النهار

مواقع التواصل ساحة "افتراضية" في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي
سُكينة السمرة
المصدر: النهار العربي
​ في أعقاب الهجوم الذي شنته حركة حماس الفلسطينية على المستوطنات الإسرائيلية، والغارات الجوية الإسرائيلية الانتقامية على قطاع غزة، شهدت شركات وسائل التواصل الاجتماعي ارتفاعاً في المعلومات الخاطئة المتعلقة بالنزاع، بما في ذلك الصور التي تم التلاعب بها ومقاطع الفيديو، ما أثار جدلاً عالمياً حول الرقابة على المحتوى داخل هذه المنصات.
مواقع التواصل ساحة "افتراضية" في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي
دمار في غزة. (رويترز)
A+   A-
في أعقاب الهجوم الذي شنته حركة "حماس" الفلسطينية على المستوطنات الإسرائيلية، والغارات الجوية الإسرائيلية الانتقامية على قطاع غزة، شهدت شركات وسائل التواصل الاجتماعي تزايداً في المعلومات الخاطئة المتعلقة بالنزاع، بما في ذلك الصور التي تم التلاعب بها ومقاطع الفيديو، ما أثار جدلاً عالمياً بشأن الرقابة على المحتوى داخل هذه المنصات.
 
ومن الجهة المقابلة، برز على مر الأزمات والأحداث العالمية على مختلف أنواعها الدور الكبير الذي تلعبه المنصات الاجتماعية في تكوين الرأي العام. واليوم يظهر جلياً الضغط الذي تمارسه الجهات الدولية والاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص على شركات مواقع التواصل الاجتماعي لإزالة المحتوى الداعم لـ"حماس" عن تطبيقاتها ومواقعها.
 
 
الاتحاد الأوروبي
 
طلب المفوَّض المعني بالصناعة في الاتحاد الأوروبي، تييري بريتون، من الملياردير الأميركي إيلون ماسك الحدّ من "المعلومات المضلّلة" على منصة "X" الخاصة به، محذراً من أنها تُستخدم لنشر "محتوى غير قانوني ومعلومات كاذبة" في أعقاب الأحداث الأخيرة.
 
ومن جانبه، أعطى بريتون ماسك مهلة لإبلاغ الاتحاد الأوروبي بكيفية إيقاف المحتوى الذي اعتبره ضاراً من المنصة.
 
وقال متحدث باسم المفوضية لـ"رويترز": "على المنصات عبر الإنترنت الامتثال الكامل لقواعد الاتحاد الأوروبي".
 
ويفرض قانون الخدمات الرقمية الذي تم إطلاقه مؤخراً على المنصات الضخمة على الإنترنت، بما في ذلك "فايسبوك" التابع لشركة "ميتا"، إزالة المحتوى غير القانوني واتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة المخاطر التي تهدد الأمن العام.
 
زوكربيرغ يُمنح 24 ساعة 
 
لم يكن إيلون ماسك الوحيد الذي تلقى خطابات صارمة هذا الأسبوع من تييري بريتون، المفوض التنظيمي للاتحاد الأوروبي. فبعد رسالة ماسك، نشر بريتون مراسلة من صفحة واحدة كتبها إلى الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا" مارك زوكربيرغ، ممهلاً إياه 24 ساعة للرد.
 
وتعترف الرسالة بالمجالات التي تحسن فيها "ميتا" الإشراف على المحتوى ولكنها تثير مخاوف بشأن المعلومات الخاطئة، بما في ذلك التزييف العميق، على منصات التواصل الاجتماعي للشركة مع استمرار الحرب الدموية في الداخل الفلسطيني.

وكتب بريتون في الرسالة: "في ضوء عدد من التطورات الخطيرة الأخيرة، اسمحوا لي أن أذكر الالتزامات المحددة المتعلقة بالإشراف على المحتوى بموجب قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوروبي"، مضيفاً: "أود أن أطلب منك أن تكون يقظًا للغاية لضمان الامتثال الصارم لقواعد DSA في ما يتعلق بشروط الخدمة، ومتطلبات اتخاذ إجراءات دؤوبة وموضوعية"، داعياً "بشكل عاجل إلى التأكد من فعالية أنظمة المنصات".
 
وينص قانون (DSA)، الذي أقرّ في عام 2022، على أن تكون المنصات العاملة في الاتحاد الأوروبي أكثر استباقية في مراقبة المواد الضارة. ويمكنه فرض غرامات تصل إلى ستة في المئة من إجمالي إيرادات الشركات المخالفة، وهو ما يكفي ليكون بمثابة "عصا" فعالة ضد عمالقة التكنولوجيا.
 
وطلب بريتون من زوكربيرغ التواصل مع فريقه "دون تأخير" بشأن تفاصيل الإجراءات التي اتخذتها الشركة للتخفيف من التزييف العميق ومكافحة المعلومات المضللة.
 
وهكذا، تسعى المفوضية الأوروبية، السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، إلى تذكير جميع شركات وسائل التواصل الاجتماعي بأنها ملزمة قانوناً "بمنع انتشار المحتوى الضارّ المرتبط بحماس"، وفقاً لـ"رويترز".
 
 
"ميتا" تتّخذ إجراءات لإزالة المحتوى
 
في ضوء ما ذكر وبعد التوبيخ الأوروبي، أعلنت "ميتا" أنّها اتّخذت خطوات لإزالة محتوى يتضمّن إشادات ودعماً كبيراً لحركة حماس من منصاتها.

وقالت "ميتا" إنّها أزالت أو أضافت علامة تُمّيز المحتوى المقلق على أكثر من 795 ألف منشور باللغتَين العربية والعبرية، في الأيام الثلاثة التالية للهجوم الذي شنّته حماس".

وأشارت الشركة إلى أنّها وسّعت بشكل موقّت تطبيقها لسياسة إزالة المحتوى الذي اعتبرته محرّضاً على "العنف والكراهية" والمحتوى الذي يُحدّد بوضوح هوية محتجزين لدى حماس.
 
 
 
 
 
"إكس" تحذف مئات الحسابات 

أعلنت ليندا ياكارينو، الرئيس التنفيذي لشركة "إكس"، أنّ منصة التواصل الاجتماعي حذفت المئات من "الحسابات التابعة لحماس"، واتّخذت إجراءات لحذف أو تصنيف عشرات الآلاف من المحتويات منذ النزاع القائم.

وكتبت رسالة إلى مفوض الاتحاد الأوروبي تييري بريتون، على منصة "إكس: "نواصل الاستجابة السريعة لطلبات بإنفاذ القانون من جميع دول العالم، ومن بينها دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي".
 
 
تحذير أوروبي مماثل لـ"تيك توك" و"يوتيوب"
 
حذّر الاتّحاد الأوروبي "تيك توك"، من السماح بنشر "محتوى غير قانوني" أو "معلومات كاذبة" بشأن الحرب القائمة، لتنضمّ بذلك شبكة التواصل الاجتماعي الصينية إلى "ميتا" و"إكس" (تويتر سابقاً) في تلقّي هذا التحذير من بروكسيل.

وكتب المفوّض الأوروبي للشؤون الرقمية تييري بريتون، في رسالة إلى شو زي تشو، رئيس "تيك توك"، إنّ "منصّتكم يستخدمها بشكل مكثّف أطفال ومراهقون. لديكم التزام خاص بحمايتهم من المحتوى العنيف (...) الذي يبدو أنه ينتشر على نطاق واسع على منصّتكم من دون أيّ تدابير أمنية خاصة".

وذكّر المفوّض الأوروبي رئيس "تيك توك" بواجبات منصّته في ما يتعلّق بالإشراف على المنشورات وإزالة المحتويات غير القانونية.

وهذه الواجبات باتت ملزمة للمنصّات الرقمية في الاتّحاد الأوروبي بموجب تشريع أوروبي جديد يتعلّق بالخدمات الرقمية دخل حيّز التنفيذ في نهاية آب.
 
وكذلك كتب بريتون خطاباً موجّهاً إلى الرئيس التنفيذي لشركة "Alphabet"، الشركة الأم لـ"غوغل" مالكة موقع "يوتيوب"، ساندر بيتشاي، يذكّره فيه "بالالتزامات الدقيقة للشركة في ما يتعلق بالإشراف على المحتوى بموجب قانون الخدمات الرقمية في الاتحاد الأوروبي".
 
وعلى وجه التحديد، يطلب بريتون من الشركة أن تكون "يقظة للغاية" عندما يتعلّق الأمر بالمحتوى المرتبط بإسرائيل و "حماس" المنشور على موقع "يوتيوب". 
 
مخاوف بشأن التزييف العميق 
 
"التعلم العميق" أو "deep learning"، تعتمد هذه التكنولوجيا على شبكات عصبية عميقة تتضمن مشفّرات آلية وتستخدم تقنية تبديل الوجوه في مقاطع الفيديو. وخوارزميات التعلم العميق مبرمجة على حل المشكلات عند مدها بكم هائل من البيانات، ولذلك يقوم محرر مقطع الفيديو بتشغيل آلاف اللقطات لوجهي الشخصين المراد إبدالهما، ويلصق وجهاً فوق الآخر فيصنع مقاطع مزيفة واقعية المظهر وهي مقاطع التزييف العميق. بعبارة أخرى، ليس كل ما تراه سيكون حقيقة.
 
واليوم، تُثار المخاوف بشأن التزييف العميق والمحتويات الأخرى المعدلة رقمياً والتي لها تداعيات محتملة في العالم الحقيقي. وفي هذا السياق، كتب بريتون: "لقد تم إعلامنا أيضاً بتقارير عن عدد كبير من المحتوى المزيف العميق والمحتوى الذي تم التلاعب به والذي تم تداوله على منصاتكم ولا يزال عدد قليل منه يظهر على الإنترنت".
 
حرب روسيا - أوكرانيا مثالاً
 
لعبت منصات التواصل الاجتماعي دوراً رئيسياً في توثيق أحداث القضايا العالمية، ومنها الحرب الروسية - الأوكرانية، وساهمت دوماً في حشد الدعم الدولي لكل طرف من أطراف الصراع. لكن في المقابل يتم استغلال هذه المنصات لتزييف الحقائق ونشر الأخبار الكاذبة أيضاً.
 
وظهر كيف كان لمنصات التواصل الاجتماعي تأثير كبير في هذه الحرب خصيصاً، حيث باتت مصدراً للمعلومات وآلية لتوثيق الخسائر البشرية. ويذكر كيف اجتاحت وسائل التواصل حينها صوراً ظهر بعد ذلك أنها تعود لأحداث أخرى وغير مرتطبة بهذه الحرب حتى. بل أضحت أيضاً هذه المنصات وسيلة لحشد التبرعات لضحايا الصراع الروسي - الأوكراني.
 
وفي هذا السياق، يذكر تصريح يفين فيدشينكو، مدير مدرسة "موهيلا" للصحافة في كييف والمؤسس المشارك لمنظمة "أوقفوا التزييف" غير الربحية، حين قال إن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن استخدامها لأغراض "الخير والشر، إذ قد يُمكن استخدامها كسلاح".
 
حي الشيخ جراح ودور منصات التواصل
 
في عام 2021، شهدت مناطق عديدة في القدس الشرقية صدامات شديدة بين الفلسطينيين ومستوطنين إسرائيليين، على خلفية قرارات قضائية إسرائيلية، بإخلاء بيوت من حي الشيخ جراح، من سكانها الفلسطينيين. وتحولت حينها قضية حي الشيخ جراح إلى قضية رأي عام عالمية، وأيضاً لعبت حينها وسائل التواصل دوراً في إضفاء رأي وتعتيم آخرين.
 

اقرأ في النهار Premium