النهار

بزشكيان يكتشف أن لديه أخاً من أمّ لم تلده!
علي حمادة
المصدر: النهار العربي
لعل اعتماد الرئيس الإيراني الجديد لهجة تصالحية مع الولايات المتحدة وصل الى حد القول "نحن والأميركيون أخوة" كشف مدى تقدم العلاقات بين إيران وإدارة الرئيس جو بايدن في واشنطن
بزشكيان يكتشف أن لديه أخاً من أمّ لم تلده!
بزشكيان يتحدث الى الصحافيين في طهران. (أ ف ب)
A+   A-
 
كان لافتاً كلام الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان في أول مؤتمر صحافي يعقده بعدما تسلم سلطاته الدستورية رئيساً لـ"الجمهورية الإسلامية" لولاية مدتها أربع سنوات، عندما قال بعدما انتقد سياسة الولايات المتحدة التي وصفها بمعاداة إيران: "نحن والأميركيون أخوة"! وتزامن هذا التصريح مع إعلان بزشكيان وضع قيود على ممارسة شرطة الأخلاق صلاحياتها عبر عدم السماح لها بمضايقة النساء في ما يتعلق بارتداء الحجاب الإلزامي قانوناً.
 
ومن المهم التوقف عند هذا الاجراء الذي يأتي في الذكرى السنوية الثانية لقتل الشابة مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق في أحد مراكزها اثر اعتقالها بتهمة عدم ارتداء الحجاب بشكل صحيح. والحقيقة أن هذه الحادثة أثارت المجتمع الإيراني، ليس في المدن فحسب، بل امتدت الى الأرياف أيضاً في ما وصف بـ"ثورة المرأة، الحياة، الحرية" التي هزت أركان النظام الإيراني بقوة، خصوصاً أن المرشد علي خامنئي كان قد رسم معالم تركيبة النظام للمرحلة الانتقالية التي تتميز بمعركة تجري بعيدا عن الأضواء تدور حول مسألة خلافة المرشد الأعلى للنظام. 
 
وإذا كان وعد الرئيس الإيراني للمرأة الإيرانية يعد ترجمة لتفاهمات بينه وبين المرشد تهدف الى منح النظام بعض الأوكسيجين الداخلي تلافياً لاحتمال انفجار الشارع مرة جديدة بشأن الموضوع، يبدو أن ثمة موجة شعبية عارمة تؤيد منح المرأة حرية عدم ارتداء حجاب أو لباس إلزامي كما يريد الجناح الأصولي في النظام.
 
وجدير بالذكر أن الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي الذي قتل في نهاية شهر أيار (مايو) الماضي في الحادثة الغامضة لسقوط طائرة هليكوبتر كان قد واجه مع الدولة العميقة القائمة على تحالف المؤسستين العسكرية – الأمنية والدينية الأصولية الثورة وقمعها بعنف كبير مسقطاً أكثر من 600 قتيل بينهم عدد كبير من النساء والشبان. وجرى اعتقال اكثر من 19 ألف شخص. لكن مقتل رئيسي الذي أخرج الثورة من الشارع من دون أن تخرج من البيوت والنفوس، شكل مناسبة ملائمة للمرشد لكي يعيد النظر في السياسة المتبعة، أولاً من خلال إيصال مسعود بزشكيان الإصلاحي الى سدة الرئاسة، ثم بانتهاج سياسة انفتاح مدروسة وغير عميقة، أولاً تجاه المرأة في الذكرى السنوية الثانية لقتل مهسا أميني، وعلى مستوى آخر منح بزشكيان هوامش إضافية للعودة الى التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن برنامج إيران النووي، وفتح قنوات التواصل على مصراعيها في الدوحة أو في مسقط.
 
ولعل اعتماد الرئيس الإيراني الجديد لهجة تصالحية مع الولايات المتحدة وصل الى حد القول "نحن والأميركيون أخوة" كشف مدى تقدم العلاقات بين إيران وإدارة الرئيس جو بايدن في واشنطن. فما من أحد يشك للحظة واحدة في أن المرشد شخصياً يقف خلف بزشكيان ليجرؤ على الإدلاء بكلام من هذا القبيل، مثلما يقف خلفه لكي يتعهد منع "شرطة الأخلاق" من مضايقة النساء في ما يتعلق بقضية الحجاب. 
 
ما سبق إن دلّ على شيء، فإنه يدل على أن رأس الهرم في النظام الإيراني بدأ يلتفت الى التحديات الداخلية الخطيرة التي يواجهها. فثورة المرأة قبل عامين كانت بمثابة جرس انذار ينبئ بمدى تقوّض الصيغة التي سادت منذ 1979. في الأثناء بزشكيان يشهر بغطاء من المرشد أخوّة إيران وأميركا! 
 
 

اقرأ في النهار Premium