النهار

الثابت الوحيد في سياسة نتنياهو: استمرار الحرب
أسعد عبود
المصدر: النهار العربي
يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الإيحاء بقدرته على التحكّم بمجريات الحرب على غزة، فيقترح مثلاً صفقة جزئية مع "حماس" تتيح إطلاق بعض الرهائن الإسرائيليين، من دون الوصول إلى قرار يوقف الحرب.
الثابت الوحيد في سياسة نتنياهو: استمرار الحرب
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
A+   A-
يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الإيحاء بقدرته على التحكّم بمجريات الحرب على غزة، فيقترح مثلاً صفقة جزئية مع "حماس" تتيح إطلاق بعض الرهائن الإسرائيليين، من دون الوصول إلى قرار يوقف الحرب.  
 
ويقول نتنياهو إنه يحارب على سبع جبهات، هي غزة والضفة الغربية ولبنان واليمن والعراق وسوريا وإيران. وهو بذلك يتوجّه إلى القاعدة اليمينية المتطرّفة ليقول لها إنه يخوض حرب "الاستقلال الثاني"، وإن ما بعد هذه الحرب ليس كما قبلها.   
 
وفي تحديد بعيد المدى لأهداف إسرائيل، قال نتنياهو إن غرضه هو إقامة إدارة مدنية من السكان المحليين في غزة، بالتعاون مع إسرائيل التي ستواصل في هذه الأثناء الحرب حتى "القضاء التام" على "حماس"، وإن قيام دولة فلسطينية ليس وارداً على جدول أعماله.  
 
جدول أعمال يبدو ببند وحيد يتمحور حول استرضاء شركائه في الحكومة من "القوة اليهودية" بزعامة إيتمار بن غفير و"الصهيونية الدينية" بزعامة بتسلئيل سموتريتش. وعليه، هناك ثابتة واحدة ألا وهي استمرار الحرب إلى أجل غير مسمّى، وإن كانت بمسمّيات مختلفة، كتلك التي تقول بإنهاء العمليات العسكرية الكبرى قريباً.  
 
يتجاهل نتنياهو كل التحذيرات الداخلية والخارجية التي تتحدث عن أن المضي في الحرب يهدّد باتساعها إلى جبهة لبنان. وقال رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال تشارلز براون كلاماً واضحاً في هذا الشأن، ولفت إلى أن أي حرب مع "حزب الله" يمكن أن تنجرّ إليها إيران والفصائل المتحالفة معها في الشرق الأوسط.  
 
نقطة مهمّة أثارها براون في حديثه عندما قال إن قدرة الولايات المتحدة على الدفاع عن إسرائيل من هجمات "حزب الله" قد تكون محدودة أكثر من قدرتها على المساعدة في اعتراض الهجوم الصاروخي والطائرات المسيّرة الذي شنّته إيران على إسرائيل في نيسان (أبريل) المنصرم، والذي جرى إحباطه إلى حدّ كبير.    
 
وبعد ساعات من كلام براون، أطلق الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل تحذيراً مماثلاً جاء فيه: "يتزايد خطر تأثير هذه الحرب على جنوب لبنان وامتدادها يوماً بعد يوم. نحن على أعتاب حرب يتسع نطاقها". 
 
واستشعاراً بالخطر الداهم، جالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك على الشرق الأوسط ومن ضمنه لبنان، في محاولة لخفض التوتر على الجبهة الشمالية.  
 
ومع ذلك، الأمل ضعيف بأن تُحدث المواقف الخارجية، ولا حتى الضغط الداخلي الذي يتصاعد في وجه نتنياهو، تغييراً في مواقف الأخير، الذي يقود الحرب بما يتماشى مع مصالحه الشخصية قبل كل شيء، ولهذا السبب وسّع خلافه مع إدارة الرئيس جو بايدن بعد تكرار اتهاماته لها بحجب السلاح عن إسرائيل في زمن الحرب.  
 
وغاية نتنياهو من ذلك، هي أن يثبت للجمهور الإسرائيلي أنه السياسي الوحيد في إسرائيل القادر على تحدّي الولايات المتحدة، عندما يرى أن مصلحة الدولة العبرية لا تتوافق مع المصلحة الأميركية.  
 
ليس أدلّ على ذلك من وقوف نتنياهو عائقاً أمام الاستراتيجية الأميركية الشاملة في المنطقة، التي تقوم على وقف الحرب والانخراط "في مسار موثوق نحو إقامة دولة فلسطينية، في مقابل التطبيع بين الرياض وتل أبيب، من ضمن معاهدة أمنية بين أميركا والسعودية باتت كل جوانبها جاهزة تقريباً، ولم يعد يؤخّر التوصل إليها سوى إصرار نتنياهو على مواصلة الحرب".
 
كل العزلة التي تعانيها إسرائيل في العالم لا تعني بالنسبة إلى نتنياهو شيئاً. ما يعنيه هو البقاء في السلطة، وهذا لن يتأمّن إلّا بمواصلة الحرب التي تضمن بقاء بن غفير وسموتريتش في الائتلاف الحكومي.  
 
ولا يبدو نتنياهو آبهاً حتى للخلاف المتسع مع وزير دفاعه يوآف غالانت بشأن خطة "اليوم التالي" في غزة. وفي حساباته أنّ لو خرج غالانت في نهاية المطاف من الحكومة، فإنها تفقد صوتاً واحداً من أغلبيتها لتصبح 63 مقعداً.  
 
نتنياهو يعلن الحرب على الجميع لأنه يعلم أنها الوسيلة الوحيدة لعدم ذهابه إلى السجن.
 
 

اقرأ في النهار Premium