المؤتمر الصحافي الأول للرئيس الايراني الجديد مسعود بزشكيان،كان مناسبة ليمتدح خامنئي من دور معارض وليس كرئيس يجب أن يجيب أمام الشعب. استخدم كلمات ووعود عامة، وتحدث عن المستقبل من دون تقديم حلول ملموسة، وبرر القمع وإثارة الحروب. تحدث بزشكيان عن قضايا متعددة من الضروري الوقوف عندها:
اعترف بزشكيان بتدهور الوضع الاقتصادي للبلاد قائلا: "إن احتمال استمرار الوضع الاقتصادي بهذه الوتيرة، يزداد سوءاً يوماً بعد يوم. لدينا إختلالات مالية في الكهرباء، والغاز، والبنزين، والأموال، والبيئة. كما أن هناك مشكلة في ديون مزارعي القمح ورواتب المتقاعدين، وهذه المشاكل ورثناها، ومهما طبعنا من النقود لعلاج هذه الإختلالات المالية، ستصبح مائدة طعام الشعب أصغر، وسيزداد الفقر".
كما وعد بزشكيان الشعب بدواء مر للتعامل مع ارتفاع الأسعار، وقال إنه لعلاج "الاقتصاد المريض" يحتاج إلى مساعدة المثقفين والصحافيين والأكاديميين لتهيئة بيئة المجتمع لإجراء "عملية جراحية" للاقتصاد. وزعم بزشكيان أن الحكومة لا تطبع النقود لتعويض عدم التوازنات المالية، مؤكداً أنها إذا فعلت ذلك، فإن مائدة الشعب ستصبح فارغة أكثر فأكثر. وأشار إلى أن رفع الدعم هو حل لتعويض عدم التوازنات المالية، لكنه لم يذكر أن هذا الرفع سيؤدي إلى إفقار الشعب أكثر.
برر بزشكيان ارتفاع سعر الخبز بقوله: "كنا مدينين لفلاحي القمح، ولم نكن نملك أموالًا لدفع رواتب المتقاعدين، لكن يجب معالجة الاختلالات في التوازنات المالية." وتابع قائلاً: "ندفع خمسة مليارات لدعم استيراد البنزين من الخارج، وإذا لم ندفعها؛ يمكننا دفع رواتب المتقاعدين بدلا من هذا الدعم لسعر البنزین! ولكنه لم يُجب عن السؤال المهم: لماذا لا يركزون على بيت خامنئي والحرس الثوري الإيراني لمعالجة الاختلالات في التوازنات المالية؟ ولم يوضح من سرق موازنة مزارعي القمح التي تقدر بمليارات، ومن أفراغ صندوق التقاعد.
وفي ما يتعلق بالصاروخ الذي أطلقه الحوثيون، قال بزشكيان، بخلاف ادعاءات قادة الجيش: "كيف وصل هذا الصاروخ إلى هناك؟ نحن لا نملك هذه الصواريخ!" رغم أن الصاروخ المطلق هو من نوع الصاروخ المعروف بـ"القدير"، الذي تصنعه إيران.
وعن تكلفة حملاته الانتخابية، قال بزشكيان: "ساعدني الكثير من الناس، وهذا ما حدث. ولا أعرف حتى كيف حدث ذلك!" وردًا على سؤال حول مشاركته في الانتخابات، قال: "إذا لم يأت الناس إلى صناديق الاقتراع، فسيتم التشكيك في نظامنا! جئت لأقول للناس أن يأتوا إلى صناديق الاقتراع، وهذا هو كل ما كان يدور في بالي. كنت أرغب في أن أفعل شيئا لمنع المؤامرات التي يخططون لها ضدنا"، ما يكشف بوضوح أن مهمته هي الحفاظ على النظام الحاكم.
قمع النساء ودورية الأخلاق
بخصوص استمرار قمع النساء من قبل شرطة الأخلاق، قال بزشكيان: "لم يكن من المفترض أن يتعاملوا هكذا! سنتابع الأمر حتى لا يزعجونكن!" وبذلك، رسم خطًا أحمر على كل وعوده الانتخابية المتعلقة بشرطة الأخلاق ومشروع النور. والأمر المثير أنه قال أيضًا عن وعده الآخر في الانتخابات، وهو إزالة الحجب عن الإنترنت مؤكدا: "سأتابع الموضوع مرة أخرى!"
قال بزشكيان عن السياسة الخارجية: "لا نحب قطع العلاقات مع بعض الدول (في إشارة إلى الولايات المتحدة). الأميركين يصوروننا شعبًا طالبًا للحرب، لكننا مسالمون! إذا احترمت أميركا حقوق إيران، فلن نكون على خلاف معها. لسنا أعداء لأميركا، وإذا تحدثنا مع أميركا، صنعنا السلام وتاجرنا مع العالم". وأكد أنه رغم ذلك، "لن ننسى أصدقاءنا مثل الصين وروسيا". وفي ما يتعلق بدول المنطقة، قال: "أرحب بأي خطوة تقرب إيران والسعودية والدول الإسلامية الأخرى من بعضها بعضا". وأضاف: "لحل المشاكل يجب خلق فرص العمل والاستثمارات في البلاد. ومن متطلبات التنمية هو إنشاء سوق حرة يمكن من خلالها بناء الروابط وجذب الاستثمارات الأجنبية. ومن دون هذه الاستثمارات، لن يكون من الممكن حل المشاكل". واختتم بقوله: "ليس لدينا خيار سوى حل قضية FATF!" او بالأحرى کشف بزشكيان النقاب من مأزق أي حل ما يسميه خامنئي باقتصاد المقاومة.
في النهاية، أوضح بزشكيان أفكار حديثه الرئيسية قائلاً: "إذا لم تكن لدينا مشاركة شعبية، فلن نصل إلى أي مكان. وإذا لم ننجح، فسنخسر جميعًا". لقد اعترف بوضوح بأن هذا النظام لا صلة له بالشعب، وزعم أن هذه العلاقة ستنشأ فقط عندما تُحل مشاكل الشعب. لكنه لم يذكر أن الشيء الوحيد الذي لن يُحل في هذا النظام وهو عدم وجود علاج لمشاكل الناس.
ردود فعل عصابات النظام
كما كان متوقعًا، فإن كل خطوة يتخذها بزشكيان تزيد من الفجوة داخل عصابات النظام. وجاءت ردود الفعل على النحو التالي:
كتبت صحيفة "الجمهوري" لبزشكيان: "لقد اعتمدت في مقابلتك على الوفاق الوطني، لكن الوفاق الوطني مجرد سراب، والحديث عنه لن يكون إلا شعارًا؛ الناس تثقل كاهلهم الضرائب الباهظة المفروضة على الطبقة الوسطى والفقراء، والفجوة الطبقية تتزايد يومًا بعد يوم".
وجاء في "جهان نيوز": "بعض مواقف بزشكيان التي أعلنها يوم الاثنين في السياسة الخارجية، تظهره كشخص بعيد عن الواقع وساذج".
وكتبت صحيفة "إصلاحات نيوز": "لم تقم الصحف المحسوبة علی تیار المتطرفین بتغطية المؤتمر الصحافي لبزشكيان، أو نشرت عناوين سلبية وانتقادية عنه!".
وكتبت صحيفة "وطن اليوم": "إجابات السيد الرئيس عن الأسئلة المتعلقة بالسياسة الخارجية كانت غير ناضجة تمامًا، ولم تمتثل للبروتوكولات السياسية والدبلوماسية التقليدية".
وكتب "الرجاء نيوز": "المؤتمر الصحافي لمسعود بزشكيان يمكن وصفه بثلاث كلمات: كان ضعيفًا ومتناقضًا وكاريكاتوريًا.
وكتبت "كيهان" الناطقة باسم المرشد الاعلی للنظام أيضًا: "تجنب بزشكيان الرد عن أسئلة كيهان حول انتفاضة 2009. يجب أن نسأل؛ هل شعار «الانتخابات ذريعة – والهدف هو إسقاط النظام» فتنة، أم احتجاج؟"
الخاتمة
قال بزشكيان إنه من أجل الحفاظ على النظام يجب أن نحقق مشاركة شعبية، لكن هذه المشاركة تعتمد على حل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية وغيرها. إلا أن هذا النظام وهذه الحكومة لن يتمكنا أبدًا من الحصول على هذه المشاركة. وبالتالي، وكما قال بزشكيان، سيخسر النظام برمته وستؤدي هذه الخسارة إلى انتفاضة الشعب والإطاحة بالنظام.
*عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية