ينخرط الملياردير إيلون ماسك بجرأة في عالم التزييف العميق، رغم التوقعات لردود فعل قوية في ظروف سياسية حساسة. في يوم الجمعة 26 تموز (يوليو)، شارك ماسك نسخة معدّلة من مقطع فيديو للحملة الانتخابية لنائبة الرئيس كامالا هاريس على حسابه في منصة "إكس".
بيد أن المستخدم الأصلي الذي نشر الفيديو هو مستخدم "يوتيوب" معروف باسم Mr Reagan، على "يوتيوب" وعلى "إكس"، والفيديو المتلاعب به هو عبارة عن محاكاة ساخرة.
منشور ماسك، الذي تمّت مشاهدته أكثر من 123 مليون مرّة، لم يتضمن سوى تعليق "هذا مذهل" مع رمز تعبيري ضاحك. يرى الخبراء بأنّ هذا الفعل قد يكون انتهاكاً لسياسة منصة التواصل الاجتماعي الخاصة به ضدّ مشاركة الوسائط الاصطناعية والمتلاعب بها.
ماذا جاء في الفيديو؟
ويقول الصوت في الفيديو: "أنا، كامالا هاريس، مرشحتك الديموقراطية للرئاسة لأن جو بايدن كشف أخيرًا عن خرفه في المناظرة". ويزعم أن هاريس "تمّ توظيفها من أجل التنوّع" لأنها امرأة وشخص ملون، ويقول إنها لا تعرف "شيئاً عن إدارة البلاد". ويحتفظ الفيديو بعلامة "هاريس للرئاسة". كما يضيف بعض المقاطع السابقة الأصيلة لهاريس "كارثيًا".
وفي سياق الحدث، قالت ميا إيرينبيرغ، المتحدثة باسم حملة هاريس، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى وكالة "أسوشيتد برس": "نعتقد أن الشعب الأميركي يريد الحرّية الحقيقية والفرصة والأمن الذي تقدّمه نائبة الرئيس هاريس؛ وليس الأكاذيب المزيفة والمتلاعب بها من إيلون ماسك ودونالد ترامب".
تعزيز منصّة "إكس"
تعكس هذه الصورة الحرص الذي يبديه ماسك في استغلال فترة سياسية فريدة من نوعها لتعزيز منصة "إكس". المنصة التي هجرها العديد من المستخدمين منذ أن تمكن ماسك من الإستحواذ عليها في عام 2022، استفادت من الأحداث التي جعلت تموز (يوليو) شهرًا بارزًا للأخبار، بما في ذلك نجاة ترامب من محاولة اغتيال، والمؤتمر الوطني الجمهوري في ميلووكي، وتولّي هاريس الصدارة في التذكرة الديموقراطية بدلاً من بايدن.
وفقًا لمنصة "إكس"، حقّق منشور بايدن الذي أعلن فيه عن قراره بالانسحاب من السباق الرئاسي، أكثر من 381 مليون مشاهدة. وبعد إعلان بايدن، زادت عمليات تحميل تطبيق "إكس" على أجهزة "آيفون" و"اندرويد" في الولايات المتحدة.
ومع ذلك، توفّر الأخبار السريعة أيضًا فرصًا لنشر واستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يمكنه إنشاء صور وأصوات بشرية ومقاطع فيديو مزيفة تصور وتشوه الأحداث العالمية.
ماسك يخالف معايير "إكس"!
يبدو أن إيلون ماسك قد خرق سياسة "إكس" التي تمّ تطبيقها بعدما تولّى المنصب، وذلك من خلال نشره لما يشتبه في أنه تزييف عميق تمّ إنشاؤه باستخدام الذكاء الاصطناعي. تمّ تطبيق تلك السياسة في نيسان (أبريل) 2023، وتحظّر على الأشخاص مشاركة الوسائط الاصطناعية أو المعدلة أو التي تمّ إخراجها من سياقها الأصلي، والتي قد تضلّل الأشخاص أو تربكهم وتسبب لهم الأذى.
"إكس" وضعت معايير معينة لتحديد ما إذا كان يجب وضع علامة على المحتوى أو إزالته. هذه المعايير تشمل الفحص لمعرفة ما إذا كانت الوسائط قد تمّ تعديلها بشكل كبير ومضلل، أو ما إذا كانت تتمّ مشاركتها بطريقة مضلّلة أو في سياق زائف، وما إذا كان من المحتمل أن يؤدي المحتوى إلى ارتباك عام حول القضايا العامة.
السياسة تسمح بالميمات والسخرية، طالما أنها لا تسبب ارتباكًا كبيرًا حول صحة الوسائط. عندما نشر ماسك الفيديو، وصفه بأنه "مذهل"، ولكنه لم يُوضح ما إذا كان يدّعي أنه محاكاة ساخرة. ماسك شارك الإشاعات والمنشورات المدحضة التي تروّج لنظريات المؤامرة مع حوالى 200 مليون متابع له.
أليكس هوارد، خبير الحوكمة الرقمية، وصف المنشور بأنه انتهاك لسياسات "إكس"، وقال: "هل ستغّيرها بأثر رجعي للسماح بالانتهاكات في عام الانتخابات؟".