بعد طول انتظار وترقّب، أعلن الاتحاد الجزائري لكرة القدم عن موعد إجراء نهائي كأس الجمهورية الجزائرية بين فريقي مولودية الجزائر وشباب بلوزداد، لكن ذلك لم يجنّب القائمين على الأمر كثيراً من الانتقادات.
تحدّد النهائي الموعود في الخامسة عصر يوم غد الجمعة على ملعب 5 تموز (يوليو) في الجزائر العاصمة، بين قطبي اللعبة اللذين يتزعمان بطولة الدوري هذا العام، إذ حاز المولودية اللقب في حين احتل الشباب الوصافة. وكان الموعد تأجّل مرّات عدة، بعدما كان مبرمجاً في 1 أيار (مايو) الماضي، ثم في 22 حزيران (يونيو) الماضي، ليعلن أخيراً عن إقامة النهائي في 5 تموز.
وفي وقت كان يُنتظر تحديد توقيت مناسب للمباراة لأسباب عدة، لعلّ أبرزها حرارة الصيف والتسويق الإعلامي الجيد والمشاهدة والمتعة الجماهيرية المنتظرة، خرج إعلان الاتحاد الجزائري لكرة القدم ليصدم الجميع بتاريخ بعيد بما يقارب الشهر عن آخر مباراة لعبها الفريقان في الدوري، ما أعاد إلى الأذهان تلك المباريات بين الفرق الجزائرية التي كانت تلعب في النهار وفي درجة حرارة عالية، خلال الأزمة الأمنية التي ضربت البلاد في تسعينات القرن الماضي.
وتخضع برمجة نهائي كأس الجزائر لأجندة الرئيس الجزائري، بحسب الأعراف المتبعة منذ إنشاء هذه المسابقة، غير أنه يُعاب على القائمين على رياضة كرة القدم عدم منح المشورة اللازمة في المواعيد المشابهة، بحسب ما يؤكّد متابعون.
وعلى الرغم من تعديل توقيت المباراة وإرجائه ساعة واحدة، من الرابعة إلى الخامسة، بقي الامتعاض نفسه، بما أن الموعد صيفي، والحرارة في الخامسة عصراً لافحة، خصوصاً أن المباراة تجرى في عاصمة البلاد وليس في شرقها.
برمجة غير منطقية
يعدّد الإعلامي الرياضي مهدي آيت قاسي أسباب عدم منطقية البرمجة المختارة لمباراة نهائي كأس الجزائر، فيقول لـ"النهار العربي" إن الفريقين المعنيين مرّا بفترة فراغ طويلة، "إذ بقي لاعبوهما بعيدين من المنافسة قرابة الشهر، وهذا يؤثر في مستواهم وفي المستوى الفني للمباراة".
ويضيف: "نقص المنافسة يؤثر في الأداء الفردي والفني والجماعي للاعبين في أي مستوى كانوا، واللعب في هذا التوقيت صيفاً، في درجات حرارة شديدة، يؤثر سلباً على الجانب البدني للاعبين، وكذلك على المتعة والفرجة في المدرجات".
ويشير آيت قاسي إلى أن المنظّمين سيجدون أنفسهم في مأزق، لأن توقيت المباراة يعقب صلاة الجمعة، ويقول: "بشكل عام، أظن القرار غير منطقي بتاتاً".
وعن مسؤولية اختيار هذا التاريخ والتوقيت لنهائي مباراة هي الأهم رياضياً وجماهيرياً وإعلامياً في الجزائر، يلفت آيت قاسي إلى أن "القرار سيادي، وتنظيم مثل هذه المناسبات بيد مؤسسة الرئاسة التي لها أجندتها الخاصة، لكن كان بإمكان الاتحاد الجزائري لكرة القدم بحث حلول تشاورية مع الرئاسة لبرمجة هذا النهائي في تاريخ وتوقيت مختلفين"، مؤكّداً أن برمجة كهذه لم تحدث منذ 20 عاماً، ما خلا نهائي عام 2017 بين شباب بلوزداد ووفاق سطيف لاعتبارات عدة، "وهذا إن دلّ على شيء فعلى أن قرار برمجة نهائي الكأس في هذا الموعد خاطئ"، متمنياً تجنّب تكرار هذا الخطأ مستقبلاً لضمان نجاح هذا العرس الكروي، سواء للاعبين أو الجماهير، خصوصاً أن الفريقين مُقبلان على تمثيل الجزائر في مسابقة رابطة أبطال أفريقيا في الموسم المقبل، "و20 تموز (يوليو) هو آخر موعد لتسجيل اللاعبين في القوائم المعنية بالمنافسة الأفريقية، ما يعني أن اللاعبين مجبرون على أخذ قسط قصير من الراحة، وبعد ذلك العودة إلى بداية التحضيرات لموسم جديد، ونعلم أن هذه التحضيرات يمكن أن تستغرق 6 أسابيع، لذا سيكون الوقت ضيّقاً، خصوصاً مع عملية تحويلات اللاعبين واستقدام آخرين وتسجيلهم وبداية التحضير لخوض الموسم الكروي الجديد، ما معناه أن تأخير مباراة نهائي كأس الجزائر لا يخدم الفريقين إطلاقاً".
ترتيبات أخرى
من جانب آخر، يؤكّد متابعون أن اختيار التاريخ عادي، ويفترض أن الفريقين عملا بجد ليحسم أحدهما التتويج غداً. وفي هذا الخصوص، أكّد الإعلامي ياسين معلومي لـ"النهار العربي" أن لا تأثير على اللاعبين، سواء من حيث التاريخ أو التوقيت".
ويلفت معلومي إلى أن اللعب في الرابعة أو الخامسة عصراً عادي جداً، ولا تأثير سلبياً له على اللاعبين، ما داموا معتادين هذا الأمر، "فقد اعتادوا اللعب في هذا التوقيت وفي هذه الساعة طوال الموسم، ولاعبو المولودية والشباب محترفون".
وعن مسؤولية اختيار هذا التاريخ والتوقيت الذي واجه انتقادات عدة، قال معلومي إن الاتحاد الجزائري لكرة القدم لا يتحمّل أي مسؤولية في هذا الخصوص، آملاً في نجاح هذا العرس الكروي الجزائري.
ماذا عن التسويق الجيد؟
على الرغم من نجاح الاتحاد الجزائري في الوفاء بالتزامه إنهاء الدوري في موعده المحدّد سلفاً، وهو منتصف حزيران (يونيو) الماضي، فإن تأجيله نهائي الكأس أعاد إلى الأذهان سيناريوهات السنوات الماضية، حين كان الموسم الكروي في الجزائر ممتداً حتى آب (أغسطس)، وهذا أوقع الفرق الجزائرية في الكثير من المآزق، خصوصاً تلك المعنية بالمنافسات الأفريقية.
وكان وليد صادي، الرئيس الجديد للاتحاد الجزائري، قد أكّد غداة انتخابه ضرورة إنهاء الموسم الكروي في تاريخ محدّد لا يتجاوز بداية الصيف، مشيراً إلى ضرورة التسويق الجيد لمباريات الدوري والكأس داخلياً وخارجياً، على اعتبار توافر كامل الإمكانات التي تجعل من منافسات كرة القدم الجزائرية محل متابعة جماهيرية عريضة، سواء في الجزائر أو في الوطن العربي، من ملاعب عالمية ونوادٍ محترفة ولاعبين محترفين، وهو ما حدث فعلاً في هذا الموسم خلال بعض مباريات الدوري والكأس، التي عرفت برمجة ليلية لائقة بحضور جماهيري كثيف ومتابعة إعلامية كبيرة.
ويقول متابعون إن الموسم الكروي 2023-2024، وعلى الرغم من المآخذ العديدة، أعاد الدوري الجزائري إلى الواجهة، مع ما شاهدناه من لوحات فنية راقية في مدرجات الجماهير، خصوصاً من جماهير بطل الدوري مولودية الجزائر الذي سيكون طرفاً في نهائي الكأس.