النهار

إسرائيل هدمت السلطة الفلسطينية قبل غزة
أسعد عبود
المصدر: النهار العربي
كل خطوة يتخذها العالم نحو الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة ترد عليها إسرائيل بالضغط على الفلسطينيين، كمثل سماح الجيش الإسرائيلي للإسرائيليين بالعودة إلى ثلاث مستوطنات سابقة في الضفة الغربية، أو تهديد وزير المال بتسلئيل سموتريتش بحجب رسوم الضرائب التي يتم تحصيلها نيابة عن السلطة الفلسطينية وانهاء دور النروج في تسهيل التحويلات. ​
إسرائيل هدمت السلطة الفلسطينية قبل غزة
فلسطينيون يبحثون عن أحياء بين أنقاذ منزل في غزة.
A+   A-
 
كل خطوة يتخذها العالم نحو الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة ترد عليها إسرائيل بالضغط على الفلسطينيين، كمثل سماح الجيش الإسرائيلي للإسرائيليين بالعودة إلى ثلاث مستوطنات سابقة في الضفة الغربية، أو تهديد وزير المال بتسلئيل سموتريتش بحجب رسوم الضرائب التي يتم تحصيلها نيابة عن السلطة الفلسطينية وانهاء دور النروج في تسهيل التحويلات.    
 
وكانت النروج إلى جانب إسبانيا وإيرلندا قد أعلنت الأربعاء عزمها الاعتراف بدولة فلسطين، في خطوة زادت من الضغوط الدولية التي تتعرض لها إسرائيل بسبب حربها المدمرة على قطاع غزة.   
 
والإجراءات الإسرائيلية المضادة تضمنت أيضاً تهديد الدول الأوروبية الثلاث بـ"عواقب وخيمة" بسبب القرار، الذي اتخذته في خضم تصاعد الاحتجاجات في العالم على استمرار الحرب التي لم يتبقَ لها الكثير كي تنهي شهرها الثامن.    
 
السلطة الفلسطينية التي تأسست بموجب اتفاقات أوسلو عام 1993، كان ينبغي أن تشكل نواة الدولة الفلسطينية التي كان يفترض أن تقوم في نهاية فترة انتقالية يتخللها مفاوضات مباشرة مع إسرائيل. لكن هذه المفاوضات امتدت سنوات وسنوات من دون التوصل إلى نتائج فعلية على الأرض.   
 
ومنذ وصول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى السلطة عام 1996، وضع هدفاً رئيسياً لسياساته، ألا وهو منع قيام دولة فلسطينية بأي شكل من الأشكال. ووجد أن الوسيلة الانجع لتحقيق غايته هي تشجيع الاستيطان في الضفة كي يحرج السلطة الفلسطينية ويجعلها تخرج من المفاوضات. وفعلاً حقق ذلك عام 2014، حيث توقفت المفاوضات رسمياً. ومذذاك لم يبذل المجتمع الدولي أي جهد لجعل حل الدولتين ممكناً. وتراجع التأييد لهذا الحل لدى الجانبين. وخلص استطلاع للرأي أجراه معهد "بيو" إلى أن تأييد الإسرائيليين اليهود قبل الحرب الحالية، انخفض من 46 في المئة عام 2013، إلى 32 في المئة عام 2023.    
 
وبحسب استطلاع أجراه معهد "غالوب" قبل الحرب أيضاً، أن التأييد بين الفلسطينيين في غزة والضفة لحل الدولتين، انخفض من 59 في المئة عام 2012، إلى 24 في المئة العام الماضي.   
 
وبعد 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، يرفض نتنياهو أي دور للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة في مرحلة ما بعد الحرب، بينما الهجمات الإسرائيلية اليومية على مدن في الضفة ومخيماتها، تقلص يومياً من تأثير السلطة التي يتدنى تأييد الفلسطينيين لها إلى مستويات قياسية.   
 
 وعندما يتحدث نتنياهو عن أنه لا يريد دوراً للسلطة في غزة، فإنه لا يريد دوراً لها أيضاً في الضفة. والجيش الإسرائيلي، من الناحية العملية أعاد احتلال كامل الضفة، وقضى على اتفاقات أوسلو منذ أوقف المفاوضات وعزز من الاستيطان.   
 
هذا التعنت جعل الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل يتساءل: "ما هي الحلول الأخرى التي يفكرون فيها؟ إجبار جميع الفلسطينيين على الرحيل؟ قتلهم؟".   
 
واليوم، عندما تهم دول للاعتراف بالدولة الفلسطينية، فإنما هذا أكبر دليل على اليأس من سياسات نتنياهو، ومن عجز الإدارات الأميركية المتتالية عن ارغام إسرائيل على التزام اتفاقات أوسلو، التي أنهتها إسرائيل ولم يتبقَ منها سوى سلطة محاصرة في مقر "المقاطعة" برام الله.   
 
بكلمات قادة إسبانيا والنروج وإيرلندا، فإنه يقع في جوهر القرار الذي اتخذته الدول الثلاث، ابقاء حل الدولتين حياً، وأن لا "تدمره القوة". 
 
والولايات المتحدة، يتعين عليها أن تواجه سؤالاً محرجاً في حال انضمت دول أوروبية أخرى إلى إسبانيا والنروج وإيرلندا، هل تعرض نفسها أيضاً لعزلة دولية جديدة تجرها إليها سياسات نتنياهو، أم أنها تلجأ إلى تغيير سياستها التي تنتهجها منذ 7 تشرين الأول...وحتى من قبل.

اقرأ في النهار Premium