على مدى سنوات عديدة، عمل "حزب الله" بشكل مستمر على تطوير سلاح الإشارة لديه لمواجهة التحدّيات الأمنية التي يفرضها الصراع مع إسرائيل. وقد تميّز التنظيم باتباع نهج مختلف عن الجيوش التقليدية، حيث اتجه نحو استخدام أساليب تقليدية في الاتصالات، مع التركيز بشكل خاص على الخطوط السلكية. في هذا السياق، قام "حزب الله" بإنشاء شبكات اتصال خاصة به، تتضمن سنترالات مستقلة. فضلاً عن توظيف أجهزة "البيجر" والأجهزة اللاسلكية.
تختلف استخدامات وسائل الاتصال لدى "حزب الله" بحسب الموقف والاحتياجات العملياتية. فعندما يكون الأفراد بعيدين عن الخطوط السلكية، يعتمد الحزب على أجهزة "البيجر" والأجهزة اللاسلكية للتواصل الإجرائي والعملياتي، مع الحرص الشديد على تشفير الاتصالات لحماية المعلومات. أما في حالة استخدام الهاتف السلكي، فإن الحزب يتمتع بقدر أكبر من الأريحية، حيث يكون التواصل أكثر سلاسة ولا يتطلب التشفير المعقّد أو استخدام الرموز، ما يسهّل نقل الأوامر والمعلومات بشكل مباشر وآمن.
سلاح الإشارة
سلاح الإشارة يُعدّ أحد الركائز الأساسية في الجيوش والتنظيمات العسكرية، حيث يؤدي دورًا جوهريًا في ضمان التواصل الفعّال بين مختلف الوحدات العسكرية. فهو يتيح نقل المعلومات بسرعة ودقة، ما يسهم في تعزيز التنسيق المحكم بين القادة والجنود على جميع المستويات. بفضل سلاح الإشارة، يتمّ تأمين التواصل المستمر والسلس حتى في أحلك الظروف وأعقد المعارك، ما يجعله عنصرًا لا غنى عنه لتحقيق النجاح في العمليات العسكرية. كما يمكّن هذا السلاح القوات من اتخاذ القرارات بسرعة ودقة أكبر.
تأثير الهجمات الأخيرة
بعد الهجمات الأخيرة التي استهدفت بشكل غير متوقع أجهزة الاتصال التقليدية المستخدمة من قبل الجسم التنظيمي في "حزب الله"، والتي كان الحزب قد زاد من اعتمادها بعد اشتعال الجبهة الجنوبية في 8 تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، بات من الواضح أن الحزب اتجه نحو تعزيز هذه الأدوات لمواجهة المخاطر الكبيرة التي تعرّض لها جراء تعقّب أفراده وقياداته عبر الأجهزة الخليوية. في هذا السياق، إسرائيل التي تسعى دائمًا للبقاء خطوة متقدّمة أمنيًا على "حزب الله"، حيث عززت من أساليبها في التعقب، متوقعة أن الحزب سيعمد إلى تقليل اعتماده على الأجهزة الخليوية لصالح الأجهزة التقليدية. ربما تابعت ورصدت كيفية حصول الحزب على المزيد من هذه الأجهزة، ما دفعها إلى تنفيذ واحدة من أكبر العمليات الأمنية في تاريخ صراعها معه، مستهدفة إضعاف قدراته الاتصالية بشكل غير مسبوق.
وهنا يُطرح السؤال الرئيسي، ما هي البدائل المتاحة للحزب ؟
من المتوقّع أن يركز الحزب في المرحلة المقبلة على اعتماد أساليب أكثر أمانًا في التواصل عبر شبكات الاتصال السلكية، في ظل التحدّيات الأمنية التي يواجهها. يبقى من غير الواضح ما إذا كان الحزب سيستغني تمامًا عن أجهزة "البيجر" والاتصالات اللاسلكية، حيث يعتمد هذا القرار على تقييمه الدقيق للأجهزة المتاحة لديه، وقد تكون الأجهزة الأحدث فقط هي التي تعرّضت للاختراق. في الوقت الحالي، يُجري الحزب مراجعة شاملة لتحديد مدى أمان وفعالية الأجهزة الموجودة لديه. ومع ذلك، فإن الخيارات البديلة المتاحة أمامه تظل محدودة للغاية، ما يعقّد من قدرته على تأمين اتصالاته بشكل كامل.