النهار

هل تطرد برشلونة السيّاح؟
المصدر: النهار العربي
يتصاعد الشعور المعادي للسياح في مدينة برشلونة الإسبانية عاصمة إقليم كتالونيا الذي يتمتع بحكم ذاتي، بسبب الأضرار الهائلة التي يسببها حوالى 32 مليون زائر سنوياً
هل تطرد برشلونة السيّاح؟
برشلونة (أ ف ب)
A+   A-
يتصاعد الشعور المعادي للسياح في مدينة برشلونة الإسبانية عاصمة إقليم كتالونيا الذي يتمتع بحكم ذاتي، بسبب الأضرار الهائلة التي يسببها حوالى 32 مليون زائر سنوياً، وفق شريحة كبرى من السكان المحليين البالغ عددهم 1.6 مليون نسمة فقط، جزء كبير منهم ينادي بـ"طرد السيّاح".
 
وأكّدت احصاءات نشرتها وسائل إعلام إسبانية، أن السياحة في برشلونة تجتذب المزيد من تجارة المخدرات وارتفاعاً في معدل الجرائم الصغيرة، بالإضافة إلى العمل في الجنس، ما يؤدي إلى "التأثير على هوية المدينة"، لا سيما أن العديد من المتاجر والمواقع المحلية تمّ اغلاقها لصالح أعمال تجارية موجّهة نحو السياحة.
 
قبل أسابيع قليلة، أغلقت آخر مكتبة في منطقة "لا برشلونيتا "الساحلية أبوابها. تمّ استبدالها بمتجر للقنب. يوجد الآن 25 متجرًا للقنب في برشلونة، معظمها في الجزء القديم من المدينة، وهو الجزء الأكثر ازدحامًا بالسياح. إنه مثال على مدى صعوبة الحفاظ على النسيج الاجتماعي والاقتصادي الأصلي للمدينة.
 
والأهم من ذلك، أن التغيّر العمراني الذي تسببه السياحة يؤدي إلى تفاقم أزمة الإسكان المزمنة. وهذا له عواقب اجتماعية عميقة على المواطنين العاديين الذين يخسرون إيجارات طويلة الأجل، إذ يسعى الملاك إلى تحويل ممتلكاتهم إلى شقق للإيجار قصيرة الأجل وشقق سياحية. اليوم، هناك 10000 شقة سياحية مرخّصة في المدينة.
 
وتتعالى صرخات وتساؤلات البرشلونيين حول كيفية بناء مدينة مجتمعية عندما لا يكون لأصحاب المباني والشقق والمحلات التجارية والمطاعم أي علاقة ببرشلونة، إلّا لتحقيق أقصى قدر من الربح؟ إذ تقوم صناديق الاستثمار الدولية بشراء العقارات التجارية القريبة من مناطق الجذب السياحي الرئيسية، ويبدو من المستحيل إقناعها بأن أرباحها هي خسارة المواطنين.
 
وإذا استمرت السياحة الجماعية في النمو بالمعدلات الحالية (استقبلت إسبانيا رقماً قياسياً بلغ 85.1 مليون سائح دولي في عام 2023، بزيادة 19% عن عام 2022)، فسوف تستمر برشلونة والوجهات الأخرى في فقدان هوياتها الحقيقية ومعها تجربة سياحية أصيلة.
 
 
ورغم أن السياحة تمثّل 14% من الناتج المحلي الإجمالي للمدينة، وتوظّف حوالى 150 ألف شخص وتوّلد ما يقارب من 12.75 مليار يورو سنويًا، إلّا أن أهل برشلونة يسعون إلى الحدّ من السياحة الجماعية على خطى مدن أخرى، على غرار روما وفلورنسا والبندقية وأمستردام وباريس وبراغ، حيث تمّ اتخاذ تدابير للحدّ من الآثار السلبية للسياحة بدرجات متفاوتة من النجاح.
 
وحاولت المدينة في أوقات سابقة فرض قيود على الضوضاء، وتحديد أنظمة الاتجاه الواحد في المناطق الشعبية، وفرض ضرائب على السياح، من دون نتائج تُذكر، مع توّجهها أخيراً إلى تحويل الاستراتيجية السياحية الترويجية إلى النوعية بدلاً من الكمية، بهدف استقطاب المزيد من الزوار الثقافيين وعدد أقل من السياح.
 
وصوّت مجلس المدينة أخيراً على رفع ضريبة السياحة من 3.25 يورو إلى 4 يورو للشخص الواحد في الليلة، ولكن سيتعيّن رفعها مرّة أخرى إلى 6 يورو لتحقيق التوازن في الميزانية التي ترزح تحت أعباء إضافية بسبب السياح. وتقدّر بلدية برشلونة التكلفة المالية الإضافية للأمن والنقل العام والصيانة والتنظيف بمبلغ 50 مليون يورو. مثلاً، يجب تفريغ صناديق القمامة في "لا رامبلا"، المتنزه الرئيسي في المدينة 14 مرّة يوميًا، والذي يزوره أكثر من 200 ألف من المارّة يوميًا.
 
وأعلن عمدة برشلونة جاومي كولبوني، فرض حظر على تأجير الشقق للسياح بحلول عام 2028 للحدّ من أزمة الإسكان، كما يحظى اقتراحه بعدم توسيع المطار بتأييد كبير، للحدّ من عدد الرحلات ومستقليها.
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium