يبدأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الاثنين 20 أيار (مايو) زيارة رسمية لطوكيو. هي ليست مجرد رحلة عابرة، فالعلاقات بين الرياض وطوكيو تمتد لأكثر من 60 عاماً، حافلة بالتطور والتعاون في العديد من المجالات الهامة.
اقتصادياً، يتوقع قنصل اليابان في جدة دايسوكي ياماموتو، زيادة عدد الشركات اليابانية في السعودية خلال الفترة المقبلة. هذا ليس بمستغرب، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 41.1 مليار دولار في عام 2023، كما بلغت صادرات المملكة إلى اليابان 34.7 مليار دولار، بينما بلغت وارداتها 6.3 مليارات دولار، بفائض ميزان تجاري قدره 28.4 مليار دولار لمصلحة المملكة.
توالت البشائر واحدة تلو الأخرى؛ مجلس الوزراء السعودي وافق الأسبوع الماضي على مذكرة تفاهم وتعاون بين وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية ووزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية في مجال الثروة المعدنية. كذلك يحرص صندوق الاستثمارات العامة السعودي على الاستثمار في "سوفت بنك"، المجموعة الاستثمارية اليابانية العملاقة.
المعطيات إيجابية وواضحة في كلا الاتجاهين، فالسعودية مُوَرِد أساسي، بل أكبر مصدّري النفط السعودي الخام إلى اليابان بمقدار 880 ألف برميل يومياً. كذلك بلغ حجم الاستثمارات اليابانية المباشرة في المملكة 574.1 مليون دولار في 2022، فيما تتطلع شركات الطاقة اليابانية إلى الاستثمار في مشاريع إنتاج الهيدروجين والأمونيا في السعودية.
سياسياً، السعودية واليابان وقّعتا على مذكرة تفاهم لتأسيس حوار استراتيجي على مستوى وزراء الخارجية. تاريخ العلاقات الرسمية بين البلدين بدأت عام 1938 عندما زار مبعوث الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن - رحمه الله - حافظ وهبة، اليابان ومن ثم زار المبعوث الياباني لدى مصر ماسايوكييو كوياما الرياض عام 1939. كذلك فإن الرياض وطوكيو يتوافقان على رؤية مشتركة ومعتدلة حيال القضايا الراهنة في المنطقة، بعيداً من الحزازات، أو التدخّل في شؤون الدول الأخرى، ما يمثل أهمية كبيرة لإستقرار وازدهار الشرق الأوسط والعالم.
حرص الحكومتين السعودية واليابانية على بناء شراكة حقيقية لا تستثني أي نشاط يلبّي مصالح شعبي الدولتين. الأدلة كثيرة، فقد تمّ توقيع العديد من الاتفاقيات بين البلدين في مجالات التبادل الثقافي، ومكافحة تقليد المنتجات، وإدارة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز القدرات التنافسية في الأسواق العالمية، وفي قطاع الطاقة والصناعة والبتروكيماويات، وأيضاً في التنمية الدولية.
إضافة لما سبق، تمّ إنشاء مجموعة مشتركة بين الرياض وطوكيو بمساهمة 23 جهة سعودية، وبلغت فرص التعاون في قطاع الأعمال 36 فرصة تتشارك في تقديمها 38 شركة ومؤسسة يابانية. للتعليم أيضاً نصيب، فقد وقّعت جامعة الملك فيصل وجامعة كانازاوا اتفاقيات بينهما في مجالات الأبحاث والتدريب وتبادل المعلومات وتنظيم اللقاءات العلمية بين الطلاب.
آخر الكلام. كلنا أمل أن لقاء الأمير محمد بن سلمان مع الإمبراطور ناروهيتو ورئيس الحكومة فوميو كيشيدا، سيحقق أهداف البلدين، وبخاصة "الرؤية السعودية - اليابانية 2030" لما فيه خير ومصلحة حكومتي وشعبي البلدين.
*كاتب سعودي