوالي 10٪ فقط من مساحته البالغة 2 كيلومتر مربع. إن نجحت العملية، تخطط "دبي للثقافة" لاستخدام التكنولوجيا لاستكشاف المزيد من المواقع.
 
يواصل فريق فرانسيس تطوير خوارزمية التعلم الآلي لتحسين دقتها، وهم يأملون أن يتمكنوا من استخدام التقنية في مناطق أخرى، مثل المملكة العربية السعودية ومصر وصحاري إفريقيا. الهدف هو توسيع نطاق هذه التكنولوجيا لتصبح أداة رئيسية في علم الآثار المستقبلية.
 
إعلان

الأكثر قراءة

10/3/2024 7:34:00 PM
مصر بدأت سياسة تنويع مصادر تسليحها منذ عام 2014، ومنذ ذلك الحين وحتى عام 2023 كانت في قائمة أكبر 10 دول مستوردة للسلاح في العالم
9/30/2024 11:12:00 PM
الكاتب في "نيويورك تايمز" الحائز على 3 جوائز "بوليتزر" يبدي يقيناً بنظرية الاختراق البشري للنظام الايراني ولـ"حزب الله"، الأمر الذي سهّل عملية الانقضاض التي حصلت. ويرى أن طهران مرتبكة وتشهد انقساماً بشأن سيناريو الرد المحتمل.