النهار

النهار

تركيا تنظم وجودها في شمال سوريا على حساب ميليشياتها
01-10-2024 | 13:03

المصدر: النهار العربي
تفكر تركيا في إعادة تنظيم وجودها في سوريا، وهي تحاول قمع موجة أخرى من الاحتجاجات في محمياتها شمال سوريا، بسبب الإشارات الواردة من أنقرة عن أنها لا تزال تحتفظ باتصالات غير مباشرة مع دمشق
تركيا تنظم وجودها في شمال سوريا على حساب ميليشياتها
متظاهرون من المعارضة السورية احتجاجا على السياسة التركية
A+   A-
     
خالد العزي
تفكر تركيا في إعادة تنظيم وجودها في سوريا، وهي تحاول قمع موجة أخرى من الاحتجاجات في محمياتها شمال سوريا، بسبب   الإشارات الواردة من أنقرة عن أنها لا تزال تحتفظ باتصالات غير مباشرة مع دمشق الرسمية بأشكال مختلفة. وكان الرئيس رجب طيب أردوغان قال قبل توجّهه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، إنه طلب عقد اجتماع شخصي مع نظيره السوري بشار الأسد "من أجل التطبيع"، لكن القيادة التركية فشلت حتى الآن في تهدئة المعارضة السورية من خلال المفاوضات.
 
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن عناصر قريبة من تركيا بدأت حملة اعتقالات في شمال سوريا، بعد احتجاج جديد في عفرين على السياسة التركية المستجدة، وهي منطقة تشكّل جزءاً من "الحزام الأمني" الذي أنشأته أنقرة بالقرب من الحدود الجنوبية. ونظّم السكان احتجاجات في الشوارع للمطالبة بانسحاب القوات التركية واستئناف الأعمال العدائية ضدّ دمشق الرسمية، ما دفع أنقرة إلى نقل جزء من تشكيلاتها النظامية إلى المنطقة غير المستقرة على خلفية الاحتجاجات، وتمّ إغلاق بعض نقاط التفتيش في جيوب المعارضة.
 
أردوغان كان أبدى استعداده لعقد قمة كاملة مع سوريا. وقال أثناء توجّهه إلى نيويورك لحضور فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة: "تحدثنا عن حقيقة أننا نريد عقد اجتماع مع بشار الأسد من أجل تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا، والآن ننتظر الردّ المناسب من تلك الجهة، نحن مستعدون، لهذا نريد أن يقوم التضامن والوحدة بين بلادنا الإسلامية وشعوبها، على آمل أن يحدث هذا بفضل مثل هذا الاجتماع".
 
وأضاف الرئيس التركي، أن البلدين "بإمكانهما اتخاذ خطوات مشتركة لضمان السلام والاستقرار في كامل الأراضي السورية". وتابع: "نرى أن الإدارة السورية والمعارضة حرصتا على عدم وجود قتال في سوريا لبعض الوقت. ويخلق هذا الوضع بيئة مؤاتية للبحث الفعّال عن حل نهائي"، مشيراً إلى "ملايين الأشخاص خارج سوريا ينتظرون العودة إلى وطنهم".
 
هذه التصريحات سبقتها تصريحات لوزير الخارجية التركي هاكان فيدان الذي قال، إن بلاده على اتصال مع دمشق "منذ فترة"، وتناقش "مسائل مختلفة في الصيغ الاستخبارية والعسكرية والمتعددة الأطراف، لا سيما في الصيغ التي تشارك فيها روسيا وإيران إذا كانت إيران حاضرة". وأشار إلى أنه "في الواقع منذ عام 2017، بعد اتفاقيات صيغة أستانا، تمّ تجميد الصراع العسكري بين النظام السوري والمعارضة، وتمّ خلق جو من الصمت التام. وفي هذه البيئة نعتقد أنه يجب اتخاذ خطوات لحل بعض المشكلات بشكل دائم. والقضايا التي تهمّ تركيا في هذا السياق هي اللاجئون والحرب ضدّ الإرهاب".
 
ومن الواضح أن السلطة الرسمية التركية تعتمد الآن في خطابها على الوضع الراهن المستقر نسبياً في سوريا، ومع ذلك فإن الجيوب المتمردة يمكن أن تفسد الصورة الإيجابية بشكل كبير.
 
وهنا تكمن استراتيجية تركيا الانفتاح على النظام السوري ضمن ضمانات إيرانية وروسية للعديد من الأسباب، والتي تهدف إلى: تصفير المشاكل بين تركيا ودول الجوار، الانفتاح على العالم العربي بعد فتح أبواب الخليج ومصر لها، تخلّي  أنقرة عن  أحلام دعم "الإخوان المسلمين"، تحميل النظام السوري ضمان الأمن القومي التركي الحدودي من خلال عقد اتفاق يحدّ من دور أكراد مناطق الجزيرة، وبذلك تحشر أنقرة النظام السوري بتولّي مسؤوليته الأمنية وحماية حدود تركيا التي تتعرّض لتهديد أمني وتهريب مخدرات وتدفق سكان المنطقة طلباً للجوء والهجرة، وفي حال الفشل، تأمين حاضنة دولية للدفاع عن أمنها القومي.
 
إذاً، تحاول أنقرة الآن إجراء تغييرات هيكلية في شمال سوريا، تشمل إعادة تنظيم "الحكومة الموقتة" وفصائل المعارضة المسلحة، ومحاصرة الأكراد، لأن هدف أنقرة هو وضع حدّ لحالة الفوضى المستمرة والمتعمقة الناجمة عن التقارب السوري- التركي.
 
ومن أجل شرح موقفها للمعارضة المسلحة التي تسيطر على شمال سوريا، نظّمت تركيا أخيراً اجتماعاً مع قادتها البارزين. ومع ذلك فشلت المفاوضات، وتبادل ممثلو الفصائل المختلفة الاتهامات. ونتيجة لذلك انتهى الأمر كله بدعوات إلى استقالة عبد الرحمن مصطفى، رئيس وزراء ما يسمّى الحكومة السورية الموقتة، وتشكيل حكومة جديدة لحكم مناطق الخاصة لتركيا.
 
لقد شهد شمال سوريا تراكماً للاحتجاجات خلال الأشهر الماضية. على سبيل المثال، في تموز (يوليو)، قام سكان المخيمات التركية بأعمال شغب رداً على المذابح المناهضة للمهاجرين التي هزّت وسط تركيا. واندلعت احتجاجات في شوارع عدد من القرى والمدن  في "الحزام الأمني"، حيث طالب المشاركون فيها بانسحاب القوات التركية كإنذار نهائي، وهاجموا مدرعات عسكرية. وفي بعض المناطق مزّق السوريون الأعلام التركية على بعض المباني. وبعد ذلك اضطرت القيادة التركية إلى إرسال تعزيزات إلى بعض المدن في محمياتها القريبة من الحدود، وكذلك تجميد عمل المعابر الحدودية موقتاً.
 
ويشير تقرير صادر عن "معهد السلام الكردي"، وهو مركز أبحاث مقره الولايات المتحدة، إلى أن أردوغان يحتاج إلى التطبيع مع الأسد أكثر،  لقمع إمكانات القوات الكردية التي تسيطر من جانب واحد على شمال شرقي سوريا. ومع ذلك فإن التقارب بين البلدين، وفقاً لتقديرات المعهد، يمكن أن يُضعف بشكل كبير "المعسكرين المناهضين للأسد"، سواء الإدارة الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي أم المعارضة المدعومة من تركيا في الشمال. ويخلص التقرير إلى أنه "بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية، قد يؤدي ذلك إلى إحياء الظروف التي أثارت العنف في المقام الأول".
 
خطوات اردوغان العملية تهدف إلى إنهاء حالة الفوضى على حدوده  من قبل الأكراد الذين يتخذون من أراضي الجزيرة ملجأ لهم، والالتفاف عليهم لتأمين الحدود التركية، وبالتالي الاتفاق مع الاسد سيضع الأكراد تحت سيطرة السلطة السورية، وفي المقابل سينهي حالة الفوضى للمتمردين السوريين المتطرّفين في إدلب وضواحي حلب،  من أجل تأمين ظروف أفضل، للنهوض بمعارضة معتدلة يمكنها الذهاب إلى مفاوضات حقيقية مع النظام مدعومة من تركيا والمحيط العربي  والغربي، لإنهاء المأساة السورية.
 
الكلمات الدالة
إعلان

الأكثر قراءة

10/3/2024 7:34:00 PM
مصر بدأت سياسة تنويع مصادر تسليحها منذ عام 2014، ومنذ ذلك الحين وحتى عام 2023 كانت في قائمة أكبر 10 دول مستوردة للسلاح في العالم
9/30/2024 11:12:00 PM
الكاتب في "نيويورك تايمز" الحائز على 3 جوائز "بوليتزر" يبدي يقيناً بنظرية الاختراق البشري للنظام الايراني ولـ"حزب الله"، الأمر الذي سهّل عملية الانقضاض التي حصلت. ويرى أن طهران مرتبكة وتشهد انقساماً بشأن سيناريو الرد المحتمل.