النهار

قانون بيولوجيّ شامل قد يفسّر الشيخوخة
المصدر: "النهار العربي"
اقترح هذا القانون مؤخّراً عالِم في الأحياء الجزيئيّة
قانون بيولوجيّ شامل قد يفسّر الشيخوخة
رسم تعبيري عن الحمض النووي (بيكسابي)
A+   A-

في بحث له نشرته مجلّة "فرونتييرز إن إيجينغ" (الحدود في التقدّم بالسنّ)، رأى العالِم في الأحياء الجزيئيّة في جامعة جنوب كاليفورنيا جون تاور أنّ الشيخوخة تجد جذورها في غياب الاستقرار. لكن ألا يتطلّب تطوّر الحياة استقراراً في نُظمها؟ ليس بشكل تامّ.

 

تكتب تيسا كومونودوروس في موقع "ساينس أليرت" أنّ القوانين البيولوجيّة نادرة بحسب الاعتقاد الشائع وتصف أنماطاً أو مبادئ تنظيميّة تبدو منتشرة في كل مكان بشكل عام. في حين أنّها يمكن أن تكون أكثر ليونة من الأحكام المطلقة للرياضيّات أو الفيزياء، تساعد قواعد علم الأحياء في فهم أفضل للعمليّات المعقّدة التي تحكم الحياة.

 

يبدو أنّ غالبيّة الأمثلة حتى الآن تهتمّ بحفظ المواد أو الطاقة وبالتالي ميل الحياة نحو الاستقرار. على سبيل المثال، تنصّ قاعدة ألّان (Allen) لسنة 1877 على أنّ ذوات الدم الحار في المناطق الباردة تتطلّب أطرافاً أكثر ثباتاً وذات مساحة احتكاك أقلّ مع سطح الأرض من أجل الحفاظ على حرارة الجسم، بينما في المناطق الأكثر دفئاً يكون العكس صحيحاً. لكن كما الحال مع كل ما هو بيولوجيّ، ثمّة بعض الاستثناءات، مثل كلاب الآجام القصيرة الأرجل الموجودة في أميركا الوسطى والجنوبية، والضفدع الشائع.

 
 
 
 
 

يكمن مثلٌ آخر عن "القواعد" البيولوجيّة في تكرار الهياكل التي تخضع لقوانين القوّة الرياضيّة كلّما زاد حجمها، مثل دوّامة قوقعة النوتيلوس الدائمة التوسع. هي منتشرة على نطاق واسع في العديد من الأنظمة البيولوجيّة، ويُعتقد أنّها استراتيجيّات تحافظ على استخدام الطاقة والمواد. والطريقة التي يصنع بها النحل أقراص العسل السداسيّة هي مثل ذكيّ آخر.

 

"يُعتقد أنّ الهياكل المتشابهة ذاتيّاً، بما فيها اللوالب اللوغاريتميّة، هي الطريقة الأكثر اقتصاداً لزيادة حجم الهيكل، بدون تغيير الشكل أو تدمير الهيكل الحاليّ"، يوضح تاور.

مع ذلك، إنّ مفهومه المسمّى "عدم الاستقرار الانتقائيّ المفيد" يتحدّى هذا الاتجاه نحو الحفاظ على الموارد في النظم البيولوجيّة.

 

يدّعي مفهومه أنّ بعض التقلّبات على الأقل هي ضرورة بيولوجيّة أساسيّة، على الرغم من أنّ عدم الاستقرار هذا يؤدّي إلى فقدان الموارد. يرجع ذلك إلى أنّ هناك أموراً أخرى يمكن كسبها.

 

يقول تاور: "يؤدّي عدم الاستقرار الانتقائيّ المفيد إلى زيادة تعقيد النظام، وهذا التعقيد المتزايد له فوائد محتملة". تشمل هذه الفوائد القدرة على التغيّر وبالتالي التكيّف، وهو ما يحدث عبر جميع المستويات البيولوجيّة من المستوى الجزيئيّ إلى مستوى السكان.

 
 
 
 

يتابع تاور: "حتى أبسط الخلايا تحتوي على البروتياز (proteases) والنواة، وتتحلّل بانتظام وتستبدل البروتينات والحمض النووي الريبوزيّ (RNA) الخاصّة بها ممّا يشير إلى أنّ عدم الاستقرار الانتقائيّ بشكل مفيد ضروريّ للحياة".

 

إنّ شرط عدم الاستقرار يؤدّي حتماً إلى فقدان الطاقة والموارد وتراكم الطفرات الجينيّة التي قد تكون ضارّة أو حميدة. ويتوقّع تاور أن تكون هذه الطريقة التي ينتهي بها الإنسان عند بالشيخوخة البيولوجيّة".

مع ذلك، من دون عدم الاستقرار وسلبيّاته، لن تكون الحياة قادرة على التكيّف والازدهار من خلال تغيّر الزمان والمكان.

 

لذلك، نحن جميعاً عالقون في لعبة شدّ حبال متناقضة بين الحاجة إلى الاستقرار وعدم الاستقرار، وبالتالي تقديم التنازلات في كلتا الحالتين.

 

يقول تاور: "لقد أصبح العلم مفتوناً مؤخراً بمفاهيم مثل نظريّة الفوضى والنقديّة وأنماط تورينغ، و‘الوعي الخلويّ‘".

"تشير الأبحاث في هذا المجال إلى أنّ عدم الاستقرار الانتقائيّ المفيد يلعب دوراً مهماً في إنتاج كل من هذه الظواهر".

اقرأ في النهار Premium