أظهر باحثون في جامعة "كامبريدج" أنه يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتحديد الالتهابات المقاومة للأدوية، ما يقلل كثيراً من الوقت المستغرق للتشخيص الدقيق. وأظهر الفريق أنه يمكن تدريب الخوارزمية لتحديد البكتيريا المقاومة للأدوية تحديداً صحيحاً من خلال الصور المجهرية وحدها، في غضون ساعات.
تعد مقاومة مضادات الميكروبات مشكلة صحية عالمية متزايدة، ما يعني أن العديد من أنواع العدوى أصبح من الصعب علاجها، مع توفر خيارات علاج أقل. بل إنه يثير شبح أن تصبح بعض أنواع العدوى غير قابلة للعلاج في المستقبل القريب.
أحد التحديات التي تواجه العاملين في مجال الرعاية الصحية هو القدرة على التمييز بسرعة بين الكائنات الحية التي يمكن علاجها بأدوية الخط الأول وتلك المقاومة للعلاج. يمكن أن يستغرق الاختبار التقليدي أياماً عدة، ما يتطلب زراعة البكتيريا واختبارها ضد علاجات مضادة للميكروبات المختلفة، وتحليلها بواسطة فني مختبر أو بواسطة آلة. غالباً ما يؤدي هذا التأخير إلى علاج المرضى بأدوية غير مناسبة، ما قد يؤدي إلى نتائج أكثر خطورة، وربما يزيد من مقاومة الأدوية.
في بحث نُشر في مجلة Nature Communications، قام فريق بقيادة باحثين في مختبر البروفسور ستيفن بيكر بجامعة "كامبريدج" بتطوير أداة للتعلم الآلي قادرة على التعرف من خلال الصور المجهرية على بكتيريا Salmonella Typhimurium المقاومة للمضاد الحيوي "سيبروفلوكساسين" Ciprofloxacin من الخط الأول، حتى بدون استخدام المضادات الحيوية. اختبار البكتيريا ضد الدواء.
يسبب S. Typhimurium مرضاً في الجهاز الهضمي، ومرضاً يشبه التيفوئيد في الحالات الشديدة، والتي تشمل أعراضها الحمى والتعب والصداع والغثيان وآلام البطن والإمساك أو الإسهال.
وفي الحالات الشديدة، يمكن أن تكون مهددة للحياة. فيما يمكن علاج الالتهابات بالمضادات الحيوية، أصبحت البكتيريا مقاومة بشكل متزايد لعدد من المضادات الحيوية، ما يجعل العلاج أكثر تعقيداً.
استخدم الفريق الفحص المجهري العالي الدقة لفحص عزلات S. Typhimurium المعرضة لتركيزات متزايدة من "السيبروفلوكساسين" وحددوا أهم خمس ميزات تصوير للتمييز بين العزلات المقاومة والحساسة. ثم قاموا بتدريب واختبار خوارزمية التعلم الآلي للتعرف على هذه الميزات باستخدام بيانات التصوير من 16 عينة.
وكانت الخوارزمية قادرة على التنبؤ الصحيح في كل حالة بما إذا كانت البكتيريا حساسة أو مقاومة للسيبروفلوكساسين أم لا دون الحاجة إلى تعرض البكتيريا للدواء. وكان هذا هو الحال بالنسبة للعزلات التي تمت زراعتها لمدة ست ساعات فقط، مقارنة بـ24 ساعة المعتادة لزراعة العينة في وجود المضاد الحيوي.
ومن أجل تحليل العينة باستخدام هذا النهج، لا يزال من الضروري عزل البكتيريا من العينة على سبيل المثال، عينة من الدم أو البول أو البراز.
ومع ذلك، نظراً لأن البكتيريا لا تحتاج إلى اختبار ضد "السيبروفلوكساسين"، فهذا يعني أنه يمكن تقليل العملية برمتها من أيام عدة إلى بضع ساعات.
وفي حين أن هناك قيوداً على مدى فعالية هذا النهج من الناحية العملية والفعالة من حيث التكلفة، يقول الفريق إنه يوضح من حيث المبدأ مدى قوة الذكاء الاصطناعي التوليدي في المساعدة في مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات.
ويهدف الفريق الآن إلى العمل على مجموعات أكبر من البكتيريا لإنشاء مجموعة تجريبية أكثر قوة يمكنها تسريع عملية تحديد الهوية بشكل أكبر وتسمح لهم بتحديد مقاومة "السيبروفلوكساسين" والمضادات الحيوية الأخرى في عدد من الأنواع المختلفة من البكتيريا.