الجبان شخص يفتقر إلى الشجاعة في مواجهة الأخطار والصعوبات والآلام، ويحول خوفه دون التصدي للتحديات التي تواجهه. ومثلما كانت الشجاعة منازل فالجبناء مراتب أيضاً.
هناك من هو جبان فكرياً إذ يخشى الخروج عن المألوف. مثل من يتحاشى الخوض في التحديات الفكرية مع أن مهمة المفكر تنوير العامة، وتحدي الفكر السائد، وكشف النقاب عن بواطن الأمور. وهناك الجبان اجتماعياً الذي يتفادى التعبير صراحة عن رأيه حتى لا يتصادم مع مجتمعه.
ويمتد الجبن إلى ميادين العمل. فمن بيننا من هو جبان مهنياً أي لا يقوى على اتخاذ قرارات جوهرية في العمل. ولذلك يبقى هؤلاء أسرى السائد لأنهم يخشون الإتيان بجديد. يرون المشكلة لكنهم يعلقون مهمة حلها على الإدارة المستقبلية ولا يتحركون إلا عند اضطرارهم لذلك. ولذلك ما إن يتولى أحدٌ منصباً لا يستحقه حتى ينكشف مقدار جبنه في اتخاذ القرار. وقد شاهدنا كيف تراجع كثيرون عن مناصبهم بالوكالة بعد اكتشاف عدم مقدرتهم على تولي زمام مسؤوليات كبيرة.
وأسوأ أصناف الجبناء الجبان أخلاقياً. فهو لا يتصدى لقيمه ومبادئه. إذ يحول خوفه دون الدفاع عن وجهة نظره في قضايا مبدئية. فلا يكترث مثلاً أن يفصل زميله في العمل ما دام هو بمنأى عن الأذى.
وعندما يتسلل الجبن إلى متخذي القرار، تبدأ حفلة الخذلان والتخبط. فلا يهمه أن يظلم موظفاً من دون تشكيل لجنة تقصي حقائق ما دام ذلك يبقيه في منصبه. ويبدأ المسؤول الجبان التسويف بأعذار واهية تارة لشكليات يطلبها وتارة بتأجيل قرارات مفصلية بحجة مزيد من الدراسة، لكنه في الواقع يهرب من تداعيات المواجهة.
ولذلك كان لا بد من حسن التعامل مع الجبناء. فمعرفة الدوافع الكامنة وراء خوفهم أو تجنبهم لمواقف معينة يساعد في تقليل تداعيات المواجهة. يمكن مثلاً مشاركة صلاحيات التوقيع على شيكات بمبالغ كبيرة مع مسؤول آخر أو لجنة مختصة فتقل وطأة التردد. يمكن أيضاً تشجيع أي تقدم ملحوظ في شجاعة اتخاذ القرار حتى يتخطى المسؤول الجديد عتبة الخوف، ويعزز من ثقته الإيجابية بنفسه.
كما لا بد من تقديم الموارد والأدوات التي تساعد في تحسين مهارات اتخاذ القرار. فلا يعقل أن أتوقع أداءً مثالياً لمسؤول جديد كانت جل دوراته تمضية للوقت من دون اكتساب حقيقي لمهارات فاعلة.
إذا استثنينا المتهورين، أرى أن الإنسان بطبعة فيه شكل من أشكال الجبن، غير أن أسوأ الجبناء الذين لا يحاولون تخطي عقباتهم. ولن يصبح المرء قائداً فذاً ما دام يخشى الإقدام على قرارات جريئة.