النهار

آل الشيخ وخطاب التكامل الخليجي والروح المشتركة!
حسن المصطفى
المصدر: النهار العربي
السعي إلى أن يكون "الشرق الأوسط هو أوروبا الجديدة" يتطلّب أن تتحلّى شعوب دول مجلس التعاون الخليجي بالكياسة وبُعد النظر
آل الشيخ وخطاب التكامل الخليجي والروح المشتركة!
من إحدى قمم مجلس التعاون لدول الخليج العربية (أ ف ب)
A+   A-
أكثر من مليوني مشاهدة - في وقت قصير - حازها الفيديو الذي نشره رئيس "الهيئة العامة للترفيه" في السعودية المستشار تركي آل الشيخ، عبر حسابه في منصة "إكس"، في 31 آب (أغسطس) الماضي، وتحدث فيه للإعلامي الكويتي عمار تقي عن رؤيته للشراكة بين دول مجلس التعاون الخليجي، وإيمانه بأن هذه الدول تكمّل بعضها بعضاً، وأن التنافس الإيجابي الذي يعود بالخير على الجميع هو الطريق الأقوم، وهو ما على الناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي أن يتنبهوا إليه، عوضَ النقد السلبي أو إثارة الضغائن.
 
هذه المشاهدات المليونية عبر منصة "إكس"، فضلاً عن التداول الواسع للفيديو من خلال تطبيقات مثل "واتساب"، دليل على مدى التأثير الكبير لحديث تركي آل الشيخ، وهو بالمناسبة ليس حديثاً جديداً، بل مقتبس من حوار عبر منصة "شاشا" منذ أشهر خلت، إلّا أنه أعاد وذكّر المتابعين به، مشدّداً على أنها "قناعة راسخة لدى السعوديين قيادةً وشعباً".
 
يشير تفاعل المواطنين في الخليج العربي مع هذا الحديث إلى وجود روح وإرادة واسعة جداً، تؤمن بأن دول مجلس التعاون هي منظومة تتكامل بعضها مع بعض، وأن مستقبلها مشترك، خصوصاً في ظل الظروف الأمنية والسياسية الصعبة التي تمرّ فيها منطقة الشرق الأوسط، واستمرار الحروب والأزمات المحيطة، ما يجعل العمل على تحصين المجتمعات الخليجية والحفاظ على المكتسبات أمراً غاية في الأهمية. فالخليج ينعم بالأمن والاستقرار، وتنشط دوله في مشاريع مستقبلية عدة، تهدف إلى تطوير بنية الدولة وتحديث القوانين والتشريعات وتنويع مصادر الدخل وتخفيض نسبة البطالة وزيادة مستوى جودة الحياة، كما ترسيخ قيم العدالة والنزاهة والمواطنة الشاملة وسيادة القانون، في تحول تدريجي جاد وحقيقي، مبني على العلم والتقنية ومشاركة مختلف القطاعات الحكومية والأهلية، كي يكون "الشرق الأوسط هو أوروبا الجديدة"، كما قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والذي أكّد أن "هذا الهدف سيتحقق 100%".
 
السعي إلى أن يكون "الشرق الأوسط هو أوروبا الجديدة" يتطلّب أن تتحلّى شعوب دول مجلس التعاون الخليجي بالكياسة وبُعد النظر، وألّا ينجرّ بعض الناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي إلى معارك جانبية عبثية، تغذي النزاعات البينية، أو تثير النعرات الطائفية والقبلية والعنصرية، لأن مثل هذه الخطابات التأزيمية تفتت المجتمعات، وتجعلها تنخرط في أحقاد عمياء، وتحرفها عن الهدف الأساسي والمتمثل في العمل من أجل التنمية.
 
من هنا، حذّر المستشار تركي آل الشيخ في تدوينة له، عبر حسابه في منصة "إكس" في 10 آب (أغسطس) الماضي، قائلاً: "يجب الحذر من هذه الحسابات التي تزرع الفتنة وتسبب المشاكل"، مضيفاً: "أرجوكم احذروا ممن يدسّ السمّ في العسل بيننا لأهداف واضحة"، معتبراً أن "نجاح أي شخص أو بلد في الخليج هو نجاح للخليج كله".
 
هذه التغريدة التي شاهدها أكثر من 8,4 ملايين شخص، كانت صريحة في رسالتها، واضحة في أن قوة الخليج بوعي أبنائه وتعاونهم، وليس في الانجرار خلف مثيري الفتن.
 
في 2 أيلول (سبتمبر) الجاري، كتب د. أنور قرقاش، المستشار الديبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، عبر منصة "إكس"، ما نصّه: "جهود مهمّة وجادة للتصدّي للحسابات المسيئة لدولنا الخليجية والساعية لتحقيق أهداف مختلفة عبر نشر الفتنة وخلخلة النسيج الاجتماعي الخليجي. دعوة نبيلة ومبادرة حكيمة لمعالي تركي آل الشيخ ومعالي عبدالله آل حامد، تعكس الحرص المشترك للتوعية بأهمية المشاركة لمكافحة هذه الظاهرة الخبيثة".
 
هذا التأييد من د. قرقاش لجهود آل الشيخ وآل حامد، علّق عليه المستشار آل الشيخ بقوله: "معالي الغالي د. أنور... دائماً جميل بعباراتك وأسلوبك وراقٍ بطرحك... تحياتي لك وأهلي في بلدي الثاني الإمارات". ليجيبه د. قرقاش تالياً: "شاكر لك رسالتك الكريمة معاليك ومقدّر جهودك في توحيد الصف والكلمة، خليجنا بحاجة الى تعزيز التكامل والتعاون وتدخّلك المبكر والحريص نثمنه جميعاً ولا نستغربه، دعواتي لك بالصحة والتوفيق".
 
تعمّدتُ أن أنقل بالنص ما كتبه المستشار تركي آل الشيخ ود. أنور قرقاش، لأن ذلك يقدّم نموذجاً واضحاً وناصعاً عن موقف رجال الدولة، والحوار الراقي، والخطاب المسؤول والحريص على أمن وتنمية واستقرار دول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما على الكتّاب في وسائل التواصل الاجتماعي أن يتنبهوا إليه، وأن يأخذوا منه العبرة، لأن صيانة كيان الدول مسؤولية مشتركة على الجميع النهوض بها بحكمة ووعي.
 

اقرأ في النهار Premium