النهار

أنواعٌ جديدةٌ من الفولاذ لصناعة سيّارات أقوى وأخف وزناً
المصدر: النهار العربي
في عالم صناعة السيارات المتسارع نحو التطور، يسعى المهندسون إلى تحقيق توازن مثالي بين القوة وخفة الوزن. مؤخرًا، ظهرت أنواع جديدة من الفولاذ المتقدم، التي تعد بثورة في صناعة السيارات. هذه المواد المبتكرة تجمع بين الصلابة الفائقة والخفة، مما يتيح تصميم سيارات أكثر أمانًا وأقل استهلاكًا للوقود. مع ازدياد الضغط على الشركات المصنعة لتلبية معايير الكفاءة البيئية والأمان، يصبح تطوير هذه الأنواع من الفولاذ خطوة حاسمة نحو مستقبل صناعة السيارات، حيث تتزايد الحاجة إلى مركبات تجمع بين الأداء العالي والكفاءة في استهلاك الطاقة.
أنواعٌ جديدةٌ من الفولاذ لصناعة سيّارات أقوى وأخف وزناً
تعبيرية
A+   A-

في عالم صناعة السيارات المتسارع التطور، يسعى المهندسون إلى تحقيق توازن مثالي بين القوة وخفة الوزن. أخيراً، ظهرت أنواع جديدة من الفولاذ المتقدم، التي تعد بثورة في صناعة السيارات. تجمع هذه المواد المبتكرة بين الصلابة الفائقة والخفة، ما يتيح تصميم سيارات أكثر أماناً وأقل استهلاكاً للوقود. مع ازدياد الضغط على الشركات المصنعة لتلبية معايير الكفاءة البيئية والأمان، يصبح تطوير هذه الأنواع من الفولاذ خطوة حاسمة نحو مستقبل صناعة السيارات، حيث تتزايد الحاجة إلى مركبات تجمع بين الأداء العالي والكفاءة في استهلاك الطاقة.

أحد هذه التغيرات نشهدها في مواد صناعة السيارات الحديثة، هي القوة العالية ومقاومة الضغوط ودرجات الحرارة العالية والمذيبات، واستقرار الأبعاد والخصائص الكهربائية الممتازة، ما يضع متطلبات أعلى لمواد السيارات المحلية، لا سيما تلك الأساسية، ونتحدث هنا عن الفولاذ. 

 

تفكير في البيئة

أصبح صانعو السيارات يعتمدون على أفران القوس الكهربائي وآلات الختم الساخن وعمليات التبريد والتقسيم. وتؤدي هذه الأساليب إلى إيجاد طرق جديدة في ضبط الفولاذ توخياً لحماية أجسام البشر في حال تصادم المركبات بعضها ببعض، مع خفض من أوزان السيارات لتقليل ضررها على الكوكب، وفقاً لتقرير مجلة "سميثونيان" smithsonian.

وبحسب الاختصاصي في علم المواد بجامعة "ميشيغان"، آلان تاوب، "إنها ثورة، والمادة المناسبة في المكان المناسب. ويمكن لهذه المواد أن تقلل وزن السيارة، ومع كل رطل يُفقد، يحدث توفير بحوالي 3 دولارات في تكاليف الوقود طيلة عمر السيارة، لذلك يصعب على الاقتصاديين تجاهلها". 

وقد ابتكر صانعو الفولاذ مجموعة واسعة من الفولاذ لتتناسب مع كل الأنواع. هناك فولاذ مقوى عالي القوة للهيكل، وآخر مقاوم للصدأ والتآكل للألواح الجانبية والأسقف، ومعادن شديدة التمدد في المصدات لامتصاص الصدمات من دون أن تتجعد.

"الحيل بالفولاذ"

تحتوي معظم أنواع الفولاذ ما يزيد على 98 بالمئة من الحديد. وتصنع الاثنان بالمئة المتبقيتان، الفارق بل إنهما ليستا أقل أهمية من طرق المعالجة. ويؤدي تعديل كل منها، أحياناً بثوان، إلى تغيير بنية المعدن للحصول على خصائص مختلفة. بحسب مدير "مركز أبحاث معالجة الصلب المتقدم ومنتجاته" في "كلية كولورادو للمناجم"، جون سبير، فإن "الأمر كله يتعلق بالحيل بالفولاذ".

على المستوى الأساسي، تدور خصائص الفولاذ حول البنية المجهرية، أي ترتيب أنواع أو مراحل مختلفة من الفولاذ في المعدن. تكون بعض المراحل صلبة، فيما البعض الآخر يمنح الليونة، وهو مقياس لمدى القدرة على ثني المعدن ولفه.

أما على المستوى الذري، فهناك أربع مراحل أساسية لفولاذ السيارات، بما في ذلك الأقسى والأكثر ليونة. ويمكن لمصنعي السيارات تغيير بعض العناصر عن طريق التلاعب بأوقات ودرجات حرارة عملية التسخين لإنتاج خصائص يريدونها.

وعمل الباحثون الأكاديميون وصانعو الفولاذ ممن يعملون مع منتجي السيارات، بتطوير ثلاثة أجيال تسمى حالياً بالفولاذ المتقدم العالي القوة. الأول، الذي اعتُمِد في تسعينيات القرن العشرين وما زال مستخدماً بكثرة، يتمتع بمزيج من القوة والمرونة. واستخدمت سبائك أكثر غرابة لتحقيق ليونة أكبر في الجيل الثاني، ولكن ثبت أن ذلك المنتَج باهظ الثمن ويشكل تحدياً في التصنيع. ويصف سبير الجيل الثالث بأنه بدأ يشق طريقه إلى المصنع، وأُنتِجَ عبر استخدام تقنيات الإحماء والتبريد للحصول على فولاذ أقوى وأكثر قابلية للتشكيل من الجيل الأول.

لقد تعلم صانعو الصلب أن وقت التبريد عامل حاسم في تكوين خصائص الفولاذ. يعمل التبريد السريع على تجميد واستقرار البنية الداخلية قبل أن تخضع لمزيد من التغيير في خلال الساعات أو الأيام التي يمكن أن تستغرقها للوصول إلى درجة حرارة الغرفة.

سبائك جديدة

جرى استعمال مزيد من السبائك الحديثة بغية زيادة القوة من طريق تثبيت البنية المجهرية للمعدن. وبحسب سبير، فإن "الفكرة هي استخدام الكمبيوتر لتطوير المواد بشكل أسرع من التجارب المباشرة". ويمكن الآن اختبار الأفكار الجديدة وصولاً إلى المستوى الذري، باستعمال الكومبيوتر ومن دون إجهاد العمال.

في عام 2019، وفقاً للاختصاصي تاوب، كان 10 إلى 15 بالمئة من السيارة النموذجية مصنوعاً من اللدائن والمواد المركّبة. وحينما تصل تلك السيارات إلى نهاية عمرها الافتراضي، فإن البلاستيك والمواد الأخرى التي يصعب إعادة تدويرها والمعروفة باسم "بقايا تقطيع السيارات"، ينتهي بها الأمر في مطامر النفايات أو في الطبيعة.

يعمل الباحثون بجد لتطوير مواد بلاستيكية أقوى وأخف وزناً وأكثر صداقة للبيئة. وفي الوقت نفسه، تتيح منتجات ألياف الكربون الجديدة استخدام هذه المواد الخفيفة الوزن حتى في الأماكن التي تلقى عليها أوزان وأحمال، مثل الأجزاء الهيكلية السفلية، ما يقلل أكثر من كمية المعادن الثقيلة المستخدمة في هياكل السيارات.

واختتم تاوب كلامه بأنه متفائل بشأن مستقبل مدينة ديترويت [أحد المراكز الأساسية في صناعة السيارات] وقدرة الصناعة على حل المشكلات القديمة فيها. وتابع، "أقول للطلاب إنهم سيتمتعون بالأمن الوظيفي لفترة طويلة". ومن من الواضح أنه لا يزال هناك عمل كثير لجعل السيارات أقل تهديداً، سواء بالنسبة لأجسام البشر أو الكوكب.

 

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium