النهار

قمة بوتين - الأسد فرضها الغليان الإقليمي
أسعد عبود
المصدر: النهار العربي
فرضت حرب غزة واحتمالات توسعها إلى جبهات أخرى انعقاد القمة الروسية - السورية في هذا التوقيت، على الرغم من الانشغال الروسي بأوكرانيا.
قمة بوتين - الأسد فرضها الغليان الإقليمي
الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين (يمين) والروسي بشار الأسد في موسكو (أ ف ب)
A+   A-
عنوان اللقاء بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد في موسكو الأربعاء كان "التصعيد" الحاصل في الشرق الأوسط، في ضوء استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بينما ترتفع درجات السخونة على جبهتي لبنان واليمن، ومن الطبيعي أن أي حرب شاملة قد لا تبقى سوريا بمنأى عنها.   
 
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يخطب أمام الكونغرس مناشداً الولايات المتحدة "الإسراع" في تقديم المساعدة العسكرية لإسرائيل كي تحسم حربها بسرعة. حرب يريدها أن تمتد إلى إيران، باعتبارها هي التي تقف "خلف محور الشر الإرهابي" في الشرق الأوسط.  
 
ليس في وسع أي محلل، مهما كان واسع المخيلة، أن يتنبأ بما يمكن أن يقود نتنياهو المنطقة إليه، كي يحافظ على بقائه السياسي، ويتفادى تحمل المسؤولية عن اخفاقات 7 تشرين الأول (أكتوبر). 
 
أتت قمة موسكو بعد أيام من الإعلان عن "اتفاق بكين" بين الفصائل الفلسطينية، في مؤشر لا يدع مجالاً للشك في أن روسيا والصين، اللتين تجريان مناورات مشتركة بحرية وجوية في المحيط الهاديء وتوثقان علاقاتهما الاستراتيجية، تسعيان أيضاً إلى توطيد نفوذهما في منطقة حيوية مثل الشرق الأوسط، الذي تعتبره أميركا منطقة حسمت فيها الصراع لمصلحتها منذ تفكك الاتحاد السوفياتي قبل أكثر من ثلاثة عقود.   
 
في أي لحظة، يبدو الشرق الأوسط معرضاً للهيب واسع. الغارات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة اليمني في وقت سابق من الأسبوع أرادت إسرائيل أن تراها المنطقة بكاملها، وفق ما صرح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت. هي رسالة ردع لإيران التي عاد نتنياهو ليقنع الولايات المتحدة بأنها تقف حتى وراء التظاهرات التي تشهدها المدن الأميركية للمطالبة بوقف حرب غزة. قال إن "هؤلاء أغبياء سمحوا لإيران باستغلالهم".  
 
عند بداية حرب غزة، قال غالانت إن إسرائيل بدأت حرباً "ستنتهي في طهران"، وإذا بالمسؤولين الإسرائيليين المصممين على نكران وجود قضية فلسطينية أو حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، يعودون إلى التركيز على الدور الإيراني في المنطقة.  
 
الشرق الأوسط في ظل التهديدات الإسرائيلية، يبدو كأنه على شفا الانفجار الكبير. وبما أن روسيا لاعب أساسي في المنطقة، تخشى فعلاً امتداد النيران إلى سوريا التي تعتبر حليفاً تاريخياً لموسكو.  
 
لم يمنع الانشغال الروسي بالحرب الأوكرانية من الاهتمام بحرب غزة والجبهات الساخنة حولها. وسبق "اتفاق بكين" بين الفصائل الفلسطينية استضافة موسكو حواراً بين حركتي "فتح" و"حماس"، بما أرسى أرضية للحوار الذي استكمل في بكين. وها هي موسكو تستعد لاستقبال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في 13 آب (أغسطس)، في سياق غير بعيد عن حرب غزة وضرورة توحيد الموقف الفلسطيني، بما يشكل عامل ضغط على نتنياهو للقبول بوقف النار. 
 
وروسيا معنية أيضاً بتقريب وجهات النظر بين أنقرة ودمشق، والدفع نحو تطبيع العلاقات بين الدولتين، بما يسهل العثور على حل سياسي للأزمة السورية، ويساعد في فك طوق العزلة السياسية والاقتصادية عن سوريا.  
 
ومن الطبيعي وسط هذه الحالة من عدم اليقين السائدة وارتفاع السخونة الإقليمية أن يكون التنسيق الروسي - السوري على مستوى القمة.    
 
مسألة أخرى جديرة بالاهتمام، وهي أن روسيا وسوريا دولتان تخضعان للعقوبات الغربية الواسعة النطاق، ما يفرض عليهما التعاون للالتفاف على هذه العقوبات بتوسيع العلاقات الاقتصادية بالدرجة الأولى.  
 
ويبقى الوجود العسكري الروسي في سوريا ركيزة أساسية للحفاظ على نفوذ موسكو في المتوسط، على الرغم من انصراف روسيا بشكل أساسي وتخصيص جزء كبير من مواردها للتعامل مع الحرب في أوكرانيا.  
 
وبطبيعة الحال، فرضت حرب غزة واحتمالات توسعها إلى جبهات أخرى انعقاد القمة الروسية - السورية في هذا التوقيت.
 

اقرأ في النهار Premium