النهار

الألعاب الأولمبية تعيش الوقائع الرقمية عبر التكنولوجيا القابلة للارتداء
المصدر: النهار العربي
مع انطلاقة الألعاب الأولمبية في باريس لعام 2024، وكالعادة في تلك الدورات الرياضية، يتجدد الإبداع والابتكار لدى الرياضيين والمدربين لتحقيق التفوق في المنافسة. وفي العصر الحديث، أصبحت التكنولوجيا القابلة للارتداء Wearable Technologies من أبرز الابتكارات في عالم الرياضة. تساعد هذه الأجهزة في تحسين طرق تدريب الرياضيين وتعافيهم وأدائهم، وتقدم رؤى فريدة حول حالتهم البدنية.
الألعاب الأولمبية تعيش الوقائع الرقمية عبر التكنولوجيا القابلة للارتداء
تعبيرية: الألعاب الأولمبية و التكنولوجيا القابلة للارتداء
A+   A-
 

مع انطلاقة الألعاب الأولمبية في باريس لعام 2024، وكالعادة في تلك الدورات الرياضية، يتجدد الإبداع والابتكار لدى الرياضيين والمدربين لتحقيق التفوق في المنافسة. وفي العصر الحديث، أصبحت التكنولوجيا القابلة للارتداء Wearable Technologies من أبرز الابتكارات في عالم الرياضة. وتساعد هذه الأجهزة في تحسين طرق تدريب الرياضيين وتعافيهم وأدائهم، وتقدم رؤى فريدة حول حالتهم البدنية.

من عداد الخطوات إلى الرؤى المُعقّدة

 

في البداية، اقتصرت التكنولوجيا القابلة للارتداء في الرياضة على أجهزة بسيطة مثل عداد الخطوات وأجهزة قياس نبضات القلب. وقدَّمَتْ هذه الأدوات معلومات أساسيّة للرياضيين لمراقبة مستويات النشاط والصحة القلبية.

وتطورت الأمور مع الأجهزة الذكية، بدأت الساعات الذكية وأجهزة تتبع اللياقة البدنية في استخدام أجهزة الاستشعار والخوارزميات المُتقدّمة لقياس مجموعة واسعة من المُتغيّرات البيولوجية، بما في ذلك أنماط النوم.  

وبفضل نظام "تحديد المواقع على الأرض"، اختصاراً "جي بي إس" GPS، يتكمن الرياضيون من تتبّع مساراتهم ومسافاتهم وسرعاتهم بدقة.

اليوم، أصبحت الأجهزة القابلة للارتداء جزءًا أساسيًا من أدوات الرياضي. إذ تُقدّم بيانات واسعة حول مقاييس بيولوجية مثل نشاط العضلات، مستويات الماء في الجسم، والتعرُّق، وتشبّع الأكسجين في الدم، ودرجة إجهاد العضلات.

 وبدعم الذكاء الاصطناعي التوليدي، تتمكن هذه الأجهزة من تحليل البيانات وتقديم ملاحظات مُخصّصة، مما يساعد الرياضيين على تعديل برامج التدريب الخاصة بهم، وتحسين استراتيجيات التعافي، واكتساب فهم أعمق لأجسامهم.



برامج التدريب المخصصة

 

تُعدّ البرامج التدريبية المُخصّصة التي تُطوّر باستخدام التكنولوجيا القابلة للارتداء جزءًا أساسيًا من الابتكارات الرياضية. بفضل القدرة على جمع وتحليل البيانات عن الأداء الرياضي ووظائف الجسم، يتمكّن المدربون من تصميم خطط تتلاءم مع حاجة كل رياضي بنفسه ووفق حاجاته المحددة. فمثلاً، يُمكّن استخدام الأجهزة القابلة للارتداء من مراقبة معدل ضربات القلب للرياضيين خلال التدريب، مما يُمكّن المدربين من تصميم تمارين تستهدف آليات الطاقة في الجسم مع تحسين التوازن بين كثافة التمارين وبين متطلبات العودة إلى الحالة الطبيعية. ويؤدي ذلك أيضاً إلى تقليل مخاطر التعرض للإصابات.

ويعتبر الفهم العميق للكثافة في التمارين أمراً ضروريًا لتجنب التدريب الزائد والإرهاق. يُمكن للأجهزة القابلة للارتداء تنبيه الرياضيين حينما يبالغون في بذلك الجهد، مما يتيح لهم تعديل كثافة التدريب وحجمه. يُساهم هذا النهج الاستباقي في الحفاظ على التوازن بين العمل الشاق والتعافي الكافي، وتعزيز التنمية الرياضية على المدى الطويل.

 

التكيّف البيئي 

تساعد التكنولوجيا القابلة للارتداء الرياضيين أيضًا على التكيف مع الظروف البيئية المُختلفة. يمكن للأجهزة المجهزة بأجهزة استشعار درجة الحرارة والرطوبة والارتفاع أن تُوفّر معلومات قيّمة عن البيئة الخارجية أثناء جلسات التدريب.

ومثلاً، يمكن للتدريب على ارتفاعات عالية أن يؤثر بشكل كبير على وظائف أعضاء الجسم. وتستطيع الأجهزة القابلة للارتداء مراقبة كيفية استجابة الجسم للتغيرات في الارتفاع ومساعدة الرياضيين على التأقلم بشكل أكثر فعالية. وبالمثل، فإن فهم تأثير الحرارة والرطوبة على الأداء يسمح للرياضيين بتعديل استراتيجيات الترطيب وجودة التغذية وفقًا لذلك.

تحسين النوم للرياضيين

 

يشكل النوم جزءاً أساسياً من عملية التعافي في التدريب. وتتيح التقنيات القابلة للارتداء تتبع أنماط النوم وجودته بدقة، مما يساعد في توفير صورة كاملة لراحة الرياضي. يمكن للأجهزة تتبع مراحل النوم المختلفة، بما في ذلك النوم العميق ونوم حركة العين السريعة والنوم الخفيف.

واستناداً إلى ذلك، يتمكن الرياضيون والمدربون من تحديد العوامل التي قد تؤثر على جودة النوم، مثل روتين النوم، أو استهلاك الكافيين، أو مستويات التوتر، وبالتالي، يتاح لهم إجراء التعديلات اللازمة لتحسين نومهم، وتحسين أداء أجسادهم.



الوقاية من الإصابات وتوجيه التغذية 

يمكن لهذه الأدوات رصد أنماط الحركة والكشف عن أي انحرافات قد تدل على ارتفاع مستوى خطر الإصابة، على غرار عدم التماثل في الخطوات أو أي التغييرات في زوايا المفاصل التي قد تتأثر مع الاستخدام المُفرط لها.

في حالة وقوع إصابة، يمكن لهذه الأدوات أن تلعب دورًا مساعدًا في عملية إعادة التأهيل. وتستطيع هذه الأدوات تقديم تغذية مرتدّة فورية حول الحركات والتمارين، مما يضمن أن الرياضيين يقومون بتنفيذها بالطريقة الصحيحة، ما يسرع الشفاء حين حدوث الإصابة، إضافة إلى تحسين طرق الوقاية من حدوثها وتكرارها.

 

ومثلاً، يمكن لهذه الأدوات تقدير كمية السوائل التي تُفقد خلال جلسة التدريب، وتقديم توصيات حول استراتيجيات الترطيب المناسبة. وكذلك يمكنها رصد مدى حرق السعرات الحرارية، مما يساعد الرياضيين على الحفاظ على التوازن الغذائي المناسب للتعافي وتحسين الأداء.



التكامل مع الذكاء التوليدي 

 

تشهد تكنولوجيا الأجهزة القابلة للارتداء في مجال الرياضة تقدماً ملحوظاً في إدماج مزايا الذكاء الاصطناعي التوليدي فيها، ما يمكنها من استعراض وتحليل كميات هائلة من البيانات التي تجمعها تلك الأجهزة، وبالتالي، تقديم توجيهات عملية في الوقت المباشر. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لهذه الأدوات تتبّع الأنماط والاتجاهات التي قد تكون غير واضحة للعين البشرية، مما يعزز تحليل أداء الرياضيين وعمليات التعافي.

 

ويتوقع أن يعزز التقدم في تطوير أجهزة الاستشعار البيومترية بشكل كبير قدرات هذه التكنولوجيا من خلال قياس مجموعة واسعة من المؤشرات الفسيولوجية، مثل مستويات السكر في الدم، ومستويات الهرمونات، وتعب العضلات. هذه المعلومات توفر نظرة شاملة على صحة الرياضي وأدائه.

ومن ناحية أخرى، توفر تكنولوجيا الأجهزة القابلة للارتداء والواقع الافتراضي بيئات تدريب غامرة تحاكي الظروف الحقيقية، مما يسمح للرياضيين بتحسين مهاراتهم.

وتعزز الأجهزة القابلة للارتداء هذه التجربة بتوفير بيانات حية حول حركات الرياضي، مما يجعل التدريب أكثر واقعية وفعالية.

تحليل البيانات لتحسين الرياضة

 

إنّ تزايد استخدام التكنولوجيا القابلة للارتداء، يُسهم في تخزين مجموعات ضخمة من البيانات المُتعلّقة بالأداء الرياضي. هذه البيانات الكبيرة، عند تحليلها، قد تكشف عن رؤى جديدة وتُعزّز الابتكار في مجال العلوم الرياضية. ويستفيد الباحثون من هذه البيانات الكبيرة لاكتشاف الاتجاهات والعلاقات التي قد تكون مفيدة في التدريب والتعافي.

ولكن، يجب أن نتذكر أن هذا النوع من التحليل يطرح تحديات أخلاقية مهمة. فالقضايا المتعلقة بالخصوصية والموافقة والاستغلال المحتمل للبيانات يجب أن تُعالج بعناية لضمان استخدام مسؤول وأخلاقي لهذه التكنولوجيا.





 

 

اقرأ في النهار Premium