شهد لبنان مجموعة حوادث متفرقة بشكل متزامن لانفجار أجهزة "البيجر" (pagers) – وهي أجهزة اتصال عبر أبراج خلوية ترسل إشارات الاتصال داخل نطاق محدود المساحة يتراوح بين 40 إلى 50 كيلومتراً- أدّت إلى مقتل 12 وإصابة قرابة 3 آلاف شخص كانت بحوزتهم هذه الأجهزة، وحتى الآن لا تزال جهات التحقيق تبحث في أسباب هذه الانفجارات، والسؤال هنا كيف حدث ذلك؟، وكيف أحمي هاتفي من التحول لقنبلة موقوتة متصلة بجسدي؟.
قال خبير في أمن المعلومات والهجمات السيبرانية لدى الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في مصر، رفض ذكر اسمه، لـ"النهار العربي" إن السيناريو الأقرب للواقع بشأن الحوادث المتزامنة الذي شهدها لبنان، هو أن بيروت استقبلت شحنة من أجهزة "البيجر" تمّ زرع مواد متفجرة داخلها، وبمجرد أن تلقت هذه الأجهزة إشارة لتفعيل المتفجرات حدث ما شهدناه جميعاً من حوادث دامية.
ورجّح أن تكون شحنة أجهزة البيجر والووكي تووكي (walkie-talkie) الحاملة للمواد المتفجرة لم تفحص عبر أشعة الإكس راي (X-Ray) تحت الحمراء، أو تم استبدال هذه الأجهزة بعد دخولها البلاد بشكل أو بآخر، وأنه تم اختراق الشبكة الداخلية لهذه الأجهزة إما بشكل مباشر عبر اختراق البرج الخلوي أو عبر إرسال طائرات درون أرسلت إشارات التفعيل للأجهزة المستهدفة.
وأشار خبير أمن المعلومات إلى تعليق شركة "غولد أبولو" التايوانية المصنعة لأجهزة البيجر، والتي أكدت أنها تقيم شراكة طويلة الأمد مع شركة "بي إيه سي" ومقرها في بودابست عاصمة المجر لاستخدام علامتها التجارية، وتبين أن هذه الشركة مبنى مهجور وأن نشاطها مرتبط بخدمات شركات البترول وليس تكنولوجيا الاتصالات، رغم أن شركة غولد أبولو أوضحت في بيان لها أنها صدرت 49 ألف جهاز بيجر للولايات المتحدة وأوروبا عبر مجموعة شركات من بينهم شركة "بي إيه سي"، و"هذا يرجح سيناريو إجراء تعديلات على الأجهزة وتزويدها بمواد متفجرة قبل إرسالها إلى لبنان"، على حد قول الخبير.
"الانفجارات التي شاهدناها ليست عادية، أو ناتجة عن ارتفاع قياسي في درجة حرارة الهاتف أدى إلى انفجار البطارية"، يقول خبير أمن المعلومات إن المتعارف عليه عند ارتفاع درجة حرارة الجهاز بشكل مفرط هو انتفاخ البطارية المكونة من مادة الليثيوم، وعقب ذلك تظهر أدخنة وتبدأ البطارية في الذوبان وليس الانفجار، وهذه الحوادث ينتج عنها حروق من الدرجة الأولى أو الثانية على أقصى تقدير ولا تطلب سوى أخذ دواء لعلاج الحروق فحسب، بينما ما شهدناه في أجهزة البيجر والووكي تووكي هو انفجار بما تحمله الكلمة من معنى.
وأوضح أن أجهزة الووكي توكي (walkie-talkie) تعتمد على إشارات الراديو ولا تتصل بأبراج خلوية تتبادل إشارات الاتصال مثل البيجر، وبالتالي فنسبة تعرضها للاختراق ضئيلة، ما يجعل سيناريو زراعة مادة متفجرة بداخلها هو الأقرب للواقع.
وفي السياق نفسه، يقول خبير تكنولوجيا المعلومات، محمد عزام، لـ"النهار العربي"، إن الأمر في غاية الخطورة إذا كان سيناريو الاختراق السيبراني هو المحتمل، لأن هناك 50 مليار شخص حول العالم يحمل هاتفاً خلوياً، و250 مليار شخص يملكون أجهزة متصلة بالإنترنت، وهذا يعني أن العالم يتعرض لمستوى مرتفع من الاختراق الدولي.
وأوضح عزام أن القطعة الوحيدة القابلة للانفجار في الهواتف المحمولة هي البطارية، وبالتالي فإن سيناريو اختراق الموبايلات يكون عبر اختراق الشبكة المتصل بها الهاتف، ثم التلاعب في إعدادات الهاتف ومنحه العديد من الأوامر حتى ترتفع درجة حرارة البطارية، بجانب إعطاء أمر لمستشعر درجة الحرارة لدى الهاتف بأن لا يعمل ويغلق الهاتف لحماية المستخدم، وبالتالي ترتفع الحرارة لمستويات قياسية حتى تنفجر البطارية. قائلاً "حتى استخدام برامج الفي بي إن الخاصة بتغير موقع الجهاز وإخفائه عن الشبكة لن تجدي نفعاً مع أنظمة الاختراق الدولي".
ويطمئن عزام المستخدمين ممن استوردوا هواتف من لبنان، قائلاً "إن كل هاتف له رقم تعريفي وحيد، وبالتالي هذه الهجمات تستهدف أشخاص بعينهم، ولا توجه بشكل عام".
ويتفق تامر محمد، خبير تكنولوجيا المعلومات ومدير غرفة تكنولوجيا المعلومات باتحاد الصناعات سابقاً، مع عزام في أن البطارية أداة خطيرة في حالة اختراق الهاتف في ظل حروب الجيل الخامس وقد تؤذي المستخدم جسدياً، لذلك لابد من سرعة تبريد الهاتف حال الشعور بأن درجة حرارته ارتفعت أكثر من المعتاد.
وينصح دكتور أسامة مصطفى، خبير تكنولوجيا المعلومات، في تصريحات لـ"النهار العربي"، بضرورة اتباع بعض الخطوات لحماية نفسك من انفجار هاتفك وهي:
1- الكشف على المواد المتفجرة، وهذا يستلزم قيام الأجهزة الأمنية في الدولة باستدعاء جميع الأجهزة المشكوك فيها وفحصها عبر أجهزة أو أدوات خاصة لتأكد من سلامتها وأنها غير مزودة بمواد متفجرة.
2- عدم تعريض الهاتف لحرارة شديدة
3- عدم ترك الهاتف في الشاحن الكهربائي لفترة طويلة
4- عدم استخدام شواحن غير اصلية