تحت عنوان مثير "الذكاء الاصطناعي يعطي درساً عن أوهام تضخِّمه"، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية مقالاً نقدياً عن مسألة التعامل مع تلك التكنولوجيا الذكية، خصوصاً النسخة الجديدة من روبوت الدردشة "شات جي بي تي". وتمثل النقد في أن تجربة اختبارية عن البرنامج أفضت إلى أن ذلك البرنامج نفسه حرَّض الجمهور على النظر بعين نقدية إلى الأجوبة التي يعطيها البرنامج، وضرورة تفحصها والتمعن فيها قبل قبول والتسليم بها.
أبعد من مسألة صوت عاطفي
حينما كشفت شركة "أوبن إيه آي" عن أحدث إصدار من برنامج روبوت الدردشة "شات جي بي تي" الذي يحظى بشعبية كبيرة، ويُشار إليه باسم "جي بي تي 4 او" GPT-4o، بدا أنه يمتلك صوتاً بنبرات تعبيرية وعاطفية تشبه الإنسان. كذلك أظهر العرض التوضيحي عبر الإنترنت ذلك الروبوت أثناء توليه تعليم طفل كيفية حلّ مسألة هندسية. لكن ما أثار استياء الجمهور تمثل في أن البرنامج الجديد صدر من دون معظم ميزاته الجديدة، مثل القدرة على استخدام كاميرا الفيديو الخاصة بالهاتف للحصول على التحليل في الوقت الفعلي، مثل المساعدة في حل مسألة رياضية. وليست هذه الميزة متاحة حتى الآن.
ووسط ذلك التأخير، ألغت الشركة أيضًا صوت "جي بي تي 4 او"، الذي شبّهه البعض بالممثلة سكارليت جوهانسون، بعدما هدّدت الأخيرة باتخاذ إجراء قانوني، فاستبدلته الشركة بصوت أنثوي مختلف.
في الوقت الحالي، ما يقدّمه طرحه بالفعل في برنامج "جي بي تي 4 او" يتمثل في القدرة على تحميل الصور كي يتولّى الروبوت تحليلها. يمكن للمستخدمين عمومًا توقّع استجابات أسرع وأكثر وضوحًا. ويستطيع الروبوت أيضًا إجراء ترجمات لغوية في الوقت الفعلي، لكن "شات جي بي تي" سوف يستجيب بصوته الأقدم الذي يشبه صوت الآلة.
تكتيكات مُراوغِة من شركات الذكاء الاصطناعي
مع ذلك، شكَّل برنامج الدردشة "جي بي تي 4 او" حدثاً قلب صناعة التكنولوجيا رأسًا على عقب. وبعد تجربته وجد البعض أنه عانى في الرياضيات والفيزياء، لكنه تفوق في الترجمات اللغوية.
وفي هذا الإطار، اعتبر بعض الخبراء أن هذا التكتيك الذي تستخدمه بعض شركات الذكاء الاصطناعي التي تعد بميزات جديدة جامحة، وتقدّم منتجًا غير مكتمل، هو اتجاه من شأنه إرباك الناس وإحباطهم.
وأخيراً، تعرّض جهاز "إيه أي بن" Ai Pin، الذي تبلغ قيمته 700 دولار، من شركة "هيومين" Humane الناشئة، لانتقادات عالمية بسبب ارتفاع درجة حرارته من بين مشاكل أخرى.
كذلك، كانت قد أضافت شركة "ميتا" أيضًا إلى تطبيقاتها أداة الذكاء الاصطناعي، تبيَّن ضعفها في أداء معظم المهام المعلن عنها، مثل البحث على الويب عن تذاكر الطائرة.
لماذا تُطلَق المنتجات مبكراً؟
تعمد الشركات إلى إطلاق منتجات الذكاء الاصطناعي في حالة مبكرة جزئيًا، لأنها تريد أن يستخدم الناس التكنولوجيا لمساعدتهم في تعّلم كيفية تحسينها. إذ أكّدت "أوبن إيه آي" أن نهجها في تحديث "شات جي بي تي" سمح لها بجمع التعليقات لإجراء التحسينات.
في الماضي، حينما كشفت الشركات عن منتجات تقنية جديدة مثل الهواتف الذكية، تطابق ما عرض علينا من ميزات مثل الكاميرات الجديدة والشاشات الأكثر سطوعًا، مع ما كنا نحصل عليه.
في حال الذكاء الاصطناعي، تقدّم الشركات لمحة مسبقة عن المستقبل المحتمل، من خلال إظهار التقنيات التي يجري تطويرها، والتي تعمل في ظروف محدودة وخاضعة للرقابة. وبالتالي، قد يصل المنتج ناضجاً وموثوقاً، وقد يأتي على عكس ذلك.
وبالتالي، ينصح الخبراء الجمهور بالاستفادة من تلك المعطيات، ويشيرون إلى أن ما ينبغي تعلّمه من التجربة مع "جي بي تي 4 او" يتمثل في أننا، كمستهلكين، يجب أن نقاوم هذه الضجة وأن نتبع نهجًا بطيئًا وحذرًا تجاه الذكاء الاصطناعي.
وكذلك لا ينبغي أن ننفق الكثير من الأموال على أي تقنية غير مكتملة، إلى أن يثبت بالأدلة الفعلية أن الأدوات تعمل بالتطابق مع ما تعلنه شركات التكنولوجيا عنها.