برز الذكاء الاصطناعي التوليدي كقوة تغييرية تُعيد تشكيل الصناعات والاقتصادات والمجتمعات في جميع أنحاء العالم. وتشكل تلك التكنولوجيا إحدى أبرز التقنيات التغييرية في القرن الحادي والعشرين، بفضل قدرتها على إحداث ثورة في عدد لا يُحصى من الصناعات وتغيير الطريقة التي تُعاش بها الحياة ككل.
في ذلك السياق، تتوقع مجموعة من التقارير الأخيرة أن تقترب استثمارات الذكاء الاصطناعي التوليدي عالمياً من 200 مليار دولار بحلول عام 2025، مع تنافس الدول على الاستمتاع بفوائد الذكاء الاصطناعي وتوظيفها في الإنتاج والاقتصاد.
ماسك في رقصة التحالف والتنافس
ومع تصاعد السباق في التقنيات الذكاء التوليدي، أعلنت شركة "إكس إيه آي" xAI المملوكة لإيلون ماسك أنها جمعت ستة مليارات دولار من الأموال الجديدة لتطويرها، إذ كتبت الشركة في موقعها الإلكتروني: "يسرّ شركة xAI أن تعلن إتمام جولة تمويل بقيمة ستة مليارات دولار، ساهمت فيها بشكل خاص شركات "فالور إكويتي بارتنرز Valor Equity Partners" و"أندريسن هوروفيتز" و"سيكويا كابيتال"، والأمير السعودي الوليد بن طلال". وأوضحت الشركة أن "الأموال التي جُمعت ستُستخدم لطرح منتجات "إكس إيه آي" الأولى في السوق، وبناء بنية تحتية متقدمة، وتسريع البحث وتطوير التقنيات المستقبلية".
وتذكيراً، ليس اسم إيلون ماسك بغريبٍ عن التقينات الذكية، إضافة إلى كونه أحد أوائل رواد الاستثمار في التكنولوجيا، بل أكثرهم شهرة فيه. وبالتالي، تجلب مشاركة ماسك قدراً كبيراً من الاهتمام والمصداقية لشركة xAI، في الوقت الذي يدفع سجله الحافل مع شركتي "تيسلا" Tesla و"سبايس إكس" SpaceX، إلى توقع أنه يقدر على تحفيز الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.
وفي المقابل، قد تتأثر الصورة العامة لشركة xAI بأثر من التاريخ المثير للجدال لماسك مع "أوبن إيه آي" وانتقاداته للمتنافسين في صناعة الذكاء التوليدي. دعونا لا ننسى أيضاً أنّه أحد مؤسسي شركة "أوبن إيه آي" قبل أن يختلف مع تلك الشركة وتصبح في خانة الحلفاء السابقين لماسك. ينظر العديد من الخبراء إلى الإعلان المتعلق بجمع أموال جديدة للاستثمار، الذي أصدرته "إكس إيه آي"، بأنّه يأتي في سياق تسريع تحدّي شركة ماسك ومنافستها للحلفاء السابقين في "أوبن إيه آي".
اقتحام عربي مبكر
في مقابلته مع "النهار العربي"، أورد المترجم والمختص في مطالعة أبحاث الذكاء الاصطناعي عمرو عبد العليم جمعة ضيف: "من الواضح أن إيلون ماسك قرّر خوض سباق الذكاء الاصطناعي مع شركة مايكروسوفت التي طالعتنا الصحافة أخيراً بتوسّعها في استثمارات الذكاء الاصطناعي بعقد صفقات مليارية مختلفة للاستثمار في الذكاء الاصطناعي مع الإمارات وفرنسا. وكذلك الحال بالنسبة إلى تفاوض شركة ألفابيت على صفقة مليار دولار لإنشاء مركز بيانات في بريطانيا وكذلك اتخاذ ماسك قراراً ببيع أسهم سبيس إكس. ومن ناحية أخرى، نجد أن عقد صفقات في الذكاء الاصطناعي بالنسبة لمنطقة الخليج يفتح أمامها الدخول في سباق ريادة هذا المجال سواء في الإمارات مع مايكروسوفت أو المستثمرين السعوديين مع ماسك. وباختصار، توضح كافة الشواهد أن الذكاء الاصطناعي سيكون مجال الاستثمار لرؤوس الأموال الاستثمارية خلال الفترة المقبلة وفي المستقبل المنظور القريب".
أطلق ماسك منافساً لـ"شات جي بي تي" من "أوبن إيه آي" في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، يُدعى Grok، وقد دُرّبَ ودُمِجَ في X.com أو منصة "تويتر" سابقاً. ويُعتبر Grok المثل الأبرز عن أعمال شركة ماسك في الذكاء الاصطناعي التوليدي التي يقودها مديرون تنفيذيون يتمتعون بخبرة سابقة في شركات DeepMind التابعة لـ"فيسبوك"، و"مايكروسوفت" Microsoft Corp، و"تيسلا" Tesla وغيرها.
وعن الاستراتيجيات المرتقبة لـ"إكس إيه آي"، أفاد جمعة ضيف: "هنالك توسّع عالمي للشراكات التجارية في مجال إنشاء شركات الذكاء الاصطناعي التي تدير مختلف وسائل الإنتاج بتقنيات الذكاء الاصطناعي، في الصناعة والزراعة واستخراج المعادن والخدمات المالية والنقل والمواصلات، مع ما يعنيه ذلك من السيطرة على رأس المال العالمي ككل".
وبالنتيجة، باتت شركات الذكاء الاصطناعي تتصدر الاستثمارات المليارية في هذا القطاع. ومن الواضح أن المرحلة المستقبلية وأحد عوامل القوة الاقتصادية تكمن في الاستثمارات ضمن تلك التكنولوجيا.
وكذلك يلفت النظر تصدّر بعض الدول العربية الريادة في هذه الاستثمارات بعد أن كانت تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي التوليدي تنحصر في عواصم غربية.