خالد العزي
مشكلة جديدة تعكر صفو العلاقات الهندية الصينية حالياً، ويجري مسؤولون هنود وصينيون حواراً بشأن كيفية تجنب الاشتباكات على طول خط التماس الذي يحل محل الحدود بين القوتين في جبال الهيمالايا. ولم تحدث أي اشتباكات بين الطرفين منذ عام 2020، لكن في القطاع الشرقي، بجوار التبت الصينية، هناك صراع من نوع مختلف يلوح في الأفق. فقد قررت حكومة الهند بناء 12 محطة للطاقة الكهرومائية في ولاية أروناتشال براديش. المشكلة هي أن بكين تعتبر هذه الولاية من أراضيها. وهناك شائعات عن أنها قد تبني سدوداً على نهر براهمابوترا الذي يزود المدن والقرى الهندية بالمياه.
وتقول الحكومة الهندية إنّها تخطط لإنفاق مليار دولار لتسريع بناء محطات الطاقة الكهرومائية في الولاية. وربما تؤدي هذه الرغبة إلى زيادة التوترات مع الصين التي تدّعي أنّ أراضي المنطقة تابعة لها. ومع ذلك، ستعلن حكومة ناريندرا مودي عن رغبتها في 23 تموز (يوليو) الجاري. في السابق كان المخطط إيكال البناء إلى شركات خاصة، لكن السلطات الهندية لم تبدأ العمل بها حتى اليوم. وكان لا بد من مشاركة حكومات الولايات في شمال شرق البلاد والشركات المملوكة للدولة في التمويل. ويعتقد الخبراء أن هذا يساعد في تنفيذ الخطة.
التقت الهند والصين في ساحة المعركة عام 1962. وخسرت الهند تلك الحرب. ولا تزال الحدود التي يبلغ طولها 2.5 ألف كيلومتر غير متفق عليها بين الطرفين. تدّعي الهند أن أروناشال براديش جزء لا يتجزأ من أراضيها، فيما تزعم الصين في المقابل أنها جزء من جنوب التبت. وعلى هذا الأساس فهي تحتج على تنفيذ الهند مشاريع البنى التحتية هناك، وعدم ترسيم الحدود قد يؤدي بالطرفين إلى مشكلات معقدة.
ويمكن الاستنتاج من خلال المعلومات الواردة من وسائل الإعلام المحلية والدولية أن الهند اضطرت إلى تسريع بناء محطات الطاقة الكهرومائية بسبب التقارير التي تفيد بأنّ بكين قد تبني سدوداً على نهر براهمابوترا (وهذا النهر يسمى في الصين يارلونغ تسانغبو) الذي ينبع من التبت ويتدفق عبر أروناتشال براديش.
وتحدث وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار مع نظيره الصيني وانغ يي في كازاخستان خلال قمة منظمة شنغهاي للتعاون الأخيرة، وتم التوصل إلى اتفاق لتكثيف الجهود لحل النزاع الحدودي. ولكن هل هذه المهمة ممكنة؟ المفاوضات مستمرة منذ عقود، وحقيقة تعهد الجانبين عدم إطلاق النار أمر جيد بالفعل، ومع ذلك، فمن المشكوك فيه أن يبدأ الطرفان قريباً في مناقشة مشكلة محطات الطاقة الكهرومائية والسدود.
ومن ناحية أخرى، لم يضع أحد غير رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي شخصياً الحجر الأساس لمحطة الطاقة الكهرومائية في وادي ديباناج في أروناتشال براديش. وهو أعلن أن هذا سيكون أعلى سد في الهند، بارتفاع مئتين وثمانبة وسبعين متراً.
ومع ذلك، يشير منشور الطاقة إلى أنّ بناء محطة للطاقة الكهرومائية في شمال شرقي البلاد ليس حلاً سحرياً للمنطقة. المشاريع تتطلب تكاليف باهظة وتضر بالبيئة ولا تراعي مصالح الناس في الأماكن التي سيتم البناء فيها. ويخشى بعض السكان المحليين من أن يؤدي البناء إلى الإضرار بالغابات التي يحصل الناس على طعامهم منها.
لكن المنشورات في المدن البعيدة عن أروناتشال براديش لا تميل إلى دعم احتجاجات السكان الأصليين. كتبت صحيفة "تايمز أوف إنديا"، الأكثر قراءة على نطاق واسع، أنّ الهند يجب أن تبني محطات للطاقة الكهرومائية لأنّ الصين التي تسيطر على السدود الواقعة على الروافد العليا لنهر براهمابوترا، يمكن أن تشن حرب مياه ضد الهند.
ويعتبر مدير "مؤسسة أوبزرفر للأبحاث" في مومباي، نيلانجان غوش، هذه الحجة سهلة للسببين التاليين: أولاً، تدخل معظم المياه إلى نهر براهمابوترا بعد عبورها إلى الأراضي الهندية. ثانياً، هناك بعض التفاعل بين الهند والصين، إذ يتبادل المسؤولون في البلدين التحذيرات من الفيضانات خلال موسم الرياح الموسمية.
وعلى هذا الأساس، ترغب كل من بكين ونيودلهي في حلّ خلافاتهما في ظل علاقة الصين المتوترة مع أميركا وعلاقة الهند المتوترة أيضاً مع باكستان. فالبلدان بحاجة إلى الاستقرار على حدودهما المشتركة ليتفرغا إلى مشكلاتهما الأخرى الأكثر تعقيداً.