أن يبلغ إجمالي الصادرات غير النفطية في السعودية أكثر من 277 مليار ريال، فهذا مؤشر جيد. ولكن، أن تحقق المملكة تنوعاً اقتصادياً يشارك في تحقيق 50% في مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي عام 2023، فهذا يعني أن نحو 2 تريليون ريال أينعت وأثمرت في السعودية.
لعلي أطرح بعض الأمثلة. وقّعت أرامكو السعودية، إحدى الشركات المتكاملة والرائدة عالميًا في مجال الطاقة والكيميائيات، اتفاقية مع شركة "باسكال" العالمية الرائدة في مجال الحوسبة الكمية الذرية المحايدة، لتركيب أول حاسوب كمي في المملكة. هذه الاتفاقية تعمل على تسريع أعمال الشركة الجديدة التي افتتحت مقرًا لها في عام 2023 في مجال قدرات وتطبيقات الحوسبة الكمية في قطاع الطاقة، كما شاركت شركة "واعد فنتشرز" التابعة لأرامكو السعودية أيضًا في هذه المنظومة الخلاقة.
إذن أين النفط من كل ما سبق؟ يتوقع الخبراء أن تصل المملكة لنحو 750 مليار ريال في الصادرات السلعية غير النفطية بحلول 2030، وأن تتجاوز تريليوناً بحلول 2035. هذه ليست نهاية المطاف، بل أن مؤشرات الاقتصاد السعودي تثمر نتائج جديدة تزامناً مع المنجزات الأخرى الكبرى. أقصد تحديداً نجاح الرياض في فتح باب الاستكشاف للثروات غير النفطية في المملكة كالذهب والنحاس والفوسفات وغيرها من المعادن، والتي وصلت إلى 9.4 تريليونات ريال.
نيل كرومبتون، السفير البريطاني لدى السعودية؛ كشف لصحيفة "مال" السعودية أن صندوق الاستثمارات العامة استثمر 21 مليار جنيه إسترليني (نحو 100 مليار ريال) في المملكة المتحدة خلال السنوات الأربع الماضية، أي منذ جائحة كورونا. المهم في الأمر أن هذه الاستثمارات توزعت بإتقان وحرفية على عدة قطاعات مثل البنى التحتية، وشركات التكنولوجيا المتقدمة، بل أن المملكة تسلمت ملف استضافة المنتدى العالمي الحادي عشر للمياه 2027، مما يدل على نجاحها في هذا المجال الحيوي الهام.
سعادة السفير على حق، فقد حقق الاقتصاد السعودي مكتسبات مميزة في مجال الاستثمار الأجنبي المباشر، إذ بلغت نسبة تلك الاستثمارات 2.4 % في الناتج المحلي عام 2023. لعلي أضيف أن السعودية أيضاً جذبت نحو 200 شركة عالمية حصلت على تراخيص لنقل مقراتها الإقليمية إلى العاصمة الرياض. المؤهلات واضحة، فقد بلغت قيمة الأصول المدارة لصندوق الاستثمارات العامة 2.81 تريليون ريال خلال عام 2023. لعلي أضيف أن الرياض تحرص على استهداف نحو 36 ألف مصنع بحلول 2030، وتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة بنحو 10 مليارات ريال في النصف الأول من عام 2023.
آخر الكلام. أين موقع الشباب من كل هذا، السعودية حققت عدة مكتسبات رئيسية ساهمت في تعزيز مواطن الفرص للشباب السعودي استعداداً لمرحلة ما بعد الرؤية. آمل أن ينقل سعادة السفير أن من ضمن الإنجازات السعودية، أن الشباب أصبح اليوم مؤهلاً بأحدث التخصصات المطلوبة والبرامج الحديثة لإضافة قيمة نوعية للاقتصاد السعودي المبني على المعرفة والذكاء الاصطناعي والتكنولوجي إستعداداً للتحديات القادمة.
* كاتب سعودي