بفضل ابتكارات علماء الفيزياء، أصبح من الممكن الآن توثيق حركات الإلكترونات الخاطفة بطريقة غير مسبوقة. فقد نجح فريق من الباحثين في تطوير مجهر يعمل بتقنيّة الليزر، قادر على التقاط صور في ومضات زمنية تعادل الأتو ثانية - وهي وحدة زمنية تساوي واحداً على تريليون من التريليون من الثانية. تُعرف هذه الطريقة بـ "التصوير الذري"، وهي تمكّن من رصد حركة الإلكترونات داخل الجزيئات بمستوى دقة عالٍ لم يكن متاحًا من قبل، كما أوضح الفيزيائي محمد حسن وزملاؤه في دراستهم المنشورة بتاريخ 21 آب (أغسطس) في مجلة Science Advances.
ويشير حسن، الباحث في جامعة أريزونا بتوسون، إلى أنه يسعى باستمرار لاستكشاف ما لم يُكتشف بعد، قائلاً: "أنا دائمًا في مسعى لاكتشاف ما لم يُشاهده أحدٌ من قبل".
يُعدّ المجهر الإلكتروني الناقل المُحسّن أداة دقيقة تستخدم الإلكترونات بدلاً من الضوء، للكشف عن التفاصيل الدقيقة للأجسام النانوية، حيث يمكنه تصوير العناصر التي يقلّ عرضها عن نانومترات عدة. تُعامل الإلكترونات كموجات، ما يمنحها أطوال موجية أقل بكثير من أطوال موجات الضوء، وهذا يسمح للمجهر الإلكتروني بتحقيق دقة فائقة، تفوق قدرات الليزر العادي، وتمكنه من رصد الجزيئات الصغيرة جدًا مثل الذرات وتجمعات الإلكترونات.
في سعيهم لالتقاط صور عالية السرعة، قام حسن وفريقه بابتكار طريقة مبتكرة باستخدام ليزر لتجزئة شعاع الإلكترون إلى نبضات قصيرة جدًا، تعمل كمصراع للكاميرا، ما يتيح لهم تصوير الإلكترونات داخل طبقة الجرافين كل 625 أوتوثانية، وهو ما يُعتبر تقريبًا ألف مرّة أسرع من الطرق المستخدمة في الوقت الحالي.
لا يمكن للمجهر التقاط صور لإلكترون واحد حتى الآن، وهذا يتطلّب دقّة مكانية عالية للغاية. ولكن من خلال ربط الصور المجمعة معًا، ابتكر العلماء نوعًا من أفلام الحركة المتوقفة التي توضح كيف تتحرك مجموعة من الإلكترونات عبر جزيء.
يشير حسن إلى أن هذه التقنية المتطورة تفتح آفاقًا جديدة للعلماء، إذ تمكنهم من متابعة العمليات الكيميائية لحظة بلحظة، وتتبّع حركة الإلكترونات داخل جزيئات الحمض النووي. هذا الفهم العميق قد يكون مفتاحًا لتطوير مواد مبتكرة وأدوية مصممة بدقّة لتلبية الاحتياجات الطبية المحدّدة.