لديه أكثر من مليار مستخدم نشط شهريًا، وهو متاح في أكثر من 150 دولة حول العالم، وتبلغ قيمته 225 مليار دولار، وفي الولايات المتحدة وحدها، وصل إلى إيرادات قياسية بلغت 16 مليار دولار في عام 2023. هذه بعض أرقام "تيك توك"، التطبيق الذي حاز على إعجاب الشباب من خلال اعتماده على الفيديوهات القصيرة، وهو ما تمّ اعتماده لاحقًا على منصتي "يوتيوب" و"إنستغرام".
وقّع الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، قانوناً لحظر "تيك توك" في الولايات المتحدة، بعدما صوّت مجلس الشيوخ أيضاً لصالحه، في حال رفض الصينيون بيعه. وإذا تمّ حظر "تيك توك"، فستتمّ إزالته من متاجر التطبيقات، بما في ذلك "أبل" و"غوغل"، وسيتمّ حظره على خدمات "الويب". لكن ردّ فعل الرئيس التنفيذي لـ"تيك توك"، كان واضحاً جداً، فقال شو زي تشيو: "لا داعي للقلق، لن نذهب إلى أي مكان".
والسؤال الأبرز عن التطبيق الذي يستخدمه 170 مليون أميركي في الولايات المتحدة، ماذا يعني نهاية "تيك توك" في الولايات المتحدة؟ وما هي التغييرات بالنسبة للمستخدمين؟
بصمة عميقة ومعادلة جديدة
مثل عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي من قبل، لم يساهم "تيك توك" في المحادثة الثقافية فحسب. لقد غيّر حرفيًا كيفية عمل الأعمال التجارية والشركات بأكملها، وأثّر على الطريقة التي يعيش فيها المستخدمون ويأكلون ويشترون.
في السابق، كانت الناس ترفض إنشاء محتوى على المنصات الاجتماعية لكسب المال باعتباره ليس وظيفة حقيقية. ولكن مع انتشار "تيك توك"، فقد نشأت صناعة جديدة بأكملها حول التسويق والإعلان وتقديم المحتوى والبيع والترويج من خلال هذا التطبيق.
كذلك، لطالما كانت وسائل التواصل الاجتماعي دائمًا بمثابة وسيلة للشهرة، لكن مع "تيك توك" برزت "ثقافة المؤثرين"، حيث يشتهر الأشخاص بخبرتهم في اهتمامات معينة وفي مجالٍ ما.
ومع ذلك، نظرًا للطريقة التي تعمل فيها خوارزمية "تيك توك"، والتي تتعلم اهتمامات المستخدمين وتفضيلاتهم في الوقت الفعلي أثناء تفاعلهم مع المحتوى، فليس من غير المعتاد أن تحصل مقاطع الفيديو التي أنشأها الأشخاص العاديون فجأة على ملايين المشاهدات عندما يتمّ دفعها إلى خلاصات المستخدمين.
وقد أدّى ذلك إلى إنشاء معادلة جديدة للشهرة، حيث يمكن لمقطع فيديو واحد سريع الانتشار أن يدفع شخصًا ما إلى دائرة الشهرة بين عشية وضحاها.
7 ملايين شركة في خطر
من جانبها، اعتبرت شبكة "تيك توك" الاجتماعية أنّ حظرها في الولايات المتحدة "سينتهك حرّية التعبير" لـ170 مليون أميركي.
وفي رسالة إلكترونية تلقّتها وكالة "فرانس برس"، أضاف متحدث باسم المنصة التابعة لمجموعة "بايت دانس" الصينية، أنّ اقتراح قانون الحظر "سيُدمِّر 7 ملايين شركة وسيُغلِق منصّة تساهم في الاقتصاد الأميركي بواقع 24 مليار دولار سنوياً".
وفي هذا السياق، برز تغيير "تيك توك" للطريقة التي تسوّق بها الشركات لمنتجاتها. إذ أينما يتجمّع الناس عبر الإنترنت، ستتبعهم الشركات والمسوقون بفارغ الصبر. والانتشار على نطاق واسع على "تيك توك" كان وما زال أشبه بالفوز بالجائزة الكبرى في مجال التسويق، وقد احتضنت العديد من الصناعات هذا المصدر.
بالإضافة إلى ذلك، تكرّس اليوم وكالات ومديرو المواهب الكبرى جهودهم فقط للعثور على نجوم "تيك توك" وتنميتهم. وتساعد وكالات التسويق التي تركّز على كيفية عمل "تيك توك" العملاء والشركات في إنشاء استراتيجيات حول المنصة لإدارة حساباتهم عليها. وبالإضافة إلى عدد لا يُحصى من المشاهير الصغار، أنتج "تيك توك" أيضًا نجومًا ومنشئي محتوى يحققون إيرادات تبلغ قيمتها ملايين الدولارات.
مستخدمو "تيك توك" يستعدون للأسوأ
حظر "تيك توك" اليوم يعني العودة إلى ما قبل كل هذه التغييرات، وسحب كل الأدوات التسويقية التي أتاحها التطبيق للمستخدمين، ولكن بطبيعة الحال ستحاول باقي المنصات المنافسة الاستفادة من هذا الحظر، إذا حصل، واستغلال انسحاب "تيك توك" من السوق الأميركية.
يقول العديد من مستخدمي "تيك توك" إنّ نقل جمهور كبير إلى منصّة أخرى أمر صعب. إذ تمتلك المنصات الأخرى خططًا مغايرة لتحقيق الدخل، ما قد يعني تحدّيات أمام منشئي المحتوى الذين يتطلعون إلى إعادة بناء أعمالهم إذا اضطروا إلى الانتقال إلى شبكة اجتماعية أخرى. ومع ذلك، يبدو أنّ بعض مستخدمي "تيك توك" يستعدون للأسوأ. أما عن حرّية التعبير فتبقى تلك المعضلة الأساس التي تحوط القانون الأميركي، مثيرةً العديد من التساؤلات في الحرب التكنولوجية الأميركية - الصينية.