النهار

اختبارات التّوظيف والكفاءات المهدرة
د. محمد النغيمش
المصدر: النهار العربي
بعض الدراسات أظهرت أن فئة من الناس لا تبلي بلاء حسنا في أجواء الامتحانات. فحالة الاختبار تشكل له هاجسا وهلعا دائمين. البعض الآخر لا يتمتع بالمقدرة على حل الأسئلة بالسرعة المطلوبة، خصوصا أن معظم واضعي الاختبارات يتعمدون ضغط المتقدم في وقت قصير لا يسعفه لكتابة كل الإجابات التي يعرفها جيدا، وكأنه اختبار سرعة وليس قدرات.
اختبارات التّوظيف والكفاءات المهدرة
امتحان وظيفة
A+   A-
لا أحبذ الاختبارات في اختيار الكفاءات. وهذا التفضيل الشخصي لا ينفي وجود اختبارات عديدة ومتزايدة في سوق العمل تحاول تقليل آلاف أو مئات المتقدمين إلى بضعة أو عشرات المؤهلين لدخول المقابلات الوظيفية. ويمكن قياس مدى علمية الاستبانات عبر التأكد من عنصرين مهمين وهما مدى: "الموثوقية" (Reliability) و"المصداقية" (Validity). هذان المفهومان يضمنان أن الاختبار (الاستبانة) تقيس بدقة وثبات ما صُمّم لقياسه.

 
وهذا ما يدفع كبريات المنظمات إلى اعتبار الاختبار جزءاً من التقييم لا التقييم كله. فهو يُعطى وزناً نسبياً من التقييم النهائي مثل 20 أو 50 في المئة من الدرجة النهائية. ولذلك لا بد من أن نعترف بأن العديد من الكفاءات قد خُسرت في ظل إصرار المؤسسات الخاصة والعامة على شروط الاختبارات ذات الوزن النسبي المرتفع. فهناك من لديه مقدرة فذة على قيادة الأفراد، وسرعة تحقيق الأهداف، والتركيز المذهل، وآفاق لا حدود لها من الإبداع، لكن ذلك كله لا يظهر في اختبارات فنية. 

 
بعض الدراسات أظهرت أن فئة من الناس لا تبلي بلاءً حسناً في أجواء الامتحانات. فحالة الاختبار تشكل له هاجساً وهلعاً دائمين. البعض الآخر لا يتمتع بالمقدرة على حل الأسئلة بالسرعة المطلوبة، خصوصاً أن معظم واضعي الاختبارات يتعمدون ضغط المتقدم في وقت قصير لا يسعفه لكتابة كل الإجابات التي يعرفها جيداً، وكأنه اختبار سرعة وليس قدرات.
 
اختبارات ما قبل التوظيف (Pre-Hire Assessment) يقصد بها الامتحان الذي تجريه الجهات على المرشحين لمناصب أو وظائف معينة قبل دعوتهم إلى مقابلة العمل. منها مثلاً اختبار المعرفة الوظيفية، الذي يتطلع إلى معرفة مدى إلمام المتقدم للوظيفة بأمور محددة مرتبطة بالوظيفة الشاغرة. على سبيل المثال، تحرص الشركات الراغبة في توظيف كاتب محتوى على اختبار قدرته على إنتاج نصوص مؤثرة أو مقالات معمقة ومفهومة، حتى تصل إلى قناعة في أهليته للمقابلة.

 
وهناك الاختبار الذي يسلط الضوء على السمات الشخصية للمتقدمين ومدى تماشيها مع متطلبات الوظيفة، مثل أن يتحلى مندوب المبيعات بالتواضع والفضول والبشاشة عند التعامل مع شتى أنواع العملاء وفهم احتياجاتهم. ذلك أن توافر الحد الأدنى يساعده في تأدية عمله على أكمل وجه.
 

وهناك اختبار تقييم المهارة skill Assessment الذي تصر عليه المنظمات باعتباره يحسم مدى وجود المهارات العملية التي يمتلكها المتقدم ومدى تطابقها مع المتطلبات الوظيفية.
 

ولذلك يميل معسكر رفض الاختبارات إلى تطبيق اختبار وحيد يقيس مدى وجود الحد الأدنى من المهارة المطلوبة، مثل اختبار تقييم المهارة ومنه اختبارات السبورة البيضاء التي تستخدم في شركات وادي السيلكون في الولايات المتحدة لاختبار مقدرة المبرمج على حل المشكلات والتحديات البرمجية على السبورة whiteboard من دون الاستعانة بحاسوب. 
 

اختبارات التوظيف تقلل بطبيعة الحال أعداد من يصلون إلى القائمة القصيرة كثيراً. ولهذا نخسر العديد من الكفاءات إذا ما وضعنا وزناً مبالغاً فيه لنتائج قصاصة ورقية نسميها "اختبار قدرات". 

 

اقرأ في النهار Premium