بيّنت عمليات رصد أخيراً أن طبقة من الصقيع أو "الجَمَد" (بالإنكليزية Frost) موجودة على قمم براكين المريخ الضخمة، في اكتشاف مفاجئ من شأنه إعطاء فكرة أفضل عن دورة الماء على الكوكب الأحمر، ستكون مفيدة لإيفاد بعثات استكشاف إليه مستقبلاً.
وأمكنَ تحقيق هذا الاكتشاف بفضل صور التقطتها مصادفةً من مدار المريخ مركبة "ترايس غاس أوربيتر" ("تي جي أو") التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية على قبة ثارسيس بالقرب من خط استواء المريخ، وفق دراسة نشرتها مجلة "نيتشر جيوساينسز".
وتضمّ هذه المنطقة المرتفعة الشاسعة التي يبلغ قطرها نحو خمسة آلاف كيلومتر براكين ضخمة همدت منذ ملايين السنين، من بينها "أوليمبوس مونس" الذي يبلغ ارتفاعه 22 كيلومتراً، أي ثلاثة أضعاف جبل إيفرست، ويُعدَ الأكبر في النظام الشمسي.
وقال المعدّ الرئيسي للدراسة المتعلقة بهذا الاكتشاف أدوماس فالانتيناس إن أحدأً لم يكن يتوقع أن يجد صقيعاً في هذا المكان، إذ كان الاعتقاد سائداً بأن "هذا الأمر مستحيل حول خط استواء المريخ".
وأوضح هذا الباحث في جامعة براون الأميركية في بيان أصدرته وكالة الفضاء الأوروبية أن أشعة الشمس القوية والضغط الجوي المنخفض جداً "يُبقيان درجات الحرارة عند مستوى مرتفع إلى حد ما عند القمم وعلى سطح" المريخ.
وفي منطقة ثارسيس، يمكن أن تنخفض درجات الحرارة إلى مستوى متدنٍ جداً يصل إلى 130 درجة تحت الصفر ليلاً، لكنّ هذه الظاهرة لا تعود إلى الارتفاع "خلافاً لما يحدث على الأرض، حيث تكون القمم عادةً متجمدة".
أضف إلى ذلك أن المياه قليلة جداً في الغلاف الجوي لخط الاستواء المريخي، مما يجعل التكثيف صعبا.
وأوضح الأستاذ في جامعة باريس ساكليه فريديريك شميدت الذي شارك في إعداد الدراسة في تصريح لوكالة فرانس برس أن "مسبارات أخرى سبق أن رصدت صقيعاً ولكن في مناطق أكثر رطوبة، لا سيما في السهول الشمالية".
وشرح معدّو الدراسة أن وجود الصقيع على قمم البراكين عائد إلى وجود مناخ محلي داخل بحيراتها البركانية (المعروفة بالكالديرات)، أي فوهاتها الدائرية الشاسعة. وشرح المعدّ المشارك للدراسة نيكولاس توماس إن الرياح تتحرك على الأرجح إلى من سفوح الجبال إلى أعلاها، حاملة معها "الهواء الرطب نسبياً من أمكنة قريبة من السطح إلى ارتفاعات أعلى، حيث يتكثف ويترسب على شكل صقيع".
ورأى شميدت أن التعمق في درس هذا الاكتشاف خطوة مهمة للاستكشافات البشرية والروبوتية المستقبلية. وقال: "يمكننا استخراج الماء من الصقيع للاستهلاك البشري، وإطلاق الصواريخ من المريخ عن طريق فصل جزيئات الأكسجين والهيدروجين".