النهار

لماذا ستندحر الفتنة وستنتصر عُمان
العنود المهيري
المصدر: النهار العربي
تابعنا جميعاً بكثير من الألم والقلق حادث إطلاق النار الإرهابي على مجلس عزاء للطائفة الشيعية في منطقة الوادي الكبير في سلطنة عُمان، والذي أسفر عن استشهاد 6 أشخاص، وإصابة 28 شخصاً، وانتهى المطاف بتنظيم "داعش" يضع إمضاءه الدموي عليه
لماذا ستندحر الفتنة وستنتصر عُمان
صورة من الأشيف لعُماني يقف على تل في الوادي الكبير، غرب العاصمة العُمانية مسقط، 14 شباط (فبراير) 2018 (أ ف ب)
A+   A-
تابعنا جميعاً بكثير من الألم والقلق حادث إطلاق النار الإرهابي على مجلس عزاء للطائفة الشيعية في منطقة الوادي الكبير في سلطنة عُمان، والذي أسفر عن استشهاد 6 أشخاص، وإصابة 28 شخصاً، وانتهى المطاف بتنظيم "داعش" يضع إمضاءه الدموي عليه... سواء أكان صادقاً أم مدّعياً.
 
ولأنه لم يعد العصر الذي نهرع فيه إلى شاشة التلفاز للتعرف على آخر التطورات، التصقنا بهواتفنا متابعين منشورات وسائل التواصل الاجتماعي ما بين البيانات الرسمية والإشاعات والتحليلات.
 
لا داعي لأن أخبركم بأني مريت بالغثاء المعتاد من الجانبين، فسفهاء السنّة يقولون إن ترك الشيعة لممارسة شعائرهم، خصوصاً في محرم، هو ما أغرى الإرهاب لأن يطلّ برأسه في عُمان. وسفهاء الشيعة يوجّهون أصابع الاتهام جزافاً إلى الدول السنّية، خصوصاً الإمارات والسعودية، والتي لو استطاعوا لألصقوا بها تهمة قتل الحسين نفسه!
 
ووسط كل تلك الفتن الموحلة، تلألأت جوهرة مضيئة، اسمها الشعب العُماني. 
 
لست أبالغ إن قلت إن ما رأيته في الأيام الماضية لم يترك في بالي أي شك في أن عُمان ستهزم الإرهاب، وستنهض منتصرة قوية. ومعياري بسيطٌ، وبسيطٌ للغاية، في التوصّل إلى هذه القناعة، حتى أنه قد يثير استغرابكم، وهو إني لم أكد أعرف مذهب أو انتماء أي مواطن عُماني صادفته في الفضاء الافتراضي معقّباً ومعلقاً ومتفاعلاً مع الأحداث. 
 
لم أرَ من يعلنها "أنا سنّي، ولكن..."، كي يستهجن قيام أبناء طائفته السنّة بقتل الشيعة، ولم أرَ من يشير إلى إباضيته –وهم الأكثرية في عُمان - قبل أن يضيف "ولكن..."، كي يعبّر عن استيائه من الجريمة. وحتى لم أرَ – وهذا الأعجب - من ينوّه بمذهبه الشيعي قبل أن ينفي وجود الطائفية في عُمان، ويعارض التلميح إلى تشكّل صدع ما بينهم وبين السنّة. 
 
الكل في عُمان يستنكر ويشجب ويرفض ويترّحم ويحزن ويبكي ويتوعّد الإرهابيين بصوت واحد لا "أنا" فيه، والخطاب السائد يثبت حقاً لمن يقرأ بدقة بين السطور أن ليس ثمة "آخر" مذهبي في ذلك البلد.
 
القوم فهموا أن عبارة "أنا (أملأ الفراغ بما تراه مناسباً)، ولكن..." بجميع مشتقاتها قد تعبّر عن التضامن، ذلك الفعل السطحي وغير الثابت في مواقفه، لكنها لا تبلغ أعماق التآخي والتلاحم الحقيقيين. في كل مرّة تحرص فيها على التعريف بنفسك، وبدينك، وبمذهبك، وبقبيلتك، وبعرقك، قبل أن ترفع صوتك لتدين ظلم أخيك في الوطن، فأنت تمدّ له يد العون، ثم تترك بين كفيكما مساحة متناهية الصغر، لكنها أكثر من كافية، لتتنفس وتنضج فيها التفرقة.
 
هذه التفاصيل التي لا يلقي لها أغلبنا بالاً، ذكّرتني بحديث الرسول – صلى الله عليه وسلم - حينما نبّه من الخلّة بين صفوف المصلّين التي يتسلّل منها الشيطان للوسوسة. اطمئن يا رسول الله، تتراصّ الصفوف في عُمان – حرفياً ومجازياً - حتى لا نعرف مذاهب المتعبّدين فيها. 
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium