أجرت رائدة تصنيع الهواتف "نوكيا"، اتصالاً هاتفياً باستخدام تقنية "الصوت والصورة الغامرة" بحضور رئيسها التنفيذي لونمارك الذي شهد كذلك أول اتصال بتكنولوجيا الجيل الثاني عام 1991، حسبما نشرت صحيفة "البيان".
"نوكيا" اختفت من المشهد، لأسباب عديدة، منها أنها لم تُجارِ سرعة عجلة التكنولوجيا التي تقودها شركات مثل "أبل" و"سامسونغ" و"هواوي". الاتصال الجديد ثلاثي الأبعاد ويختلف عن الحالي الأحادي الذي يضغط الأصوات فيخرج صوت من نسمعه مضغوطاً وخالياً من التفاصيل، فيما التقنية الجديدة، تحمل في طياتها تفاصيل صوتية أكثر، فيسمع من يحدثنا عبر الهاتف كل شاردة وواردة من حولنا. ربما يكون بعدها صعباً أن نتأفف أو نضجر من اتصال مزعج سرعان ما تكشفه أذن السامع.
كنا نقول لموظفي المبيعات في الدورات انتبه لأن الابتسامة يُسمع صوتها عبر أثير الهاتف، ذلك أن قصر المسافة بين الحنجرة والشفتين يظهر صوتاً مألوفاً يكشف عن ابتسامة مريحة. ولذلك يُنصح موظفو البدالة والفنادق بالابتسام فور رفع سماعة الهاتف لترك انطباع إيجابي من أول لحظة، الانطباع الأول يدوم.
مع اتصال "نوكيا" الجديد سيختلف الأمر. لكنها مجرد محاولة تقنية تتطلب أن يختبر السوق مدى حاجته إليها. فما أكثر الاقتراحات الباهظة التكلفة لكنها لم تُعد الشركات إلى موقع الصدارة.
شركة Polaroid التي أبهرت جيلنا في طباعة فورية لصورة يلتقطها لنا المضيف في الطائرة، خرجت من حلبة المنافسة لأنها لم تجدد نفسها. هواتف "البلاك بيري" رديف كل رجل أعمال (قبل حمى آيفون عام 2007) لم تجد لها موضع قدم في ظل التنافس الضاري بين لواء الشرق بقيادة "سامسونغ" و"هواوي" ولواء الغرب بزعامة "أبل". ولم تتمكن سلسلة متاجر تأجير الأفلام "بلوكبوستر" blockbuster من الاستمرار في ظل الانفتاح الفضائي المذهل ومنصات الفيديوهات التي ضربت حتى دور السينما في عقر دارها. لا شيء يحدث مصادفة، فمن سقط ربما تجاهل إشارات كانت تنذر بقرب عواقب وخيمة.
كل شركة تمر بمراحل عدة قبل أن تضمحل أو "تهرم". الأولى التأسيس والثانية النمو، والثالثة النضج ثم الرابعة بداية التراجع. وفي الواقع لا تنحدر الشركات بسبب قصور إداري فقط، فهناك التكنولوجيا المتسارعة والمكلفة، وتقلب ذائقة الجمهور، وتغير الأجيال. وهناك بلدان على شفير الإفلاس، لا يسعف اقتصادها شركاته على الصمود. والشركات مثل البلدان عرضة للانهيار، إذا لم تنتشلها ثلة مخلصة يقودها قائد ملهم وصادق برؤية فذة يعبر بها إلى بر الأمان ثم يحاول إعادة مجدها. المؤسسات والبلدان ليست مهمة فرد بل هي حراك جماعي جاد نحو التغيير الذي يحافظ على مكتسباتنا وسمعتنا ثم ينتقل بنا نحو مجد جديد.