هل اقتربت نهاية بنيامين نتنياهو في الحكم؟ هذا هو السؤال المطروح بقوة اليوم، مع تقاطع التظاهرات الأكبر في تل أبيب ضد رئيس الوزراء منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، مطالبةً الحكومة بإنجاز الصفقة لإطلاق الرهائن الاسرائيليين في عملية تبادل مع حركة "حماس"، يخرج بموجبها عددٌ كبير من المعتقلين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية. وبالطبع، تبدأ العملية بهدنة لمدة 6 أسابيع، وبتراجع القوات الإسرائيلية عن محور نيتساريم، والأهم عن محور فيلادلفي.
للتذكير، شكلت قضية المحورين المشار إليهما العقدة الكأداء أمام الوسطاء، بعدما دارت الأمور بين أخذ وردّ أسابيع عدة، لا سيما بعدما وصلت الأمور في المنطقة إلى حافة الانفجار في بداية آب (أغسطس) الفائت، مع اغتيال كلّ من رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الراحل إسماعيل هنية في طهران، وأعلى شخصية عسكرية في "حزب الله" فؤاد شكر في قلب الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت.
ليلة أمس، حشد أهالي الرهائن الإسرائيليين في غزّة أعداداً غفيرة من المتظاهرين كردّة فعل على الخبر السيء الذي تلقّوه في مطلع نهار أمس الأحد، الذي أفاد بمقتل 6 رهائن جرت تصفيتهم على يد حراسهم، بحسب رواية الجيش الإسرائيلي، بعدما اقتربت قوات إسرائيلية من النفق حيث كانوا محتجزين. ويبدو أن الخبر، معطوفاً عليه خبر مقتل 3 من رجال الشرطة في أحد محاور الضفة الغربية، فعل فعله وربما شكّل القطرة التي أفاضت الكأس.
ففي ساعات قليلة، كان اتحاد النقابات العمالية "الهستدروت" يُعلن عن إضراب عام اليوم الاثنين، ليس تحت عنوان مطلبي عمالي، إنما تحت عنوان الاحتجاج على سياسة نتنياهو ومماطلته في المفاوضات لعقد صفقة لإطلاق الرهائن. ومعلومٌ أن "الهستدروت" يركّز فعالياته حول القضايا المطلبية الاقتصادية والاجتماعية. وهنا، ثمة تطوّر حصل على مستوى الاتحاد النقابي الأكبر في إسرائيل، كي ينتقل من الحراك المطلبي إلى الحراك السياسي في أقل من بضع ساعات.
وبالنظر إلى أن تظاهرة ليلة أمس الأحد كانت من أكبر التظاهرات، فقد أتت متزامنة مع إعلان "الهستدروت" الإضراب العام في مسعى لشلّ حركة البلاد الاقتصادية للضغط على نتنياهو لقبول الصفقة المعروضة من "حماس" والوسطاء. ولعل انفجارَ الخلاف مؤخراً بين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، وتقصُّدَ جهة ما داخل الحكومة المصغّرة الكشف عن مضمون السجالات الحادة بين الرجلين في اجتماع يوم أمس، أشّرا إلى أن ثمة قراراً اتخذ في مكان ما لزعزعة قيادة نتنياهو، المتّهم بأنه يعرقل عن قصد أي صفقة لتبادل الأسرى والرهائن، ويطبق قراراً ضمنياً بوضع حياة الرهائن الإسرائيليين في ذيل أولويات القرار السياسي.
قد يكون واقعُ أن واحداً من بين الرهائن الستة، الذين قتلوا صباح يوم أمس، يحمل الجنسية الأميركية، قد أجج أكثر علاقة متوترة بين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن، الذي لا يُخفي انزعاجه من رئيس الوزراء الإسرائيلي، وانتقاداته اللاذعة له. ومنتقدو نتنياهو يرفضون ادعاءه بأن طريقته في الضغط العسكري هي التي ستعيد الرهائن. لكن، في هذه الأثناء، يستمر تناقص أعداد الأحياء منهم بشكل يومي. والرقم الفعلي لمن لا يزالون على قيد الحياة غير معروف تماماً. ومن هنا، ينظر المراقبون إلى أحداث يوم أمس الاحد، إضافة إلى ما سينتج عن الضغط من طريق إضرابات "الهستدروت"، على أن ثمة تقاطعاً كبيراً بين قوى سياسية محلية وخارجية (الإدارة الأميركية التي تريد إنهاء حرب غزة في أسرع وقت) تسعى لإسقاط نتنياهو بالضربة السياسية القاضية قبل الانتخابات الأميركية في 5 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
فهل يكون يوم الجثث الستة يوم بداية سقوط نتنياهو؟ أم ينجح في الإفلات من التحدي السياسي الجديد؟