بدأت شركات الإعلام والمنشورات عقد صفقات مع شركات الذكاء الاصطناعي، من أجل منحها إمكانية الوصول إلى المحتوى عالي الجودة الذي تحتاجه لتدريب نماذج لغوية كبيرة، مقابل فوائد مثل الأدوات والرؤى التوليدية التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لأعمالها.
و باتت صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية أحدث مؤسسة إخبارية تبرم صفقة مع "أوبن إيه آي". وفي إعلان مشترك خلال الأسبوع الماضي، قالت الصحيفة والشركة " أن صانع "شات جي بي تي" سيستخدم محتوى "الفايننشال تايمز" لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها والتعاون في تطوير منتجات وميزات جديدة للذكاء الاصطناعي لقراء المحتوى. وستقوم "شات جي بي تي" أيضًا بإسناد وربط الصحيفة عندما تتضمن معلومات من المنشور في ردودها.
ماذا تتضمن الصفقة؟
تستخدم "أوبن أيه آي" محتوى FT للمساعدة في تحسين تقنية الذكاء الاصطناعي الخاصة بها. قد يعني هذا ذكاءً اصطناعيًا أفضل ينشئ نصوصًا وصورًا وحتى أكوادًا برمجية تبدو وكأنها من صنع الإنسان. كما يسمح أيضًا لروبوت الدردشة الخاص بالإجابة على الأسئلة بملخصات قصيرة من مقالات FT، مع رابط من موقع FT الإلكتروني.
تُعد الصفقة كبيرة لأنها تفيد "أوبن أيه آي"، وتسمح باستخدام المعلومات بالطريقة الصحيحة، ولكنها تمنح أيضًا الناشرين مثل FT طريقة لكسب المال من المحتوى الخاص بهم. هذه الصفقة يمكن أن تغير قواعد اللعبة بالنسبة للناشرين الذين يشعرون بالقلق من أن الذكاء الاصطناعي يأخذ أعمالهم دون منحهم رصيدًا أو دفعًا.
وعن إيجابيات هذه الصفقة أيضاً نسرد ما يلي:
مداخيل للناشرين: يمكن أن تفتح هذه الصفقة طرقًا جديدة للناشرين لكسب المال. إذا كانت شركات الذكاء الاصطناعي على استعداد للدفع مقابل محتوى عالي الجودة، فقد يساعد ذلك في تمويل المزيد من الصحافة ودعم الصناعة.
تحسين عمل الذكاء الاصطناعي: مع محتوى عالي الجودة مثل أرشيفات FT، يمكن للذكاء الاصطناعي مثل "شات جي بي تي" أن يتحسن في الإجابة على الأسئلة وتقديم معلومات مفيدة، قد يؤدي هذا إلى ذكاء اصطناعي أكثر دقة وأخطاء أقل.
وضع القواعد: قد تضع هذه الصفقة معيارًا لكيفية عمل شركات الذكاء الاصطناعي مع الناشرين، إذ توضح أن منصات الذكاء الاصطناعي يجب أن تكون شفافة، وتمنح الفضل لأصحابه عند استحقاقه، وتعوض المبدعين. وقد يشجع هذا شركات الذكاء الاصطناعي الأخرى على اتباع نفس القواعد.
ما هو الجانب السلبي؟
وبطبيعة الحال، ليس كل شيء سلسًا. يشعر بعض الأشخاص بالقلق بشأن الذكاء الاصطناعي في الصحافة لعدة أسباب:
الحفاظ على الواقعية: قد يؤدي الاعتماد كثيرًا على الذكاء الاصطناعي إلى انخفاض الجودة. إذا بدأ الذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى، فمن الذي يتحقق منه للتأكد من دقته؟ الذكاء الاصطناعي جيد، لكنه ليس مثاليًا.
نظام حظر الاشتراك غير المدفوع والاشتراكات: إذا كان الذكاء الاصطناعي قادرًا على تلخيص المقالات وتقديم المعلومات مجانًا، فماذا يحدث للصحف التي تعتمد على الاشتراكات ونظام حظر الاشتراك غير المدفوع؟ وهذا قد يجعل من الصعب على الناشرين كسب المال من المحتوى الخاص بهم.
التأثير على صغار الناشرين: مثل هذه الصفقات يمكن أن تكون رائعة للاعبين الكبار مثل "الفاينانشيال تايمز"، ولكن ماذا عن الناشرين الصغار؟ إذا اختارت شركات الذكاء الاصطناعي الأسماء الكبيرة، فقد تواجه الشركات الأصغر صعوبة في المنافسة.
هذه الصفقة بين OpenAI و FT هي علامة على توجه مفاده أن الذكاء الاصطناعي موجود ليبقى، وسيغير الطريقة التي نستهلك بها الأخبار والمعلومات. المفتاح هو إيجاد توازن بين تبني التكنولوجيا الجديدة والتأكد من أنها لا تؤذي الأشخاص الذين يقومون بإنشاء المحتوى.
وكما قال ماثياس دوبفنر الرئيس التنفيذي لشركة "أكسل سبرينغر"، فإن هذا قد يكون بمثابة دفعة كبيرة للصناعة أو بداية النهاية. كل هذا يتوقف على كيفية استخدامنا للذكاء الاصطناعي وكيفية وضعنا للقواعد. لذا، في حين أن هذه الصفقة قد تؤدي إلى بعض التطورات الرائعة، إلا أننا نحتاج إلى التأكد من تنفيذها بشكل صحيح. ففي نهاية المطاف، لا أحد يريد عالماً يقوم فيه الذكاء الاصطناعي بكل شيء، ولا مكان فيه للإبداع والخبرة البشرية.