العميد تشنغ يو تشونغ*
في الأول من تمّوز/(يوليو) من هذا العام، أكّد شي جين بينغ، رئيس جمهورية الصين الشعبية، في مؤتمر إحياء الذكرى الـ70 لطرح المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، أنّ الصين "ستستمر في تكريس المبادئ الخمسة للتعايش السلمي، والعمل مع دول العالم يداً بيد على دفع بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، ما يقدم مساهمات جديدة وأكبر للحفاظ على السلام في العالم ودعم التنمية المشتركة".
وصلت قوة حفظ السلام الصينية في قوة الموقتة التابعة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل) إلى منطقة المهمة للمرّة الأولى في آذار (مارس) 2006، وأكملت 21 دورة مناوبة حيث أرسلت ما يزيد عن 7700 عنصر من قوة حفظ السلام. بعد اندلاع مرحلة جديدة من الصراعات الإقليمية، ظلّت قوة حفظ السلام الصينية تضع في اعتبارها مهمتها الأصلية، فالتزمت مواقعها، وقدّمت مساهمات إيجابية في قضية حفظ السلام العالمي وتعزيز التنمية المشتركة، وأظهرت صورتها كقوة داعية للسلام والعدالة والحضارة.
أوّلاً: إزالة مخاطر الألغام محَلياً بفعّالية
وعلى مدى السنوات الـ18 الماضية، ساهم ضباط قوة حفظ السلام الصينية وجنودها، دفعة بعد دفعة، بجهودهم الدؤوبة في تعزيز السلام والاستقرار في جنوب لبنان، فأكملت قوة حفظ السلام الصينية التنقيب عن أكثر من مليوني متر مربع من حقول الألغام المشبوهة ومناطق المتفجرات المتناثرة على "الخط الأزرق"، ونفّذت دوريات أمنية على مساحة 84 ألف متر مربع، وأزالت أكثر من 20 ألف لغم أرضي وغيرها من مختلف أنواع الذخائر غير المنفجرة. كما أنّ قوة حفظ السلام الصينية مسؤولة بانتظام عن مهمات إزالة الألغام وتفجير الذخائر في منطقة المهمة، وهي دائماً على أهبة الاستعداد للتعامل مع حالات الطوارئ المختلفة. وبفضل الجهود المشتركة التي بذلها ضباط قوة حفظ السلام الصينية وجنودها في إزالة الألغام، تمّ بنجاح إكمال التحقيق في قضية إصابة المراقبين العسكريين التابعين لـ"اليونيفيل"، وحادثة القنبلة العنقودية التي حصلت بالقرب من الخط الأزرق، وحادثة تعرّض قوة حفظ السلام الصديقة لتبادل إطلاق النار من الجهات الأخرى وغيرها من المهمات. واليوم، ما زالت تحظى مهمة إزالة الألغام الناجحة التي تقوم بها القوة الصينية بمتابعة واعتراف من دول العالم باستمرار، وأصبحت بمثابة بطاقة تعريف متلألئة لـ"اليونيفيل"، وأصبحت صور ضباط وجنود حفظ السلام الصينيين الذين يقومون بمهمات إزالة الألغام مشهداً فريداً من نوعه على "الخط الأزرق".
ثانياً: تنفيذ أعمال البناء بمعايير عالية
تقف قوة حفظ السلام الصينية دائماً على جبهة الخطر من أجل خلق بيئة آمنة ومستقرة من خلال الإجراءات العملية. أظهر الضباط وجنود حفظ السلام الصينيون روحهم القتالية الصلبة وجهودهم العازمة، وأكملوا أكثر من 13000 مهمة أعمال البناء بمعايير عالية، مثل بناء مراكز مراقبة معززة على "الخط الأزرق" على الحدود بين لبنان وإسرائيل، وإصلاح طرق الدوريات، وزراعة البراميل الزرقاء، ونقل المواد الهندسية. ومع استمرار توتّر الوضع الإقليمي هذا العام، نفّذ جنود حفظ السلام الصينيون أوامر قيادة "اليونيفيل" بحزم واستقبلوا المهمات الموقتة مرات عدة، فقاموا بمساعدة "اليونيفيل" والكتيبة الغانية والكتيبة الأيرلندية والكتيبة الإيطالية وغيرها من قوات حفظ السلام الصديقة في إصلاح ملاجئ للحماية من الغارات الجوية ونقل المواد الهندسية ورفع الجدران ذات الشكل T وبناء التحصينات ومساعدة القوات الصديقة على تحسين مستوى الحماية لكتائبها.
على خلفية النيران والدخان، وفي مواجهة صراعات تبادل إطلاق النار المفاجئة، أنجز "أصحاب الخوذ الزرقاء" الصينيون بحزم مهمات مختلفة بأسلوب ممتاز ومعايير من الدرجة الأولى في منطقة المهمة في لبنان، وقد حظيت "المعايير الصينية" و"العلامات الصينية" و"السرعة الصينية" بإشادة مشرّفة وواسعة النطاق.
ثالثاً: بذل الجهود لحلّ المشكلات الطبية لدى الأهالي في القرى اللبنانية
"شكراً لكم، الجنود الصينيون هم الأفضل!" هذا هو الثناء الصادق الذي ناله الجنود الصينيون من السكان المحليين في منطقة المهمة بعد تلَقّيهم العلاج في المستشفى الصيني من المستوى الأول، فعلاج الأمراض وإنقاذ الأرواح وحماية صحة الأهالي هي أيضاً من مهمات "أصحاب الخوذ الزرقاء" الصينيين ومسؤولياتهم. يقدّم الضباط والجنود الطبيون في قوة حفظ السلام الصينية خدمات طبية بنشاط للقرويين المقيمين وقوات حفظ السلام الصديقة، فقد عالجوا أكثر من 90 ألف شخص وأجروا أكثر من 2500 عملية جراحية. وعند وقوع الحوادث، لطالما كان الفريق الطبي الصيني قادراً على أداء المهمة، فقام بمختلف عمليات الإنقاذ والنقل والإخلاء في حالات الطوارئ، سعياً لحماية حياة السكان المحليين وقوات حفظ السلام الصديقة وصحتهم. وبالإضافة إلى العلاج الطبي اليومي، يتبرّع "أصحاب الخوذ الزرقاء" الصينيون بانتظام بالمعدات الطبية والضروريات اليومية للمدارس المحلية والقرى المحيطة، كما أنشأوا مراكز طبية محلية، وقام الأطباء الصينيون بزيارات منتظمة للقرى، حيث وزّعوا الأدوية الشائعة الاستخدام للأهالي، ما خفف بفعّالية من صعوبة الحصول على العلاج الطبي، فأثبت الجنود الصينيون بأفعالهم مشاعرهم الحقيقية والدافئة للشعب اللبناني.
رابعاً: تقديم المساعدات الإنسانية
في فترة أداء المهمة في جنوب لبنان، يعمل "أصحاب الخوذ الزرقاء" الصينيون أيضاً على تنفيذ أنشطة المساعدة الإنسانية، لنشر الحب والأمل في القرى والمدارس المحلية. زارت قوة حفظ السلام الصينية العديد من المدارس في جنوب لبنان وتبرعت بالطاولات والكراسي والحقائب المدرسية واللوازم الثقافية والرياضية وغيرها من المواد، وقامت ببناء ملاعب كرة القدم وغرف المولدات للمدارس، وتجديد غرف الصفوف الدراسية، وإصلاح مرافق المياه والكهرباء وغيرها. كما ساعدت هؤلاء السكان المحليين في تركيب المكيفات ومعالجة مياه الصرف الصحي وإصلاح الآلات. على الرغم من أن هذه الإجراءات الصغيرة تستمر بتعميق الصداقة الثمينة بين الشعبين الصيني واللبناني. عندما تخرج قوة حفظ السلام الصينية من مراكزها لأداء مهماتها، يرحب بها السكان المحليون دائماً ويبتسمون، رافعين أباهمهم، قائلين "China Good!"، وهذا تقدير مشرِّف واعتراف صادق بالفضائل التقليدية لقوة حفظ السلام الصينية المستعدة دائماً لفعل الخير، كما أنّها إجابة مرضية قدّمتها دفعة بعد دفعة من قوة حفظ السلام الصينية من خلال جهودهم المشتركة.
خامساً: القيام بنشاط بالتبادلات الخارجية
الالتزام بمفاهيم التسامح والانفتاح والتعلم المتبادل والسعي إلى التقدم المشترك، تتعلّم قوة حفظ السلام الصينية وقوات حفظ السلام الصديقة وسكان القرى المحلية والجيش اللبناني من نقاط القوة لدى بعضهم بعضاً من أجل توطيد علاقات الصداقة التي تجمع بينهم. على مرّ السنين، نظّم "أصحاب الخوذ الزرقاء" الصينيون وشاركوا بنشاط في مختلف أنشطة التبادل الثقافي مثل حفل مهرجان عيد الربيع، ومهرجان الثقافة والمأكولات الصينية واليوم العالمي للغة الصينية وغيرها من الأنشطة، حيث قاموا بأداء البرامج الثقافية الصينية التقليدية، وإعداد الطعام الصيني، وسرد القصص الصينية، ما جعل المزيد من الأصدقاء من جميع أنحاء العالم يتعرفون أكثر إلى الصين ويحبونها. وشاركت قوة حفظ السلام الصينية بمراسم التسليم والتسلّم والمهرجانات الثقافية وغيرها من الأنشطة التي نظمتها القوات الصديقة مثل كوريا الجنوبية وغانا وبولندا. كما تبادلت الخبرات في مجال إزالة الألغام والتخلص من المتفجرات مع الكتيبة الفرنسية والكتيبة السريلانكية، وتعلمّت من الخصائص الثقافية والخبرات المهنية لكل منها. وقد شاركت أيضاً في مباريات كرة القدم الودية مع المعلمين والطلاب المحليين، وقدمّت دروس اللغة الصينية، ودروس الطب الصيني، ودروس الكونغ فو وغيرها، من أجل توفير الفرصة للآخرين للشعور بسحر الثقافة الصينية التقليدية وتعميق الصداقة المتبادلة.
إنّ الحفاظ على السلام العالمي وتعزيز الأمن العالمي وتحقيق الرخاء المشترك هي مسؤوليات المجتمع الدولي المشتركة ومهمة الجيش الصيني المقدسة. ستلتزم قوة حفظ السلام الصينية دائماً بمقاصد "ميثاق الأمم المتحدة" ومبادئه، وستعمل بنشاط على بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية، وتنفيذ عمليات إزالة الألغام بأمان وكفاءة، وإكمال مهمات الإنشاء بنشاط وثبات، وتقديم المساعدة الطبية بصرامة ودقة، من أجل ضخ المزيد من الطاقة الإيجابية في السعي إلى تحقيق السلام والتنمية العالميين، والمضي قدمًا بشجاعة للحفاظ على السلام العالمي.
*الملحق العسكري الصيني في لبنان