النهار

إيران - إسرائيل: الردّ والردّ على الردّ...!
علي حمادة
المصدر: النهار العربي
لا نخال موعد 15 آب (أغسطس) سيكون حاسماً لجهة لجم إسرائيل في غزة، ولملمة المغامرة الإيرانية في لبنان وسوريا والعراق واليمن.
إيران - إسرائيل: الردّ والردّ على الردّ...!
لوحة في الطريق المؤدي إلى مطار بيروت تصور قاسم سليماني وفؤاد شكر وإسماعيل هنية، الذين تقول إيران إن اسرائيل اغتالتهم، مع التوعد بالانتقام لهم (أ ف ب)
A+   A-
لا يختلف اثنان على أن ايران و"حزب الله" تلقيا ضربتين موجعتين: الأولى باغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في قلب طهران وبضيافة "الحرس الثوري"، والثانية رأس الهرم في التنظيم العسكري في "حزب الله" ورئيس أركانه فؤاد شُكر، ليس في قلب الضاحية الجنوبية معقل الحزب المذكور فحسب، بل في قلب مربعه الأمني في حي "حارة حريك"، الذي يقيم فيه فوق الأرض وتحتها أهم القادة وعائلاتهم. 
 
لقد كانت ليلة 30-31 تموز (يوليو) الماضي محطة مفصلية في بيروت وطهران. خطورة المسألة أن الموقعين لهما حساسيتيهما الكبيرتين في ظل استمرار حرب غزة، ومضاعفاتها الخطيرة، في وقت يحاول فيه الأميركيون أن يوقفوا التدهور المتواصل على الأرض في غزة، معتبرين أن الحرب طالت كثيراً، وأن إسرائيل لم تعد تعي ما تقوم به، لا سيما أنها لم تحقق هدفاً رئيساً بالنسبة إلى المجتمع الإسرائيلي، أي إتمام صفقة تعيد من تبقى على قيد الحياة من الرهائن، وقسم مهم منهم من مزدوجي الجنسية. طبعاً، عجر الإسرائيليون عن شطب حركة "حماس" بالكامل، غير أنهم أثخنوها بالجراح، وأضعفوها إلى حد بعيد، حيث غابت في النهاية أهداف "حماس" المعلنة مثلما غابت أهداف حكومة بنيامين نتنياهو المعلنة.
 
وبشكل عام، بالنسبة إلى "حماس"، انتهت المطالبة بتبيض السجون من المعتقلين الفلسطينيين، وخفت الحديث عن إنهاء الاحتلال في الضفة الغربية، وتحرير القدس. المطالب الأساسية هي وقف إطلاق النار، وتسهيل حركة المواطنين بين الشمال والجنوب في قطاع غزة. بمعنى آخر، المطلب الرئيسي وقف المجزرة الإسرائيلية التي ترتكب في قطاع غزة. في المقلب الآخر، هدف إسرائيلي لم يتحقق تماماً حتى الآن، وهو تدمير "حماس" وتدمير سبل الحياة بشكل مديد في غزة. كل ذلك تحت عنوان الّا تعود غزة تشكل خطراً على أمن إسرائيل. ومن هنا تصميم حكومة بنيامين نتنياهو على مواصلة الحرب مهما كلف الأمر. فإتمام الصفقة هو فشلٌ ما لم تفرض القراءة الإسرائيلية لليوم التالي في غزة الذي يتلخص إما بتدمير كامل لـ "حماس" أو إخراج من بقي من قيادتها العسكرية والسياسية على قيد الحياة في منفى طويل الأمد ومؤطر. لذلك، لا نخال موعد 15 آب (أغسطس) سيكون حاسماً لجهة لجم إسرائيل في غزة، ولملمة المغامرة الإيرانية في لبنان وسوريا والعراق واليمن. 
 
تقديرنا أن ظروف عقد صفقة التبادل وهدنة الـ 45 يوماً لم تنضج بعد. وإدارة الرئيس جو بادين في أضعف مراحلها لمواجهة بنيامين نتنياهو المنفلت من الضوابط. وفي الوقت عينه، نرى إيران وذراعها في لبنان أي "حزب الله" عالقان في أعلى شجرة التصعيد. وللمرة الأولى منذ وقت طويل، باتت طهران - واستطراداً "حزب الله" - أسيرةً للحملات الدعائية التي تناولت مسألة الرد على اغتيال هنية وشُكر، في ما يبدو أنها لا تملك "ثمن" الذهاب في مغامرة توجيه ضربة مهينة لإسرائيل، من دون أن تجازف في تغيير وجهة الأزمة، عبر منح نتنياهو فرصة لتصفية حسابات عالقة أولاً مع "حزب الله" في لبنان، وثانياً مع إيران في سوريا، ولاحقاً في العراق. من هنا، فإن الرد الإيراني مغامرة كون نتنياهو يسعى إلى التصعيد، ويريده لإطالة أمد الحرب. وهو ينتظر خطأ ترتكبه إيران أو "حزب الله" من لبنان لفتح باب الرد على الرد إلى ما لا نهاية. 
 
والسؤال، كيف يمكن مساعدة طهران ووكيلها في لبنان على تجنب التهور وحفظ ماء وجهيهما في آن معاً؟
 

اقرأ في النهار Premium