النهار

ماذا تقول صفقة "News Corp" مع "أوبن إيه آي" عن مستقبل النشر... الذكاء الاصطناعي ؟
راغب ملّي
المصدر: النهار العربي
إحدى التكتلات الإعلامية الرائدة في العالم تعقد اتفاقًا مع "أوبن إيه آي" الشركة الرائدة في أبحاث الذكاء الاصطناعي التوليدي لعرض الأخبار في "شات جي بي تي". ستعمل هذه الصفقة على إحداث ثورة في مجال الصحافة من خلال دمج محتوى "نيوز كورب" الضخم في نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي المبتكرة من "أوبن إيه آي"
ماذا تقول صفقة "News Corp" مع "أوبن إيه آي" عن مستقبل 
 النشر... الذكاء الاصطناعي ؟
منشورات news corp
A+   A-
في عصر تغيّر فيه التكنولوجيا كل جانب من جوانب الحياة تغيراً متسارعاً، ليس عالم الصحافة استثناءً.
 
وقعت شركة News Corp أحد التكتلات الإعلامية الرائدة في العالم اتفاقاً مع "أوبن إيه آي"  الشركة الرائدة في أبحاث الذكاء الاصطناعي التوليدي لعرض الأخبار في "شات جي بي تي". ستعمل هذه الصفقة على إحداث ثورة في مجال الصحافة من خلال دمج محتوى "نيوز كورب" الضخم في نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي المبتكرة من "أوبن إيه آي"، بما في ذلك "شات جي بي تي" المشهور على نطاق واسع. ينضم مالك صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى "فايننشال تايمز" و"بوليتيكو" في إبرام صفقات مماثلة.
 
أعلنت شركة "نيوز كورب"، وهي شركة نشر الأخبار متعددة الجنسيات التي تسيطر عليها عائلة "مردوخ" يوم الأربعاء، أنها ستسمح لشركة الذكاء الاصطناعي "أوبن إيه آي" بعرض محتواها الإخباري عندما يطرح الأشخاص أسئلة في "شات جي بي تي"، الأمر الذي يُمثّل إضافة إلى موكب المؤسسات الإخبارية التي توقع صفقات مع شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
 
لم تعلن "نيوز كورب" و"أوبن إيه آي" الشروط التجارية للصفقة، لكن صحيفة "وول ستريت جورنال" المملوكة لشركة "نيوز كورب" ذكرت أن الصفقة قد تبلغ قيمتها أكثر من 250 مليون دولار على مدى خمس سنوات، وستشمل المدفوعات النقدية، واعتمادات لاستخدام تقنية "أوبن إيه آي". ليس من الواضح كيف سيتم عرض محتوى "نيوز كورب" على "شات جي بي تي" حتّى الآن، ولكن متحدثاً باسم "أوبن إيه آي" قال إنه سيتضمن روابط إلى المواقع الإخبارية للشركة. ستعرض "أوبن إيه آي" هذا المحتوى رداً على استفسارات المستخدم وتستخدمه لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، تهدف الشراكة إلى تعزيز منتجات وخدمات "أوبن إيه آي" المدعومة بالذكاء الاصطناعي من خلال دمج صحافة Corp العالية الجودة.
 
من المهم ملاحظة أن الشراكة تركز خاصة على منشورات الأخبار والمعلومات الخاصة بشركة Corp ولا تتضمن الوصول إلى المحتوى من أي من الشركات الأخرى التابعة للشركة، الأمر الذي يضمن أن يظل التعاون متمركزاً حول المعايير الصحافية والنزاهة.
 
هز ظهور روبوتات الدردشة المدعمة بالذكاء الاصطناعي التوليدي عالم صناعة الأخبار، فقد تم تدريب روبوتات الدردشة، مثل "شات جي بي" وGemini من Google، على النصوص المستخرجة من الويب، بما في ذلك المقالات الإخبارية دون مقابل مادي أو إذن. في الوقت الذي تتيح فيه مثل هذه الأدوات الإجابة عن أسئلة الأشخاص مباشرةً، الأمر زاد المخاوف من أن الأشخاص سيحصلون ببساطة على معلوماتهم من روبوتات الدردشة بدلاً من الدفع للصحافيين لتغطية الأخبار وكتابتها، ما دفع بعض المؤسسات كـ"نيويورك تايمز" و"شيكاغو تريبيون"، لرفع دعاوى قضائية ضد شركة "أوبن إيه آي" في وقت سابق.
 
لقد عانت المؤسسات الإخبارية من التغيرات التكنولوجية لسنوات عديدة، وغالباً ما قدمت التقنيات الجديدة مثل وسائل التواصل الاجتماعي تدفقاً كبيراً من الأموال وقراءً جدداً للمؤسسات الإخبارية. ولكن عندما تتغير التكنولوجيا، غالباً ما يختفي المال والقراء معاً.
 
نما ناشرو الأخبار مثل BuzzFeed وVice News بسرعة خلال ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن عندما قررت شركة Meta المالكة لفايسبوك عرض أخبار أقل في خلاصات مستخدميها، انهارت إيرادات تلك الشركات.
 
يعتبر الكثيرون الشراكة بين "أوبن إيه آي" و"نيوز كورب" بمثابة لحظة فخر للصحافة والتكنولوجيا. إنها تمثل رؤية لمستقبل يحترم فيه الذكاء الاصطناعي معايير الصحافة العالمية ويعززها، ويسلط هذا التعاون الضوء على إمكانات الذكاء الاصطناعي في تغيير الطريقة التي يستهلك بها المستخدمون الأخبار ويصلون إليها، كما أنه يثير أسئلة مهمة حول الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في وسائل الإعلام ودور وسائل الإعلام الرئيسية في الشراكة مع شركات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. وتأتي هذه الصفقة أيضاً في الوقت الذي تواجه فيه شركة "أوبن إيه آي" ادعاءات من الممثلة سكارليت جوهانسون  بأن الشركة نسخت صوتها في برنامج الدردشة الصوتية "Sky".
 
ويناقش الصحافيون الآن كيفية التعامل مع الذكاء الاصطناعي، ويشعر الكثيرون بالقلق من أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل محلهم، حيث تجمع شركات التكنولوجيا مثل "أوبن إيه آي" و"غوغل" المقالات الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي لتجميع المقالات الإخبارية التي يولدها الذكاء الاصطناعي.
 
طرحت "غوغل" مؤخراً إجابات الذكاء الاصطناعي في البحث لمستخدميها في الولايات المتحدة، ما أثار الذعر واتهامات بالظلم والسرقة الأدبية من المدونين ومقدمي الأخبار. وعلى عكس "أوبن إيه آي" لم توقع "غوغل" صفقات مع المؤسسات الإخبارية لدفع ثمن محتواها.
 
ويرى البعض أنّه إذا نجحت "أوبن إيه آي" في اقتصاد المحتوى الخاص بها استناداً إلى المساعدين أو برامج الدردشة الآلية، أو منتجات مثل SearchGPT، فإنّه سيتم تفضيل هذه الوسائط في حين سيخسر الناشرون المستقلون الأصغر حجماً. ومن جانب آخر يفتقد السياسيون هذا التطور، ما قد يمنح "أوبن إيه آي" الكثير من القوة على نظام الإعلام المستقبلي.
 
وقالت النقابة التي تمثل عمال "وول ستريت جورنال" و"داو جونز" في بيان نُشر على موقع منصة "إكس" إنها منزعجة من إبرام الصفقة، قبل أن تضع المؤسسة الإخبارية اللمسات النهائية على السياسات المتعلقة باستخدام المحتوى المكتوب بشرياً للذكاء الاصطناعي، والذي تتفاوض عليه النقابة حالياً مع الشركة، ومن جهتها قالت "أوبن إيه آي" إن الصفقة ستضع معايير لكيفية تفاعل شركات الذكاء الاصطناعي والمؤسسات الإخبارية.
 
وصرّح سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي" في بيان: "نحن نقدر بشدة تاريخ "نيوز كورب" كشركة رائدة في نقل الأخبار العاجلة حول العالم، ونحن متحمسون لتعزيز وصول مستخدمينا إلى تقاريرها العالية الجودة".
 

اقرأ في النهار Premium