النهار

فوهة قمريّة قد تكون مصدرَ قمرٍ ثانٍ للأرض
إعداد: جورج عيسى
المصدر: "النهار العربي"
إنّها فوهة جيوردانو برونو
فوهة قمريّة قد تكون مصدرَ قمرٍ ثانٍ للأرض
فوهة جيوردانو برونو على القمر (ناسا/مركز غودارد لرحلات الفضاء/جامعة أريزونا)
A+   A-

اكتشف العلماء سنة 2016 جسماً غريباً، "كامو أوليوا"، يدور حول الأرض في مدار شبه ثابت. لهذا السبب، وصفه كثر بأنّه "القمر الجديد" للأرض أو "شبه القمر" الجديد التابع لها. لفتت بضع دراسات اسبقة إلى أنّ كامو أوليوا قد يكون قمريّ المنشأ.

 

ويبدو أنّ دراسة حديثة أخرى تؤكّد هذا الاستنتاج.

 

ما وجده علماء صينيّون

ذكر موقع "ساينس أليرت" أنّه باستخدام عمليّات محاكاة عدديّة، حدّد فريق بقيادة عالم الفلك ييفي جياو من جامعة تسينغهوا الصينية خصائص الحفرة التي من المرجّح أن تكون قد أدّت إلى إنتاج الكويكب، ووجدوا حفرة حقيقيّة تتطابق مع تلك الخصائص: حفرة جيوردانو برونو على الجانب البعيد من القمر.

 
 

وكتب الباحثون في ورقتهم المنشورة في مجلّة "نيتشر" الأميركيّة: "لقد استكشفنا العمليّات الخاصّة بالشظايا القمريّة الناجمة عن اصطدام والتي تهاجر إلى الفضاء المداريّ المشترك للأرض وقدّمنا الدّعم لأصل كامو أوليوا المحتمل من تكوين حفرة جيوردانو برونو قبل بضعة ملايين من السنين".

 

"قد يربط هذا كويكباً معيّناً في الفضاء مباشرة بالفوهة المصدريّة على القمر، ويقترح وجودَ المزيد من الكويكبات الصغيرة المكوّنة من مادّة قمريّة لمّا يتمّ اكتشافها بعد في الفضاء القريب من الأرض".

 

اختلاف كبير عن الكويكبات الأخرى

لقد كان الكويكب موجوداً منذ قرون على الأقل، ويتقاسم القرب المداريّ للأرض من الشمس. تختلف المسافة بينه وبين الأرض بشكل كبير ممّا يعني أنه سيكون مراوغاً بشكل خاص. لقد عثر العلماء عليه في النهاية، وكان يمثّل نوعاً من اللغز. لكن في 2023، نشر العلماء ورقة بحثيّة أوليّة تحتوي على تفسير معقول للغاية.

 
 
 

إنّ الطريقة التي يعكس بها كامو أوليوا الضوء ولونه تشبه إلى حدّ كبير لون سطح القمر ولا تشبه على الإطلاق الكويكبات الأخرى القريبة من الأرض. وبالاستناد أيضاً إلى دراسة وثيقة لخصائصها المداريّة، خلصوا إلى أنّ هذه الصخرة الغريبة كانت جزءاً من القمر ذات يوم. لقد اتّخذ جياو وزملاؤه الآن خطوة أبعد في التحليل باستخدام الخصائص الفيزيائيّة والمداريّة للكويكب ونماذج عن اصطدامات قمريّة، لتحديد مصدرها.

 

حسابات وخصائص أخرى

بالنظر إلى أنّ لدى كامو أوليوا دوراناً سريعاً جداً، ينبغي أن يكون عبارة عن كتلة صلبة جداً. وإلا فسيتطاير عبر رذاذ من الشظايا. وبالنظر أيضاً إلى كونه كتلة متراصّة، من العدل افتراض أنّه انتُزع كقطعة واحدة بدلاً من تكتّله ككومة متخثّرة من الحطام السائب المقذوف بفعل اصطدام. يعني التحليل بالعودة إلى الماضي أنّ ضربة خلّفت حفرة أكبر بنحو 10 إلى 20 كيلومتراً.

 
 

لا تميل الكويكبات القريبة من الأرض إلى البقاء بالقرب منها لمدّة أطول من نحو 100 مليون سنة، ممّا يعني أنّ كامو أوليوا يجب أن يكون أصغر سنّاً. إنّ التأثير الذي قد يتطلّبه اقتلاع كويكب سيُنتج أيضاً حطاماً من المتوقّع أن يظلّ موجوداً لمدة 10 ملايين سنة تقريباً. وبما أنّه لم يتمّ العثور على أيّ حطام من هذا القبيل، يعني هذا أنّ عمر كامو أوليوا يتراوح بين 10 و100 مليون سنة.

 

لا يوجد الكثير من الحفر على القمر التي تناسب متطلّبات هكذا حجم والتي يقلّ عمرها أيضاً عن 100 مليون سنة. ثمّة بضع عشرات من المرشحين، لكنّ فوهة جيوردانو برونو التي يبلغ عرضها 22 كيلومتراً وعمرها أقل من 10 ملايين سنة هي أفضلها، كما وجد الباحثون: "من الواضح أنّ الفوهات الكبرى والأصغر سنّاً هي مصادر أكثر ترجيحاً، بما أنّها تنتج عدداً أكبر من الشظايا الهاربة التي لا تزال في الفضاء أو في المنطقة المداريّة المشتركة للأرض. وفي الواقع، (فوهة) جيوردانو برونو هي الفوهة المصدريّة الوحيدة الممكنة التي تلبّي المعيار".

 

بحسب التقرير، يشبه تكوين البيروكسين حول جدران الفوهة وحافّتها تكوين كامو أوليوا ومن الممكن أن يتمّ إخراج ما يصل إلى 400 شظية بحجم كامو أوليوا من الموقع عند اصطدام كويكب يبلغ عرضه 1.66 كيلومتراً فقط.

 

تشير عمليّات المحاكاة إلى أنّه سيتمّ قذف معظم هذه الشظايا خارج الفضاء المداريّ المشترك للأرض بعد 10 ملايين سنة من الاصطدام، لكن من الممكن تماماً بقاء استثناءات نادرة، بحيث ينتهي بها الأمر في مدار مشابه لمدار كامو أوليوا.

 

نتيجة غير نهائيّة

الأدلّة بعيدة من أن تكون قاطعة، وسيكون العالم قادراً على اكتشاف ذلك عمّا قريب. ثمّة نيازك قمريّة هنا على الأرض تمّ ربطها بفوهة جيوردانو برونو.

 

وتخطّط إدارة الفضاء الوطنيّة الصينيّة لإطلاق Tianwen-2 سنة 2025 لأخذ عيّنات من الكويكبات من أجل استكشاف كامو أليوا واسترداد عيّنة، وإسقاطها هنا ليقوم العلماء بدراستها. ربما قد تكتشف بعثات مستقبليّة ما حدث لبقيّة الصخور التي طارت إلى الفضاء مع كامو أليوا.

 

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium