النهار

حاسوب إيلون ماسك الكمومي العملاق... قفزة تكنولوجية ترافقها مخاوف بيئية
المصدر: النهار العربي
يخطّط الملياردير إيلون ماسك لآلة تملك مواصفات الحوسبة الكمومية. وتُسمّى "المصنع الكبير للحوسبة"، ويجري العمل على إنشائها في ممفيس، ضمن جدول أعمال مُسَرَّع هدفه تشغيلها في العام 2025.
حاسوب إيلون ماسك الكمومي العملاق... قفزة تكنولوجية ترافقها مخاوف بيئية
تحدّيات الاستدامة في عصر الحوسبة الكمومية العملاقة
A+   A-

إذا كنت مأخوذاً بالسرعة الهائلة للتطور في المعلوماتية التي حدثت مع الذكاء التوليدي، مع ما رافقها من نقاشات ومشروعات تعلن بأن ذلك التطور يجسّد المستقبل الرقمي؛ ربما عليك أن تتمهَّل قليلاً. خذ نفساً عميقاً، وفكّر في الحوسبة الكمومية Quantum computing. هل تناهى إلى سمعك أنها تقنية ستجعل الكومبيوترات تعمل بسرعات تفوق التصور؟ إليك فكرة عن ذلك. أنت الآن على الأرض، لكنك تتحادث عبر انترنت فضائي مع روبوت ذكي في مركبة فضائية على بعد ملايين الكيلومترات. ستلاحظ أن المحادثة بينكما تجري بنوع من التأخّر بين الأخذ والردّ. إذا، جرت تلك المحادثة بتقنية الحوسبة الكمومية، فسوف يزول التباطؤ، وفي اللحظة التي يضرب أصبعك على حرف على لوحة المفاتيح، سيظهر ذلك على شاشة محدثك الفضائي في اللحظة نفسها، ومن دون أي فارق زمني مهما كان هيناً.

إن تخيّلت ذلك، تحصل على فكرة عن الحوسبة الكمومية.

 

وحاضراً، يخطّط الملياردير إيلون ماسك لآلة تملك مواصفات الحوسبة الكمومية. وتُسمّى "المصنع الكبير للحوسبة"، ويجري العمل على إنشائها في ممفيس، ضمن جدول أعمال مُسَرَّع هدفه تشغيلها في العام 2025. 
أثار هذا الجدول الزمني السريع القلق في ممفيس، خصوصاً بشأن تأثيراته المحتملة على البيئة.


التأثير البيئي لمراكز البيانات العملاقة

يستلزم تشغيل الآلات الضخمة الأساسية للحوسبة كميات هائلة من المياه والطاقة. وينطبق ذلك على المخاوف بشأن آلة ماسك الكمومية الآنفة الذكر التي يعتبرها "أضخم سوبر كومبيوتر في العالم"، مع ملاحظة أنها ستتعامل مع كميات عملاقة من البيانات. ويُتوقع أن تستهلك نحو مليون غالون من المياه يومياً و150 ميغاواط/ ساعة من الكهرباء.

وفي مثل معبّر، استهلكت مراكز البيانات في إيرلندا 21% من كهرباء البلاد في العام 2023.

وكذلك تحتاج مراكز الحوسبة الضخمة التي تدرّب نماذج اللغة الكبيرة التي تغذي طفرة الذكاء التوليدي، إلى كميات ضخمة من الطاقة التي يرافقها إطلاق كميات هائلة من الغازات المُسبّبة للاحتباس الحراري العالمي. ويقدّر أن كمية الطاقة التي يستهلكها الذكاء الاصطناعي التوليدي لشركة "غوغل" بقرابة 2.3 تيراواط/ ساعة سنوياً، وكل تيراواط يساوي مليون ميغاواط، ما يوازي استهلاك منازل مدينة غربية كبرى بأسرها.


وكذلك تستخدم مراكز البيانات الضخمة قرابة مليار غالون من الماء يومياً لتبريد خوادمها. وبالتالي، يثير عطش آلة ماسك الكمومية لمياه التبريد، قلقاً كبيراً. إذ تعتمد "ممفيس" على المياه الجوفية الآتية طبقة تحت رمالها الشاسعة. بالتالي، يُخشى أن تتعرّض تلك الطبقة للتلوث والإفراط في الاستخراج، مع ملاحظة أنه لم تُجرَ دراسة الأثر البيئي لمشروع "المصنع الكبير للحوسبة".


مبادرات الاستدامة والابتكار

تحرّك المجتمع المحلي في "ممفيس" بصورة استباقية نحو تبنّي مبادرات الاستدامة للحدّ من التأثيرات الضارّة المحتملة لذلك السوبر كومبيوتر. وجرى التخطيط لإنشاء محطة ضخمة لمعالجة مياه الصرف الصحي بقدرة تصل إلى 50 مليون غالون يومياً. وتعتزم المدينة الاستثمار في هذه المنشأة لتجنّب استهلاك المياه العذبة في تبريد الحواسيب، ما قد يُحفّز البحث عن مصادر مائية بديلة.


وفي السياق ذاته، تجري محاولات لإقناع إيلون ماسك بتزويد المشروع ببطارية عملاقة من شركة "تسلا"
Tesla Megapack التي يملكها ماسك وتعمل في صناعة المركبات الكهربائية.

 

وتذكيراً، استحوذ ماسك على منصة "تويتر" ثم بدَّل إسمها إلى "إكس إيه آي" Xai، وبعدها أطلق روبوت الدردشة "غروك" الذي يعمل بتقنية الذكاء التوليدي في 2023. ويسعى حثيثاً إلى التقدّم في تلك التقنية عبر جهود تتضمن مصنع الكومبيوتر العملاق الكمومي. ويجري العمل على ذلك في منشأة تتغذى من محطة كهرباء مجاورة وخط مياه رئيسي، إضافة إلى خط غاز رئيسي. وكذلك تُغذي هيئة محلية ذلك الموقع بكهرباء تأتي من طاقتي الذرة والماء اللتين تبعثان بكميات خفيضة جداً من الكربون.


عن موقع الحاسوب العملاق

يُتوقع أن ينطلق ذلك المصنع الكبير للحوسبة الكمومية، في العام 2025. ويأمل بعض السكان المحليين في الحصول على فوائد اجتماعية وفرص عمل من المشروع.


وقد أُنشئ المصنع المذكور في موقع لمنشأة صناعية تسببت، مع منشآت اخرى في المنطقة نفسها، في تلوث الهواء والماء والتربة. وترافق ذلك مع ارتفاع معدلات السرطان في المجتمع المحلي بأربعة أضعاف المتوسط الأميركي. وبالتالي، فقد أُغلِقَتْ تلك المنشأة بفضل جهود مجتمعية.


وقد وافقت شركة ماسك على التقليل من استهلاك الطاقة خلال فترات الذروة. وكي تحصل على الـ150 ميغاواط/ ساعة المطلوبة يومياً، يتوجب بناء محول جديد.


ومع الأمل في تحسين موثوقية الطاقة والاستدامة في المستقبل لذلك المصنع، يتوجب إرساء شراكة بين المدينة وإيلون ماسك، تشمل استثمارات في إعادة تدوير المياه والطاقة الشمسية والبطاريات، إضافة إلى الفوائد المجتمعية.

اقرأ في النهار Premium