أطلقت بيجينغ أحدث محاولتها للتحكم في كيفية استخدام الصينيين للذكاء الاصطناعي من خلال طرح روبوت دردشة دُرِّبَ على أفكار الرئيس الصيني شي جين بينغ. ويتعلم "Chat Xi PT" "شات شي بي تي"، أحدث نموذج لغة كبير في البلاد، من الفلسفة السياسية لزعيمها، والمعروفة باسم "فكر شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية لعصر جديد"، ويضاف إلى ذلك الأدبيات الرسمية الأخرى التي تقدمها إدارة الفضاء السيبراني الصينية. وشددت إدارة الفضاء السيبراني الصينية على أنها تشرف على جودة المحتوى الذي يولده روبوت الدردشة "شات شي بي تي".
بين الضوابط الصارمة على "حرية التعبير" وتطوير الذكاء الاصطناعي
تأتي الجهود الصينية المبذولة لضمان فهم الذكاء الاصطناعي لفلسفة الرئيس شي في الوقت الذي يسعى فيه المسؤولون الصينيون إلى تحقيق التوازن بين الضوابط الصارمة التي تفرضها البلاد على حرية التعبير، وبين تعزيز تطوّر الذكاء الاصطناعي وخلق منافسين لأمثال برنامج الذكاء الاصطناعي التوليدي "شات جي بي تي" الذي صنعته شركة "أوبن إيه آي".
في الوقت الحالي، يستخدم النموذج الجديد في مركز أبحاث تابع لهيئة تنظيم الإنترنت في الصين، ولكن في النهاية، قد يتم إصداره للاستخدام على نطاق أوسع، وفقاً لما نقل مصدر إلى "فاينانشال تايمز". وكذلك فإن المحتوى الذي يجري إنشاؤه لا يمكن أن "يتضمن أي محتوى يقوض سلطة الدولة".
وفي التفاصيل، يمكن للنموذج الجديد الإجابة عن الأسئلة وإنشاء التقارير وتلخيص المعلومات والترجمة بين اللغتين الصينية والإنكليزية.
جهود مكثفة لنشر أفكار شي
يأتي إنشاء نظام الذكاء الاصطناعي التوليدي الجديد في أعقاب جهود مكثفة بذلها المسؤولون الصينيون لنشر أفكار شي حول السياسة والاقتصاد والثقافة، في مجموعة متنوعة من الأشكال.
في ذلك الإطار، نُشرِ أكثر من عشرة كتب باسم شي، وعادة ما تحتل كتبه الأكثر مبيعاً مركز الصدارة في معارض الكتب في البلاد. كما طلب المسؤولون من أطفال المدارس الذين لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات، دراسة فلسفته السياسية. وفي عام 2018، أدرجت أفكاره في الدستور.
وفي إطار متصل، فقد ضمنت شركات التكنولوجيا الصينية العملاقة مثل "بايدو" و"علي بابا" أن تتحكم نماذجها بصرامة في المحتوى الذي ينتجه الذكاء الاصطناعي والمتعلق بشي أو غيرها من القضايا التي يحتمل أن تكون حساسة. وعادةً ما تطلب روبوتات الدردشة المولدة بالذكاء الاصطناعي التابعة للمجموعتين من المستخدمين إعادة تشغيل الدردشات عند البحث عن مواضيع حساسة.
تنافس القطبين الصيني والأميركي
يشهد العالم سباقاً محموماً بين الولايات المتحدة والصين على الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتُعدّ هذه المنافسة حرباً شاملة تُدار على جبهات متعددة، من الابتكار والاستثمار والتوسع إلى إصدار برامج وأنظمة الذكاء الاصطناعي وقوننتها وغير ذلك.
وتُعدّ هيمنةُ إحدى الدولتين على مجال الذكاء الاصطناعي مسألةً تحوز أهمية جيوسياسية كبيرة. إذ تُمكن تقنيات الذكاء الاصطناعي الدول من تعزيز قوتها العسكرية والاقتصادية. وتُثير المنافسة بين الولايات المتحدة والصين مخاوفَ من اندلاع سباق تسلّح في مجال الذكاء الاصطناعي. ولكن، تبقى مسألة حرية التعبير أكثر قضية يضغط بها المراقبون على الصين. وبالطبع، سيثير البرنامج الجديد الذي يحاكي أيديولوجية الرئيس الصيني بوضوح هذه المسألة، ما يجدد الضغوط على القطب الصيني.