*موسی أفشار
إن سقوط المروحية الذي أدى إلى مقتل الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان وعدد من كبار مسؤولي النظام الإيراني، قد أثار هزات قوية في أركان نظام الملالي. كما دفع المرشد الأعلى علي خامنئي إلى اتخاذ خطوات استباقية لمنع تفاقم الأزمة.
أنّ علامات الارتباك والقلق ظهرت جليّةً على النظام منذ اللحظات الأولى للحادث، حيثُ سعى إلى التكتم على الخبر وتأخير إعلانه لحوالي 18 ساعة، خوفًا من تبعات هذا الحدث وتأثيره على الرأي العام الداخلي والخارجي. فقد عقد مجلس الأمن الأعلى اجتماعًا طارئًا في مكتب خامنئي، حيثُ أصدر تعليماتٍ صارمةٍ لقوات الحرس الثوري وقوات القمع الأخرى برفع حالة التأهب القصوى استعدادًا لأيّ طارئ.
وکان إبراهيم رئيسي قد شغل مناصبَ حسّاسةً في النظام الإيراني خلال العقود الماضية، بدءًا من تولّيه منصب نائب المدعي العام في طهران في أوائل الثمانينيات، حيثُ لعب دورًا رئيسيًا في مجزرة السجناء عام 1988، والتي راح ضحيتها ثلاثین ألف من السجناء السياسيين أغلبیتهم من مجاهدي خلق. كما شغل منصب نائب رئيس السلطة القضائية ومدعي عام إيران، قبل أن يُعيّنه خامنئي رئيسًا لمؤسسة "آستان قدس رضوي"، [ السدنة الرضویة] وهي إحدى أكبر المؤسسات المالية في النظام. وتوّج خامنئي مسيرة رئيسي بتعيينه رئيسًا للسلطة القضائية عام 2019، ثمّ رئيسًا للجمهورية عام 2021.
أنّ ثقة خامنئي المطلقة في رئيسي تعود إلى مشاركتهما في مجزرة السجناء، والتي شكّلت نقطة تحوّلٍ في تاريخ النظام الإيراني. فمن خلال هذه المجزرة، تمّ تطهير النظام من معارضيه، وتوحيد صفوفه تحت قيادة خامنئي.وبدأت خطة خامنئي لتثبيت سلطته بتعيين رئيسي في مناصبٍ حسّاسةٍ ذات نفوذٍ كبير، بدءًا من المؤسسات الاقتصادية، ثمّ السلطة القضائية، وصولًا إلى رئاسة الجمهورية.
وخلال السنوات الخمس الماضية، واصل خامنئي تطهير أجهزة النظام المختلفة، بمساعدة رئيسي، ممّا أدّى إلى هيمنة الحرس الثوري على جميع مفاصل الدولة حیث أنّ وجود رئيسي على رأس السلطة التنفيذية سمح للحرس الثوري باستخدام جميع إمكانيات الدولة لخدمة أهدافه، بما في ذلك الترويج للحرب وتصدير الإرهاب.
الآن وبعد هلاك إبراهيم رئيسي يشعر خامنئي بهزة الإطاحة في مجمل اركان نظامه وأمامه خياران:
- إما أن يتجرع السُمّ ويقبل الشرخ في رأس النظام، ففي هذه الحالة، سوف ينكسر جدار القمع في المجتمع الإيراني وسيتسع نطاق الانتفاضات إلى مستويات غير مسبوقة وسيتم الإطاحة بالنظام
- أو يبقى كما هو الحال دائما على خط الانكماش والقمع والتصفية داخل البلاد وإثارة الحرب والتدخل في شؤون الدول الأخرى في المنطقة والأسلحة النووية.
وبسبب حالة التفجرالشاملة للمجتمع من المتوقع أن يتجه خامنئي، كما في الماضي، ليسلك نفس مسار الانكماش والقمع في المنطقة وتصدير الأزمات والإرهاب وإشعال الحروب في المنطقة لكونه ليس لديه طريقة أخرى للبقاء على قيد الحياة في نظامه وممارسة هيمنته، وفي هذه الحالة ستكون الإطاحة بالنظام حتماً في الاحتمال القريب.
ومن هنا یمکننا أن نجزم القول بأن سقوط مروحیة «رئیسي» ومصرعه، بالنسبة لخامنئي ليس خسارة شخص واحد، بل يعني بعمق تلقي ضربة استراتيجية خطيرة في ممارسة الهيمنة والسيادة وتبخر استراتيجية خامنئي بأكملها من أجل البقاء حیث بات نظام ولایة الفقیه برمته یتدحرج نحو هاویة السقوط.
سيحاول خامنئي السيطرة على هذه الأزمة من خلال تصدير المزيد من الإرهاب وإثارة الحروب في المنطقة، ولكن بسبب نمو القوى المنظمة لمقاومة الشعب الإيراني داخل البلاد وحرق كل جهود خامنئي لتوحيد أركانه والتي تلاشت بعد هلاك رئيسي، سيخسر خامنئي بلا شك حربه مع الشعب الإيراني..وغدًا لناظره قریب.
*عضو لجنة الشؤون الخارجیة فيالمجلس الوطني للمقاومة الإیرانیة