النهار

زواحف منقرضة لكنها ليست ديناصورات
المصدر: النهار العربي
حينما نتحدث عن الزواحف المنقرضة، يتبادر إلى الذهن فوراً الديناصورات الضخمة التي جابت الأرض منذ ملايين السنين. ومع ذلك، كانت هناك زواحف أخرى قديمة هائلة ومرعبة، عاشت في عصور ما قبل التاريخ ولكنها ليست ديناصورات.
زواحف منقرضة لكنها ليست ديناصورات
الموساصور القديم، وهو سحلية بحرية عملاقة
A+   A-
 
 
حينما نتحدث عن الزواحف المنقرضة، يتبادر إلى الذهن فوراً الديناصورات الضخمة التي جابت الأرض منذ ملايين السنين. ومع ذلك، كانت هناك زواحف أخرى قديمة هائلة ومرعبة، عاشت في عصور ما قبل التاريخ ولكنها ليست ديناصورات. 
 
تُعدّ الزواحف من أقدم المجموعات الحيوانية على كوكب الأرض. وظهرت للمرّة الأولى في نهاية العصر الكربوني قبل حوالى 320 مليون سنة. واليوم، نعرف حوالى 12,000 نوع حي من الزواحف. ولا يشمل الرقم الطيور التي تُعتبر أيضاً من سلالة الزواحف. ورغم أن الديناصورات معروفة بأنها هي التي انقرضت منذ حوالى 65 مليون سنة، فإن هناك العديد من الزواحف القديمة الأخرى كانت متواجدة وكانت مثيرة ومميزة بطرق مختلفة.
 
 
 
تيتانوبوا
 
شكّل "تيتانوبوا" نوعاً من الثعابين العملاقة التي نشأت في كولومبيا وجرى توثيقها للمرّة الأولى في ورقة بحثية نُشرت في مجلة "نيتشر" عام 2009، ويُعتقد أنها أكبر ثعبان عاش على الإطلاق.
كان "تيتانوبوا" ضخماً للغاية، ويُقدّر طوله بـ40 قدماً ووزنه أكثر من طن. عاش "تيتانوبوا" في البيئة الدافئة الاستوائية ضمن ما يُعرف الآن بشمال كولومبيا. ويُعتقد أنه تغذّى على مجموعة متنوعة من الفقاريات الكبيرة، مستخدماً قدراته القوية في الخنق بشكل مشابه لما تفعله الثعابين الحديثة. وتشير الأدلة الأحفورية إلى أن هذا الثعبان عاش قبل حوالى 60 مليون سنة، خلال الجزء الأول من العصر الباليوجيني.
 
 
 
موساصور
 
تميّز "موساصور" القديم، بكونه سحلية بحرية عملاقة لها قدرات هائلة في الافتراس. ازدهر خلال أواخر العصر الطباشيري، قبل حوالى 100 إلى 66 مليون عام. تميّزت هذه الزواحف الضخمة، التي تنتمي إلى سلالة الزواحف موساصوريا، بجسمها الطويل الإنسيابي وذيلها القوي وأطرافها الشبيهة بالمجاديف، ما جعلها سبّاحة ماهرة للغاية. وترتبط بشكل وثيق بالسحالي والثعابين الحديثة.
 
وصل طول الموساصورات إلى حوالى 50 قدماً، ما يساوي طول الحوت الأحدب، رغم أنها أقل وزناً منه. وقد ميزتها أسنانها المخروطية الكبيرة وأفكاكها القوية من افتراس مجموعة متنوعة من الكائنات البحرية، بما في ذلك الأسماك، الحبار، الرخويات، وحتى زواحف البحر الأخرى. باعتبارها الحيوانات المفترسة في أنظمتها البيئية المائية، هيمنت الموساصورات على البحار حتى انقراضها في نهاية العصر الطباشيري الذي تزامن مع الانقراض الجماعي الذي قضى على الديناصورات.
 
 
ميولانيا
 
مثّلت "ميولانيا" صنفاً مميزاً من السلاحف القديمة التي عاشت من منتصف العصر الميوسيني (منذ 10 إلى 20 مليون سنة). واستمرت حتى قبل بضعة آلاف من السنين. وقد اشتهرت السلاحف البحرية "ميولانيا"، وموطنها الأصلي في أستراليا، بحجمها الكبير وسماتها الجسدية الفريدة. وعلى عكس معظم السلاحف الحديثة، كانت لها قوقعة صلبة ومدرعة، كما أظهرت بعض الأنواع نتوءات بارزة تشبه القرون على رأسها وبنية كبيرة مدببة تشبه الهراوة في نهاية ذيلها، والتي يُعتقد أنها كانت تُستخدم للدفاع ضدّ الحيوانات المفترسة. يشير هذا المظهر الرهيب إلى أن "ميولانيا" كانت من الحيوانات التي تأكل العشب وتتمتع بدروع ثقيلة، وقضت معظم وقتها على اليابسة.
 
أما بالنسبة لفترة انقراض "الميولانيا" تحديداً، فهي موضوع نقاش في الأوساط العلمية. إذ يعتقد بعض العلماء أن ارتفاع مستويات سطح البحر بعد تراجع العصر الجليدي الأخير (قبل 12000 عام) أدّى إلى انقراضها من خلال تقليص مساحة الأرض التي كانت تسكنها (ابتلع البحر العديد من جزر المحيط الهادئ خلال ذاك الوقت).
 
وتقول نظرية أخرى، إن السلاحف الضخمة مثل "ميولانيا" عاشت جنبًا إلى جنب مع البشر قبل انقراضها. وبالتالي، فإن تصيّدها من قبل البشر ربما يكون قد أدّى إلى انقراضها. وتستند هذه النظرية إلى أدلة أحفورية تُظهر أن بقايا "الميولانيا" كانت مدفونة فوق بقايا بشرية في مقابر على جزر مثل فانواتو وفيجي، وتُظهر عظام "الميولانيا" التي عُثر عليها في هذه المواقع أدلة على أنه قد تمّ تقطيعها واستهلاكها.
 
 
 
جيجاركانوم 
 
يمثل "جيجاركانوم ديلكورت" نوعاً من السحالي الجبارة المنقرضة التي عاشت إما في كاليدونيا الجديدة أو نيوزيلندا، وربما حتى منتصف القرن التاسع عشر. تُعدّ هذه السحلية أكبر نوع معروف من السحالي، حيث يصل طولها إلى مترين على الأقل، ويُقدّر أنها كانت أطول بنسبة 50% وأثقل بشكل ملحوظ من أكبر سحلية حية حالياً، وهي سحلية "ليش" العملاقة  Rhacodactylus leachianus  التي تعيش في نيو كاليدونيا.
ومن المثير للاهتمام أن هذا النوع معروف بفضل عيّنة واحدة محفوظة بالتحنيط، وجرى جمعها في القرن التاسع عشر وأعيد اكتشافها لاحقاً في قبو أحد المتاحف في فرنسا. وعلى الرغم من أنه كان يُعتقد في البداية أنها من نيوزيلندا، فقد كشفت تحاليل الحمض النووي القديمة أنها على الأرجح جاءت من كاليدونيا الجديدة.
 
بينما تجذب الديناصورات الكثير من الاهتمام عند الحديث عن الزواحف المنقرضة، إلّا أن هناك العديد من الزواحف الأخرى التي لعبت دوراً حيوياً في النظم البيئية القديمة. ويمنحنا فهم هذه الزواحف نظرة أعمق على تاريخ الحياة على كوكبنا، ويبين لنا أهمية حماية الكائنات الأخرى من الإنقراض. فدراسة هذه الكائنات تُشعرنا بمدى تغيّر كوكبنا وتساعدنا في تقدير دورنا في الحفاظ على التنوع البيولوجي والحياة التي نشاركها اليوم.
 

اقرأ في النهار Premium