سلسلةٌ من التغييرات أحدثها الذكاء الاصطناعي ولا يزال، في معظم القطاعات. وليست الروبوتات بمنأىً عن الأمر، ذلك أنها تصبح "أكثر ذكاءً" بفضل الذكاء الاصطناعي.
التكنولوجيا نفسها التي تمكن روبوتات الدردشة مثل "تشات جي بي تي" من إجراء المحادثات، أو أنظمة مثل "دال – إي" من إنشاء صور واقعية المظهر من خلال نص، يمكنها أن ترتقي بالقدرات الفكرية للروبوتات من جميع الأنواع.
في المقابل، ومع تطور "ذكاء" الروبوتات، لا تزال هذه التكنولوجيا بعيدةً عن أن تصبح شبيهةً بالإنسان، خصوصاً في ما يتعلق بالقدرات الجسدية.
جسد روبوتي بقدرات محدودة
لعل من أبرز نقاط الاختلاف هي القوة الطبيعية والبراعة. تمنح العضلات والهياكل العظمية نطاقاً مرناً من الحركة وقوة مذهلة. ويمكن للإنسان الإمساك بالأشياء بطرق معقدة وضبط قوته بسرعة، أما الروبوتات فغالباً ما تكون قوية، لكن حركاتها يمكن أن تكون قاسية وتفتقر إلى براعة الأيدي البشرية.
كذلك هناك الحاسة والتكيف، فلدى البشر مجموعة كاملة من الحواس، اللمس والتذوق والشم والبصر والسمع، التي منحهم فهماً غنياً للعالم من حولهم. يمكنهم التفاعل والتكيف مع المواقف المتغيرة باستخدام هذه المعلومات. في المقابل، تعتمد الروبوتات على أجهزة استشعار مبرمجة، والتي يمكن أن تكون محدودة في البيئات المعقدة.
هناك أيضاً التوازن وخفة الحركة. تعمل الأذن الداخلية والجهاز العصبي معاً للحفاظ على التوازن والتنسيق. يمكن للبشر المشي، والجري، والقفز، والتسلق بخفة مذهلة. وفيما بعض الروبوتات يمكن أن تتحرك تحركاً مثيراً للإعجاب، فإنها غالباً ما تفتقر إلى التوازن الطبيعي والقدرة على التنقل في التضاريس غير المستوية التي يعتبر البشر أن السير فيها يشكل أمراً مفروغاً منه.
وفي ما يخص الإصابات، تعمل أجساد البشر باستمرار على إصلاح الإصابات الطفيفة ومحاربة الأمراض. ومن ناحية أخرى، تحتاج الروبوتات عادة إلى صيانة وإصلاحات خارجية عندما تتعطل.
أنباء سارّة للآلات!
ورغم ما ذُكر من معوقات، يحمل التطور المرافق للذكاء الاصطناعي أنباءً سارة. إذ تعمل نماذج جديدة من الذكاء الاصطناعي على التمرّس بتقنيات الوسائط المتعددة، أي "مالتي ميديا" Multi Media، ما قد ينقلها إلى الجمع بين فهم اللغة والرؤية والبيانات المستمدة من أجهزة الاستشعار والمحركات الآلية. ومع تلك المعطيات، تتزايد سهولة التعامل مع الروبوتات بطرق المحادثة العادية.
ومثلاً، قد يمكن للمستخدم أن يسأل الروبوت عما يمكنه رؤيته أو أن يطلب منه "التقاط الفاكهة الصفراء". في الواقع، تمنح مثل هذه النماذج الروبوتات درجة من الحس السليم، كأن يعرف في هذه الحالة أن الموز القريب هو نوع من الفاكهة الصفراء. وعلى غرار التعامل مع روبوت الدردشة، يمكن أن يُطلب من الروبوت تعديل سلوكه ببساطة عن طريق تغيير المطالبة النصية، وهو الأمر الذي كان يتطلب في السابق إعادة برمجة معقدة.
ومن المزايا الأخرى أن النماذج الجديدة تمكّن الروبوتات من شرح الأسباب الكامنة وراء أفعالها. ويكون ذلك مفيداً حينما تتصرف بطرق غير متوقعة أو غير مرحب بها. وإلى حد ما، ستغدو تلك النماذج الجديدة أقل عرضة للإصابة بـ"هلوسة الآلات" Machine Hallucination، وهو مصطلح تكنولوجي يعني "اختلاق أشياء لا وجود لها أو لا سند لها". ومع روبوتات ترتكز تصوراتها على ملاحظات العالم، وتسعى إلى ضمان تطابق الواقع المعرفي والمادي، فإنها قد تغدو أكثر أماناً وموثوقية.
وهناك فائدة أخرى وهي أن الروبوتات تتحسن في التعلم بسرعة من خلال التقليد والتعميم من مهارة إلى أخرى، وهو ما يفتح الباب أمام الروبوتات للخروج من المصانع والمستودعات، إلى مسارات اخرى في الحياة اليومية.
لا تزال الروبوتات، بما فيها تلك التي صُممت لتشابه البشر "هيومانويد" Humanoid Robot، بعيدةً عن أن تشابههم فعلاً. ولكن الذكاء الاصطناعي يقربها بالتدريج من ذلك، تقريبنا كبشر من العيش مع روبوتات كتلك التي رأيناها في أفلام هوليوود، كـ"سي ثريبيو" (C3Po)، الروبوت "الإنسان" من سلسلة أفلام "حرب النجوم" (Star Wars) وغيرها.