عندما تنوي السعودية دعم إقتصادها، فهي تنجز ذلك عملياً عبر خطط يتم ترجمتها على أرض الواقع، وليس مجرد فرقعات إعلامية. موافقة مجلس الوزراء السعودي مؤخراً على نظام الاستثمار دليل جديد على تطبيق الركائز الاستراتيجية السعودية، وإبراز أهم المقومات الجذابة لرفع تدفق رؤوس الأموال الأجنبية.
هذا التطور الهام يعني المساواة في المعاملة بين المستثمر المحلي والأجنبي في المملكة. الأهداف هي توفير إجراءات عادلة للمستثمر، وتعزيز التنافسية، والمساهمة في التنمية الاقتصادية. كذلك يتم توفير فرص وظيفية، وضمان تكافؤ الفرص، سيما وأن القطاع الخاص رفع مشاركته في الأعمال التشغيلية إلى 20%. ولكن في نفس الوقت، علينا أن نتذكر معلومتين هامتين: قرار مجلس الوزراء الأخير بتمديد تحمل الدولة المقابل المالي على العمالة الوافدة عن المنشآت الصناعية حتى نهاية 2025، واستفادة 8 آلاف منشأة من تحمل الدولة المقابل المالي على العمالة الوافدة من 2019 وحتى نهاية عام 2023.
من ضمن الإنجازات السعودية الإيجابية مؤخراً تغطية شبكة الطرق بعوامل ومعايير السلامة، حيث وصلت إلى التصنيف السادس عالمياً في مؤشر جودة الطرق، كما انخفض عدد الوفيات على الطرق إلى أقل من 5 حالات لكل 100 ألف نسمة. الإنجازات جيدة، ولكنها وحدها لا تكفي؛ فالمملكة حريصة على مراقبة الأعمال التشغيلية، ومنها توجيه 1508 إنذار إلى المواقع المخالفة لنظام الاستثمار التعديني، وإجراء تحقيق في أسباب انقطاع الخدمة الكهربائية في شرورة.
عالمياً، المشهد لا يبشر بالخير. الحرب الكارثية في غزة تدخل شهرها الـ11 بدون حل في الأفق، واحتمال الرد الإيراني على اغتيال هنية، وأزمة السودان، وقصف لبنان، وقرصنة العملات المشفرة، والزلازل، والهزات الأرضية، والتحشيد العسكري في ليبيا كلها تحمل سيناريوهات "مدمرة". كذلك هناك التوغل الأوكراني في روسيا، وانتشار جدري القردة، ومظاهرات آلاف المناهضين للعنصرية في عدة مدن إنكليزية.
حتى المشهد الاقتصادي العالمي يوحي بسيطرة "السوق السوداء" على التعاملات الرئيسة. انهيارات أسواق المال رفعت احتمالات الركود الاقتصادي في أمريكا إلى 25%. ربما هذا دفع الإقبال على الأسهم الصينية بسبب قيمتها السوقية، وها هي الصين تتقدم بشكوى لمنظمة التجارة ضد الرسوم الأوروبية على السيارات الكهربائية. حتى رؤوس الأموال "الكبيرة" تشتكي؛ إيلون ماسك يقاضي الشركات المقاطعة للإعلان على منصة إكس، والملياردير وارن بافيت يخسر 6.7 مليار دولار، والين يتألم من تراجع قيمته الأصلية.
آخر الكلام: من ضمن التطورات الإقتصادية الهامة الأخيرة في السعودية، إرتفاع الأصول الاحتياطية للبنك المركزي السعودي إلى 467.7 مليار دولار، وخطة جادة لجذب أكثر من 100 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر سنوياً بحلول عام 2030، واستقرار التضخم السنوي في السعودية في يوليو عند 1.5%، كما سجلت البنوك السعودية في الربع الثاني من هذا العام أعلى أرباح فصلية في تاريخها عند 19.54 مليار ريال بنمو 13.1% عن العام الماضي، وشركة أرامكو تقود العالم في الثورة الصناعية الرابعة.
*كاتب سعودي