حقّق فريق من الباحثين من جامعة كولدج لندن (UCL) والسنكروترون الأوروبي (ESRF) في غرونوبل إنجازًا علميًا هائلاً، بإنشاء أول صورة ثلاثية الأبعاد لقلبين بشريين، أحدهما سليم والآخر مريض، بدقة تفصيلية تصل إلى المستوى الخلوي.
وتُعدّ هذه الخريطة التشريحية، التي نُشرت في مجلة "راديولوجي" الأربعاء، ثمرة تعاون مثمر بين الفريقين، واستخدمت تقنية تصوير مبتكرة تُعرف باسم "التصوير المقطعي ذي الطور الهرمي" (HiP-CT) طوّرها فريق بقيادة الأستاذ في جامعة كاليفورنيا بيتر لي.
وتوفّر هذه التقنية دقّة غير مسبوقة تتراوح من 20 ميكرومترًا إلى 2 ميكرومتر، أي ما يفوق 20 إلى 200 مرّة دقة الماسح الضوئي الطبي المعتاد.
نظرة ثاقبة غير مسبوقة على وظائف القلب
يُتيح هذا الإنجاز العلمي للباحثين الحصول على نظرة شاملة ثلاثية الأبعاد للقلب بدقة تفصيلية استثنائية، ما يساهم في سدّ الفجوة بين التصوير الطبي التقليدي وعلم الأنسجة، حيث كانت الأعضاء تُقطع إلى شرائح رقيقة للغاية للدراسة.
ووفقًا للأستاذ بيتر لي، فإن "هذه النظرة الشاملة للأعضاء بدقة غير مسبوقة" تُتيح "الحدّ من نقص المعلومات الموجود بين التصوير الطبي التقليدي وعلم الأنسجة".
إمكانيات هائلة لعلاج أمراض القلب
أظهرت الدراسة تفاصيل نسيجية دقيقة لأجزاء مختلفة من القلبين، بما في ذلك نظام التوصيل القلبي، المسؤول عن تنظيم ضربات القلب.
ويعتقد الباحثون أن هذه التقنية الجديدة تمتلك إمكانات هائلة لتطوير علاجات جديدة لأمراض القلب، مثل عدم انتظام ضربات القلب.
خطوات نحو أطلس شامل للأعضاء البشرية
يسعى الفريق إلى توسيع نطاق استخدام تقنية HiP-CT لدراسة المزيد من العينات في المستقبل.
ويُعدّ هذا العمل جزءًا من مشروع علمي طموح يُعرف باسم "أطلس الأعضاء البشرية" (Human Organ Atlas) يهدف إلى إنشاء قاعدة بيانات مفتوحة شاملة تشمل جميع أعضاء جسم الإنسان، سليمة كانت أم مريضة.
معوقات وتحدّيات
يواجه الباحثون تحدّيًا رئيسيًا يتمثل في معالجة البيانات الضخمة التي تُنتجها تقنية HiP-CT.
ومع ذلك، فإن الإمكانيات الهائلة لهذه التقنية تُحفّز الفريق على الاستمرار في تطويرها وتحسينها، ما يُبشّر بفتح آفاق جديدة في مجال الطب وعلم الأحياء.