النهار

النهار

أميركا تسعى لتوحيد "المحيطين" لمحاصرة الصين
23-09-2024 | 13:52

المصدر: النهار العربي
في ظلّ تصاعد حدّة المواجهة بين الولايات المتحدة والصين في آسيا، عُقدت قمة تحالف "كواد" الرباعي في واشنطن.
أميركا تسعى لتوحيد "المحيطين" لمحاصرة الصين
زعماء دول "كواد"
A+   A-

خالد العزي

في ظلّ تصاعد حدّة المواجهة بين الولايات المتحدة والصين في آسيا، عُقدت قمة تحالف "كواد" الرباعي في واشنطن. وانتقد زعماء أوستراليا والهند واليابان، بتحريض من الرئيس الاميركي جو بايدن، أنشطة بكين "الخطيرة"، واتفقوا على تطوير الخدمات اللوجستية. وهذا ما يدفع الصين إلى تكثيف التعاون مع روسيا، وهو الأمر الذي لم يتمّ ذكره ولو مرّة واحدة في القمة التي تطرّقت إلى الوضع في أوكرانيا.
 
اختُتمت قمة ما يسمّى بالحوار الأمني الرباعي، المعروف باسم QUAD، هو اختصار شائع لكلمة رباعي. وتضمّ هذه المنظمة كلاً من أوستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة، ويمكن توسيع أعضائها لتشمل كلاً من كوريا الجنوبية والفيليبين. وحظيت قمة هذا العام باهتمام متزايد، إذ كان الرئيس بايدن ينوي "تعزيز التحالف" قبل ترك الرئاسة. وقد باتت فكرة توحيد المحيطين ضرورية بالنسبة إلى الولايات المتحدة لمحاصرة الصين وتحركاتها.
 
وصدر بيان ختامي عن القمة تضمن القلق "البالغ" بشأن عسكرة منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ودانت القمة "استخدام سفن خفر للسواحل والميليشيات البحرية، واعتبرتها جزءاً من مناورات خطيرة".
 
لم يتضمن البيان انتقادات مباشرة لدولة معينة، باستثناء كوريا الشمالية، لكن الخبراء الغربيين يتفقون على أن هذه الأطروحات تخفي "انتقادات" تجاه جمهورية الصين الشعبية. 
 
بالنسبة إلى كوريا الديموقراطية، تضمن البيان إدانة مباشرة لإطلاق بيونغ يانغ صواريخ باليستية. وأكّد المجتمعون القلق بشأن "الجهود المستمرة التي تبذلها جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية لصنع أسلحة نووية، في انتهاك لقرارات مجلس الأمن الدولي".
 
كما تمّ ذكر الدعم المقدّم لأوكرانيا. ودعت الرباعية إلى إقامة سلام "عادل"، مشدّدة على أن تحقيقه يجب أن يتمّ "وفقًا للقانون الدولي". وتمّ التأكيد أن الإشارة الى استخدام الأسلحة النووية يجب أن يصبح غير مقبول. لكن لم يتمّ ذكر روسيا ولو مرّة واحدة في النص.
 
أما في الجزء الاقتصادي من المفاوضات، فاتفق المشاركون على تطوير ربط النقل في المنطقة. وفي العام المقبل سيُعقد مؤتمر منفصل في الهند يهدف إلى التعاون اللوجستي بين الدول الأربع.
 
وكانت عُقدت القمة الأولى للجنة الرباعية في أيلول (سبتمبر) عام 2021 بصيغة الفيديو، وأيضاً عُقد اجتماع مباشر بين القادة. وتخصص المنظمة  مساعي لـ"تطوير التعاون بين الديموقراطيات الآسيوية"، وتجري "الحوار حول القضايا الأمنية"، وتعمل أيضاً على الترويج لمفهوم منطقة المحيطين الهندي والهادئ (دمج المحيطين الهندي والهادئ في مساحة لوجستية واحدة).
 
ومنذ تأسيسها، تعرّضت الرباعية لانتقادات من عدد من الدول بسبب توجّهها المناهض للصين، وبالأساس تمّ تشكيل الرباعية على خلفية الصعود الاقتصادي والسياسي لبكين، وهو ما لم تكن كل دول آسيا والمحيط الهادئ راضية عنه، لأن الكثير منها تنظر إلى الصين كمنافس تاريخي.
 
 
وقد تمكنت واشنطن من إدراج الهند في التنسيق معها، علماً أن نيودلهي ليست معرّضة لخطر الضياع التام وسط انتقادات بكين. لكنها "تحاول التغطية على عضويتها في المنظمة بتصريحات مفادها أن هذا مجرد شكل آخر من أشكال الحوار حول قضايا الأمن الإقليمي".
 
 ويشترك جميع أعضاء QUAD في الفكرة الأميركية حول التحول التدريجي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ إلى منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وتسمح هذه الأيديولوجية لحلفاء الولايات المتحدة بتنظيم أعمالهم المشتركة بشكل أكثر وضوحاً ودقة. وعلى وجه الخصوص هذا يؤتي ثماره بالفعل. وللمرّة الأولى انتهت القمة الرباعية باعتماد قرار ملموس، إذ اتفقت الدول على تطوير شبكات النقل والخدمات اللوجستية في ما بينها. كما أعربت عن رأي مفاده أن نجاح واشنطن كان بمثابة تحقيق للموقف المشترك للرباعية بشأن الأزمة الأوكرانية. وبالطبع كان هذا الموضوع غير مباشر إلى حدّ كبير:
 -أولاً وقبل كل شيء، أرادت الدول "مزامنة المراقبة" بشأن القضايا الأمنية في المنطقة، ولكن على الأقل كان التطرّق قليلاً إلى مسألة دعم كييف بمثابة مهمّة أساسية للبيت الأبيض. ويُعتقد أن الصيغة النهائية  للبيان كانت موضع الكثير من المساومة بين الولايات المتحدة والهند. ومن المرجح أن نيودلهي هي التي أصرّت على ألّا توجّه الوثيقة اللوم إلى روسيا. ووافقت الهند على أن أوكرانيا بحاجة إلى الدعم، لكن الصيغة كانت غامضة قدر الإمكان ومن دون تفاصيل. وحتى الآن واشنطن سعيدة بهذا الموقف. فـ QUAD "هي مجرد واحدة من مجالات النشاط الأميركي المناهض للصين في آسيا.
 
-من ناحية، أخرى تحاول الولايات المتحدة إقامة تفاعل مع شركائها الإقليميين، وإشراكهم في المواجهة مع الصين. تقوم واشنطن ببناء شبكة واسعة من القواعد العسكرية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وتنشر أسلحتها الخاصة هنا وهناك، على وجه الخصوص تحول نشر الصواريخ في الفيليبين إلى فضيحة كبيرة.
 
ويعمل البيت الأبيض أيضًا على زيادة الاتصالات بين حلفائه، و تبذل أميركا الكثير من الجهود لبناء حوار بين سيول وطوكيو. وكجزء من تفاعلها مع "آسيان"، تحاول الولايات المتحدة فرض رؤية الكتلة للسياسة الدولية عليها، ما يزيد استياءها من تصرفات الصين. وهذا يتناقض مع التصور الآسيوي للعالم، لكن الولايات المتحدة تواصل الضغط على الدول المستعصية. وبحسب الخبراء، فإن الوضع الحالي يدفع بكين إلى بدء إجراءات انتقامية.
 
في المقابل، اعتادت الصين تقليديًا على الاعتماد بشكل أساسي على قواتها الخاصة، وهي تستثمر بنشاط في قدراتها الدفاعية. وعلى وجه الخصوص تقوم الصين الآن ببناء "سور البحر العظيم". وهذا نوع من شبكة أجهزة الاستشعار الموجودة على طول محيط حدود الإمبراطورية السماوية، وتجمع المعلومات حول كل الحركات المشبوهة في الماء. 
 
وتدفع ما تصفه الصين بالمؤامرات الأميركية بكين نحو تفاعل أعمق مع موسكو. ومن الأمثلة الصارخة على ذلك، التدريبات البحرية الأخيرة بين موسكو وبكين. ومع ذلك فإن ردّ فعل الصين لا يقتصر على زيادة العلاقات مع روسيا وحدها، فهي تتمتع بفرص ديبلوماسية واسعة جدًا.
 
وبمساعدة "القوة الناعمة"، تجتذب بكين المتخصصين الشباب من رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) للتعاون. وهذا يخلق مجموعة كاملة من جيل الشباب الذي لديه موقف إيجابي تجاه فكرة الشراكة مع الصين.
 
وفي ظل هذا الصدام البارد، يُطرح السؤال الواضح: هل باتت الولايات المتحدة معنية ببناء قواتها العسكرية التي تهدّد من خلالها الصين ومنعها من إكمال مسيرتها التكنولوجية والعسكرية والأمنية والاقتصادية في المنطقة، للحدّ من المنافسة القادمة؟
 
إعلان

الأكثر قراءة

10/3/2024 7:34:00 PM
مصر بدأت سياسة تنويع مصادر تسليحها منذ عام 2014، ومنذ ذلك الحين وحتى عام 2023 كانت في قائمة أكبر 10 دول مستوردة للسلاح في العالم
9/30/2024 11:12:00 PM
الكاتب في "نيويورك تايمز" الحائز على 3 جوائز "بوليتزر" يبدي يقيناً بنظرية الاختراق البشري للنظام الايراني ولـ"حزب الله"، الأمر الذي سهّل عملية الانقضاض التي حصلت. ويرى أن طهران مرتبكة وتشهد انقساماً بشأن سيناريو الرد المحتمل.