انشغلت الأوساط الرياضية في ليبيا بقرار السلطات المعنية إقامة جولات الحسم في منافسات الدوري المحلي لكرة القدم على ملاعب إيطاليا، للمرة الأولى، بعد أحداث عنف وشغب جماهيري شهدتها الملاعب الليبية منذ بداية المسابقة أواخر العام الماضي.
وأثارت الخطوة جدلاً واسعاً على صعيدين: الأول مخالفتها لقوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" ولوائحه المنظمة التي تمنع تنظيم مباريات خارجية ضمن منافسات الدوريات المحلية إلا في الظروف الاستثنائية، أما الآخر فيتعلق بتكلفة القرار، إذ سيكبد خزانة الدولة مبالغ ضخمة قدرها خبراء بما يقارب 50 مليون دينار، كنفقات سفر الفرق المتنافسة واقامتها في إيطاليا لمدة تصل إلى ثلاثة أسابيع، بالإضافة إلى إيجار الملاعب من دون أن تُدر عائداً.
مجموعتان لدوري سداسي
وانتهت منافسات المرحلة الأولى من الدوري الليبي الذي يُلعب بنظام المجموعتين، تضم الأولى 10 فرق وتلعب على ملاعب شرق ليبيا، فيما تضم الثانية 11 فريقاً تخوض المنافسات على ملاعب مدن الغرب، وتأهلت أول ثلاثة أندية من كل مجموعة إلى دوري سداسي، لتحديد بطل المنافسة والفرق التي ستنافس في البطولات الأفريقية.
وكشف الاتحاد الليبي لكرة القدم قبل أيام جدول مباريات دوري التتويج السداسي، والذي ستتنافس فيه فرق الأهلي طرابلس والمدينة والسويحلي والأهلي بنغازي والنصر والهلال الليبي، إذ تنطلق الجولة الأولى من المباريات في 25 الشهر الجاري في مدينة تورينو.
وتُلعب الدورة السداسية من مرحلة ذهاب فقط، أي 15 مباراة على 5 جولات، على أن يتوج بالبطولة الفريق الأكثر جمعاً للنقاط، في حين تتأهل الفرق الأربعة الأوائل للمشاركة في المسابقات الأفريقية للأندية، بواقع اثنين في دوري الأبطال واثنين في كأس الاتحاد الأفريقي المعروف بـ"الكونفيدرالية".
دعم رسمي
وقبل إجراء مراسم القرعة، عقد رئيس الاتحاد الليبي لكرة القدم عبدالحكيم الشلماني اجتماعاً موسعاً، حضر جانباً منه وزير الرياضة عبدالشفيع الجويفي، مع مسؤولي أندية سداسي التتويج لوضع الترتيبات الأخيرة لانطلاق المنافسات.
وأكد الشلماني على ضرورة توفير الدعم للأندية، حتى يتم إجراء التأشيرات وحجوزات الإقامة، بعد اختيار الملاعب الإيطالية التي ستستضيف المنافسات، فيما أكد الجويفي "إمكانية تنظيم الدورة السداسية في ليبيا بنجاح تام، إلا أن اختيار إقامتها خارج البلاد جاء استجابة لطلب الأندية وبمبادرة من رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة نفسه"، مشيراً إلى أن السفارة الإيطالية لدى ليبيا أبدت استعدادها للتعاون التام من أجل تسهيل كل الإجراءات أمام اتحاد الكرة والأندية الستة، بالإضافة إلى الطواقم الصحافية والإعلامية، كما طالب الأندية بـ"أفضل تمثيل لليبيا وتقديم صورة حضارية طيبة عن رياضتها".
وبعدها بأيام عقد الدبيبة اجتماعاً مع وزير الرياضة في حكومته تعهد فيه بـ"دعم الأندية المشاركة والتكفل بجميع مصروفات إقامة المنافسات".
الصحافي الليبي المتخصص في الشأن الرياضي عبد الرحيم نجم أوضح أن اتحاد كرة القدم المحلي "كان أعلن أن الدورة السداسية ستقام في المغرب بناءً على عرض قدمته الرباط لاستضافة المنافسات، قبل أن يتراجع ويعلن إقامتها في إيطاليا لربما بعد الاتفاقات التي وقعها رئيس حكومة الوحدة الوطنية مع رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني على هامش زيارتها الأخيرة لطرابلس، وكان في جانب منها التعاون في المجال الرياضي"، منتقداً "التدخلات الحكومية في عمل الاتحاد وفي شؤون تنظيم اللعبة ومنافستها".
إيجابيات رغم التكاليف
وأضاف لـ"النهار العربي": "إقامة المنافسات خارج الملاعب المحلية يحتاج إلى نفقات ضخمة، وبالتالي فإن الحكومة التي تملك المال هي من حددت مكان إقامة المباريات". لكن نجم اعتبر أن قرار اللعب في إيطاليا "ايجابي للتسويق لكرة القدم الليبية في الخارج، كما أن إقامة المباريات في الملاعب الإيطالية وفي أجواء مغايرة عن تلك التي تقام فيها المباريات محلياً، سيساهم في رفع مستوى المنافسات".
ودافع نجم عن إقامة المباريات خارج ليبيا موضحاً أن بلاده "لا تملك الملاعب والإمكانات لتنظيم الدورة السداسية، وهو ما تأكد خلال منافسات المراحل الأولى من الدوري سواء على صعيد الملاعب وأحداث الشغب التي شهدتها وحتى التحكيم الذي كاد أن يعصف بالمسابقة".
وبالمثل اتفق اللاعب الدولي السابق المدرب الليبي علاء نجم في كون "استضافة أحد أفضل البلاد في كرة القدم وصاحبة التاريخ الطويل في اللعبة المباريات الليبية سيفيد المنافسة المحلية"، مشيراً لـ"النهار العربي" إلى أن الفرق المتنافسة في الدورة السداسية حصلت على فترة كافية لنحو أسبوعين، أقامت خلالها معسكرات في مصر وتونس للتجهيز للمباريات الحاسمة في البطولة المحلية الرئيسية.
وأضاف: "فرص كل الفرق التي وصلت إلى الدورة السداسية حاضرة في الحصول على البطولة، وبالتالي فإن المباريات ستشهد منافسة عالية وحماساً كبيراً، سيحاول خلالها كل فريق الفوز أو على أقل تقدير تجنب الخسارة... الرهان سيكون على الفريق الذي يملك أكبر قائمة جاهزة لأن لعب 5 مباريات في أقل من ثلاثة أسابيع مرهق جداً، وبالتالي الاعتماد على عدد محدود من اللاعبين قد يُكلف الفريق في المباريات الختامية".