النهار

الذّكاء الاصطناعي يستعين بنماذج الجهاز العصبي في تطبيقات المشاركة في سيارات الأجرة
المصدر: النهار العربي
في عالمنا الحديث، أصبحت تطبيقات مشاركة ركوب سيارات الأجرة، جزءًا من حياتنا اليومية. سواء أكنت في عجلة من أمرك للوصول إلى اجتماع مهم أو ترغب في العودة إلى المنزل بعد يوم طويل، فإن هذه التطبيقات توفر لك وسيلة مريحة وسريعة للتنقل. ولكن، هل تساءلت يومًا عن كيفية عمل هذه التطبيقات؟ كيف تتمكن من العثور على سيارة أجرة في الوقت المناسب؟ تكمن الإجابة في التكنولوجيا المتقدّمة والخوارزميات الذكية التي تعمل خلف الكواليس.
الذّكاء الاصطناعي يستعين بنماذج الجهاز العصبي في تطبيقات المشاركة في سيارات الأجرة
تطبيقات مشاركة ركوب سيارات الأجرة
A+   A-

في عالمنا الحديث، أصبحت تطبيقات مشاركة ركوب سيارات الأجرة جزءاً من حياتنا اليومية. سواء أكنت في عجلة من أمرك للوصول إلى اجتماع مهم أو ترغب في العودة إلى المنزل بعد يوم طويل، فإن هذه التطبيقات توفر لك وسيلة مريحة وسريعة للتنقل. ولكن، هل تساءلت يوماً عن كيفية عمل هذه التطبيقات؟ كيف تتمكن من العثور على سيارة أجرة في الوقت المناسب؟ تكمن الإجابة في التكنولوجيا المتقدّمة والخوارزميات الذكية التي تعمل خلف الكواليس.

حينما تطلب من تطبيق مشاركة سيارات الأجرة أن يحجز لك واحدة منها، تبدأ أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالشركة بالعمل. إذ تدرك أنك تريد الوصول إلى وجهتك بسرعة. وتعلم أيضاً أن هناك مستخدمين آخرين يحتاجون إلى ركوب. وتعرف أن السائقين يرغبون في تقليل وقت الانتظار من طريق التقاط شخص قريب. وتتمثل مهمة الكمبيوتر، بحسب الأستاذ المساعد في مختبر "كولد سبرينغ هاربور" Cold Spring Harbor ، ساكيت نافلاكا، في التنسيق بين عمل السائقين وطلبات الركاب بطريقة تزيد من رضا الجميع.

 

مطابقة ثنائية مستوحاة من الأحياء

 

يُطلق علماء الحاسوب من أمثال نافلاخا على هذه العملية اسم "المطابقة الثنائية"Double Matching . هذه العملية تُستخدم في أنظمة مثل تلك التي تطابق بين المتبرعين بالأعضاء والمرضى المحتاجين لزراعة الأعضاء، والطلاب الطبيين مع برامج الإقامة، والمعلنين مع الفترات الإعلانية. لذلك، تُعتبر هذه العملية موضوعاً للدراسات المكثفة.

وبحسب نافلاخا: "إنها واحدة من أشهر 10 مشكلات في علم الحاسوب". وقد وجد نافلاخا طريقة أفضل لحلها من خلال الاستفادة من علم الأحياء. لاحظ نافلاخا مشكلة المطابقة الثنائية ضمن توصيلات الجهاز العصبي. ففي الحيوانات البالغة، كل حزمة عضلية في الجسم تتصل بخلية عصبية واحدة تتحكم في حركتها. ولكن في بداية الحياة، تُستهدف كل حزمة بعدد من الخلايا العصبية. لكي تتحرك الحيوانات بكفاءة، يجب تقليم الاتصالات الزائدة. إذاً، أي من هذه الاتصالات ستستمر؟

يملك الجهاز العصبي حلاً فعالاً. يشرح نافلاخا أن الخلايا العصبية التي تتصل في البداية بالليفة العضلية نفسها تتنافس مع بعضها البعض للحفاظ على اتصالها، باستخدام الناقلات العصبية كموارد "للمزايدة". الخلايا العصبية التي تخسر في هذا المزاد البيولوجي يمكنها استخدام ناقلاتها العصبية للمزايدة على حزم عضلية أخرى. بهذه الطريقة، كل خلية عصبية وحزمة عضلية تحصل في النهاية على شريك.

 

خوارزمية عصبية لتحسين المطابقة الثنائية

 

ابتكر نافلاخا طريقة لتطبيق هذه الاستراتيجية خارج الجهاز العصبي. ويصفها بأنها "خوارزمية بسيطة. وتتكون فقط من معادلتين. الأولى تتعلق بالمنافسة بين الخلايا العصبية المتصلة بالحزم العضلية نفسها، والثانية تتعلق بإعادة تخصيص الموارد". ونشر هذا العمل في مجلة  Proceedings of the National Academy of Sciences.

عند اختبار هذه الخوارزمية المستوحاة من علم الأعصاب ضد أفضل برامج المطابقة الثنائية الموجودة، أظهرت أداءً ممتازاً. إذ تبيّن أنها تصنع أزواجاً شبه مثالية وتترك عدداً أقل من الأطراف بدون تطابق. في التطبيقات اليومية، يمكن أن يعني ذلك أوقات انتظار أقصر لركاب خدمات النقل التشاركي وعدداً أقل من المستشفيات بدون مقيمين طبيين.

يوضح نافلاخا ميزة إضافية في الخوارزمية الجديدة، وهي الحفاظ على الخصوصية. عادةً، تتطلب أنظمة المطابقة الثنائية إرسال البيانات إلى خادم مركزي لمعالجتها. لكن في عدد من الحالات، مثل المزادات عبر الإنترنت أو مطابقة الأعضاء المتبرع بها، يكون من الأفضل استخدام نهج موزّع، بمعنى عدم معالجة المعلومات كلها في مركز واحد. بفضل التطبيقات العديدة الممكنة، يأمل نافلاخا أن يعمل الآخرون على تكييف هذه الخوارزمية الجديدة لاستخداماتهم الخاصة.

 

وبحسب نافلاخا: "هذا مثال ممتاز على كيفية أن الأبحاث في الدوائر العصبية يمكن أن تؤدي إلى اكتشاف خوارزميات جديدة تحل مشكلات هامة في مجال الذكاء الاصطناعي".

 

توفِّر الدراسات في علم الأعصاب إمكانيات كبيرة لتحسينات متعددة المجالات، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي التوليدي. وتُظهِر الخوارزمية التي طورها نافلاخا كفاءة عالية في إيجاد تطابقات مثالية، مع الحفاظ على الخصوصية وتقليل الحاجة إلى معالجة مركزية للبيانات. هذه الخصائص تجعلها مناسبة لتطبيقات متنوعة، مثل خدمات مشاركة الركوب ومطابقة الأعضاء المتبرع بها. مع استمرار الأبحاث والتطوير، يمكن أن نتوقع ظهور المزيد من الحلول المستوحاة من الطبيعة التي تعزز كفاءة حياتنا اليومية وأمانها.

 

اقرأ في النهار Premium