تشهد ساحة التكنولوجيا تحولاً ملحوظاً حيث يعيد العديد من السائقون النظر في خياراتهم للسيارات الكهربائية، مُتجهين صوب العلامات التجارية المنافسة. هذا التوجه الجديد يأتي كرد فعل للسمات الفريدة التي يتمتع بها إيلون ماسك، والتي تُثير الجدل بين الجمهور، بالإضافة إلى موقفه الداعم لحملة دونالد ترامب الانتخابية لعام 2024،ما أثّر على قرارات الشراء لدى الكثيرين.
تحدّيات "تسلا"
في ظل المنافسة المتزايدة بقطاع السيارات الكهربائية، تجد تسلا نفسها أمام تحديات جديدة مع توسع الشركات الكبرى في إنتاج مركباتها الكهربائية. كانت الشركة رائدة في مجال مبيعات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة وتسيطر عليها ولديها شبكة شحن لا مثيل لها.
ولكن في الربع الثاني، شهدت انخفاض حصتها من المبيعات إلى أقل من 50 في المئة لأول مرة، وفقاً لشركة Cox Automotive، وهو انخفاض بنسبة 10 نقاط مئوية عن العام السابق. وقالت شركات أبحاث السوق إن سمعة تسلا بين المستهلكين كانت تتراجع في السنوات الأخيرة، وانخفض سعر سهم الشركة بنسبة 19.5 في المئة هذا العام.
على الرغم من أن سيارة "تسلا" طراز Y تتصدّر مبيعات السيارات في كاليفورنيا، إلا أن تقريراً صدر في تموز (يوليو) من جمعية تجار السيارات الجديدة بالولاية، لفت الانتباه إلى أن عدد تسجيلات سيارات "تسلا" الجديدة قد شهد انخفاضاً على مدى ثلاثة أرباع متتالية.
التحوّل السياسي لماسك
لوحظ تحوّل ملحوظ نحو السياسة في تغريدات إيلون ماسك على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" في الفترة الأخيرة. وفضلاً عن دعمه لترامب، ادعى ماسك أن ابنته المتحولة جنسياً التي تعيش بعيداً عنه، قُتلت مجازياً بفيروس "العقل المستيقظ"، ما أثار غضبها بسبب ترويجه لصور نمطية سلبية وتشويهه لتفاصيل طفولتها. كما شارك ماسك معلومات مضللة على "إكس"، بما في ذلك مقطع فيديو لنائبة الرئيس كامالا هاريس الشهر الماضي تم تعديله لجعلها تبدو كأنها تقول إنها كانت "دمية للدولة العميقة".
والواضح أن الديموقراطيين أكثر ميلاً من الجمهوريين إلى شراء سيارة كهربائية. ووجد استطلاع أجراه مركز "بيو" Pew للأبحاث في أيار (مايو) أن 45 في المئة من الديموقراطيين والمستقلّين ذوي الميول الديموقراطية قالوا إنهم من المحتمل إلى حد ما أو من المرجح جداً أن يفكروا بجدية في شراء سيارة كهربائية مقارنة بـ13 في المئة من الجمهوريين وذوي الميول الجمهورية. وتمتلك نسبة صغيرة من الأميركيين بالفعل سيارات كهربائية.
على الرغم من أن تحالف ماسك مع ترامب قد يخاطر بتنفير بعض قاعدة عملائه الحاليين والمحتملين، إلا أنه قد يفتح فرصاً جديدة من خلال تحويل المحافظين المُتشكّكين في السيارات الكهربائية إلى متحمسين لـ"تسلا"، كما يقول بعض محللي السيارات وأصحاب "تسلا".
غيّر ترامب الذي غالباً ما انتقد السيارات الكهربائية في خطاباته الانتخابية، موقفه مؤخراً. وقال في تجمع حاشد في 3 آب (أغسطس): "أنا مع السيارات الكهربائية. يجب أن أكون كذلك. أيدني إيلون بقوة".
وتشير المكالمات التي أجريت مع العديد من وكالات بيع السيارات للعلامات التجارية التي تنافس "تسلا" إلى أن شخصية ماسك يمكن أن تساعد في دفع المستهلكين إلى ساحات المنافسين. وقالت إستر تشون، مديرة وكالة بوليستار في سان خوسيه، في مقابلة هاتفية إن العملاء سيقولون كثيراً أشياء مثل: "أنا أبحث عن سيارة كهربائية. أنا فقط لا أريد سيارة تسلا"، أو ببساطة "أنا لا أحب إيلون ماسك".
وأدّى ارتباط إيلون ماسك الوثيق بدونالد ترامب إلى تأثير سلبي على علاقات "تسلا" التجارية، ما أسفر عن فقدان الشركة بعض عملائها من الشركات. فقد أعلنت سلسلة الصيدليات الألمانية "ديرك روسمان" مؤخراً عن قرارها بعدم تجديد أسطولها بمركبات "تسلا".
وصرح راؤول روسمان، نجل مؤسس الشركة، بأن "دعم ماسك المعلن لترامب الذي يستهين تكراراً بقضية التغير المناخي، يتعارض جذرياً مع رؤية تسلا الرامية إلى تعزيز الاستدامة البيئية عبر تطوير السيارات الكهربائية".
تشير هذه الحوادث الموثقة أعلاه وبالنظر إلى وجود عدد كبير من الوقائع الأخرى التي لم تُذكر، أن المواقف والمعتقدات السياسية لإيلون ماسك تؤثر تأثيراً سلبياً على الشركة، بالتزامن مع احتدام المنافسة في سوق السيارات الكهربائية.