بهدوء عاش وعلى نقاء المبدأ وصلابة الرأي رحل.
جورج قرم الأكبر من الالقاب، و الأكثر عمقاً من محيطات العلم و المعرفة، و الأرقى من المناصب السياسية و المراتب الاجتماعية يترك صورته في ذاكرة عارفيه وقادري فكره، ويخلق فراغاً واسعاً في ميادين الاقتصاد والاكاديمية والسياسة الوطنية البيضاء.
هو على مدى جهده التأليفي ومسؤولياته الاكاديمية، لم تحد به السياسة عن مبادئه المتماسكة والكثيرة النقاء. ولا تزال سلوكاته القيادية زمن توليه وزارة المالية خير مثال للمواطن المسؤول وكل مهتم بالشأن العام، من خلال طرحه لهندسة الإصلاح الاقتصادي وإرسائه قواعد الشفافية المالية وأصول إدارة الموارد المالية وتقنية تجاوز الأزمات والمخاطر في الظروف القلقة وطنياً واقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.
نظرياته العلمية في ميادين الاقتصاد، أجاد بتطبيقها والدفاع عنها بما يخدم المصلحة الوطنية وشكلت مصدر فائدة لطلابه والعاملين في القطاع المصرفي والاستثماري.
جورج قرم، الدكتور والوزير والمفكر والاديب الواسع المعارف والكثير الثقافة، تجاوز بعلمه ونصاعة فكره وسعة معارفه دوره في الاستشارات والدراسات والتعليم الجامعي والمسؤولية الاكاديمية والوزارية، ليدخل منتديات الأدب والتاريخ بأسلوب فني مختلف، جمع بين أصول توظيف المعارف ومنهجية تقديمها بطريقة سهلة، متبعاً نمطاً فنياً انتظمت فيه تقنية توظيف الاحداث لخدمة الثقافة ورسالة المعرفة .
برحيل معالي الدكتور جورج قرم ، تنطوي صفحة إشراقية من الزمن اللبناني المليء عراقة و اصالة فكرية جمعت بين صراحة الإنتماء و صلابة الالتزام.
*أستاذة جامعية