مابيل حبيب
تنطلق مسابقة كرة القدم ضمن دورة الألعاب الأولمبية 2024 المقامة في باريس يوم الأربعاء 24 الشهر الجاري، وتستمر حتى يوم الجمعة 9 آب (أغسطس) المقبل على أشهر ملاعب العاصمة.
4 مجموعات و16 منتخباً يتنافسون على الذهب في أولمبياد باريس، لكن 3 من بين هذه المنتخبات تنتمي إلى الدول العربية وهي: المغرب ومصر والعراق.
ستتجّه الأنظار في الدول العربية إلى هذه المنتخبات الثلاثة، التي تعيش ظروفاً سيئة بكامل أسلحتها، فكيف هي الحال عندما تكون منقوصة الصفوف؟
كما يعلم الجميع، أنه في الألعاب الأولمبية لا يُسمح للمنتخبات إلّا باستدعاء 3 لاعبين ممن يبلغون أكثر من 23 عاماً، وهو نظام معتمد منذ زمن طويل، لأنّ الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" لا يريد أن تتفوّق دورة الألعاب الأولمبية على مسابقات منظّمة تحت إشرافه مثل كأس العالم. ونظراً لعدم أهمية هذه المسابقة مقارنة بالبطولات الدولية الأخرى، بعض الأندية ترفض مشاركة نجومها في الأولمبياد، لتجنّب زحمة المباريات والإصابات التي من الممكن أن يتعرّضوا لها قبل انطلاق الموسم الجديد.
ورغم ذلك، لم تتمكن الدول العربية من إثبات حضورها في الألعاب الأولمبية، ولم تحصد أي ميدالية ملوّنة طوال تاريخ الحدث العالمي. والآن، تشارك 3 منتخبات عربية في باريس (المغرب ومصر والعراق)، وهي تبحث عن "معجزة" أو "مفاجأة" قد تذهب بها إلى منصة التتويج.
طموحات مرتفعة للمغرب
يحلم المنتخب المغربي في تخطّي دور المجموعات في دورة الألعاب الأولمبية للمرّة الثانية في تاريخه، وذلك في مشاركته الثامنة في هذا الحدث. المرّة الأولى التي تمكّن فيها باجتياز حاجز دور المجموعات كانت عام 1972 في ميونيخ، لكنّ "أسود الأطلس" لم يذهبوا بعيداً، إذ خرجوا فوراً من دور المجموعات الثاني كما كان نظام المسابقة وقتها.
تعوّل المغرب في الوقت الحالي على سجل رائع في السنوات الأخيرة، فهي بلغت نصف نهائي كأس العالم الأخيرة في قطر وحلّت في المركز الرابع، كما تُوّج المنتخب الأولمبي لديها بلقب أمم أفريقيا للمرّة الأولى في تاريخه. هذه النتائج المشرّفة لكرة القدم المغربية سترفع الثقة لديهم في باريس.
وتطمح المغرب في تحقيق مفاجأة ما على الأراضي الفرنسية تحت إشراف المدرب طارق السكتيوي وبقيادة المدافع المخضرم الذي يلعب في صفوف باريس سان جيرمان الفرنسي أشرف حكيمي. يُعدّ حكيمي واحداً من أفضل الأظهرة على مستوى العالم في الفترة الأخيرة، وستكون الأنظار متّجهة إليه في معركة منتخب بلاده في الألعاب الأولمبية.
وهذه المهمّة ستكون معقّدة بكل تأكيد، خصوصاً أنّ القرعة أوقعت المغرب في المجموعة الثانية إلى جانب الأرجنتين، بطلة 2004 و2008، وأوكرانيا والمنتخب العربي الآخر العراق.
بالإضافة إلى حكيمي، تمتلك المغرب عناصر أخرى قادرة على قيادة المنتخب للذهاب بعيداً، مثل حارس المرمى منير المحمدي، المنتقل حديثاً إلى نادي نهضة بركان بعد انتهاء عقده مع نادي الوحدة السعودي، وجناح نادي العين الإماراتي سفيان رحيمي هدّاف مسابقة دوري أبطال آسيا والفائز بلقب البطولة هذا العام.
إلى ذلك، يلعب في صفوف المغرب في دورة الألعاب الحالية لاعبون واعدون، مثل لاعب غنك البلجيكي بلال الخنوس وجناح ريال بيتيس الإسباني عبد الصمد الزلزولي ولاعب وسط بولونيا الإيطالي أسامة العزوزي ومهاجم موناكو الفرنسي إلياس بن الصغير وغيرهم...
ويبدأ المنتخب المغربي مشواره في دورة الألعاب بمواجهة منتخب الأرجنتين يوم الأربعاء على ملعب "جوفروا غيشار" في مدينة سانت إتيان، ثم أوكرانيا السبت المقبل على الملعب ذاته، قبل مواجهة العراق في 30 الشهر الجاري على ملعب "أليانز ريفييرا" في نيس.
أزمات مصر ومعاناة العراق
يخوض المنتخب المصري دورة الألعاب الأولمبية بظروف صعبة، حيث تلاحقه الأزمات، بدءاً من الاستعدادات الضعيفة للمسابقة، وصولاً إلى صعوبة اختيار القائمة المشاركة في الدورة، خصوصاً اللاعبين الذين هم فوق السن.
إلّا أنّ المدرب البرازيلي روجيريو ميكالي يأمل بدايةً في تخطّي دور المجموعات، إلى جانب "الماتادور" الإسباني "منطقياً"، ومواصلة المشوار وتحقيق نتيجة مشرّفة.
لم يسبق لمصر أن حقّقت ميدالية أولمبية في كرة القدم، رغم أنها شاركت 13 مرّة في الحدث، حيث أنّ أفضل نتيجة لها كانت حلولها في المركز الرابع مرّتين (1928 و1964).
ويقدّم المنتخب المصري مستويات جيّدة تحت إشراف المدرب البرازيلي، لكنه يدخل دورة الألعاب الأولمبية بعدما لاحقت منتخب "الفراعنة" مشكلات عدة، بدأت بفشل الاتحاد المصري في تلبية طلب المدرب ميكالي لخوض مباريات ودية مع مدارس مختلفة استعداداً للمسابقة. واكتفت مصر بخوض 4 مباريات ودية، 2 منها مع ساحل العاج، وواحدة مع أوكرانيا وأخرى مع العراق.
أزمة أخرى لاحقت المنتخب في الفترة المنصرمة، وهي اختيار اللاعبين الثلاثة فوق السن، حيث كانت تأمل مصر في استدعاء المهاجم محمد صلاح، لكنّ نادي ليفربول رفض ذلك، بالإضافة إلى لاعب طرابزون سبور التركي محمود حسن (تريزيغيه)، ومهاجم نانت الفرنسي مصطفى محمد، ولاعب أينتراخت فرانكفورت الألماني عمر مرموش. أن تدخل إلى دورة الألعاب الأولمبية بغياب كل هؤلاء النجوم أمر صعب ومعقّد فعلاً.
حتى الأندية المحلية رفضت مشاركة لاعبيها في باريس، وتحديداً الثنائي الأهلي وبيراميدز اللذين يتنافسان على لقب الدوري. كما طُرحت فكرة تأجيل الدوري أسبوعين من أجل انضمام لاعبين إلى زملائهم في دورة الألعاب، لكنّ رابطة الأندية لم توافق على ذلك.
لذلك، عمل المدرب البرازيلي على استقدام لاعبَين فقط فوق السن، هما محمد النني (غير المرتبط حالياً بأي نادٍ بعد نهاية تعاقده مع أرسنال الإنكليزي)، وأحمد سيّد (زيزو) لاعب نادي الزمالك الذي وافق فريقه على انضمامه، بعدما ابتعد عن المنافسة على لقب الدوري.
وتفتتح مصر مبارياتها في المجموعة الثالثة بلقاء جمهورية الدومينيكان الأربعاء في نانت، قبل مواجهة أوزبكستان بعدها بثلاثة أيام على الملعب عينه، ثم تختتم مرحلة المجموعات بلقاء إسبانيا في بوردو يوم 30 تموز (يوليو).
في المقابل، يشارك منتخب العراق في منافسات كرة القدم للمرّة السابعة في تاريخه، حيث أنّ أفضل نتيجة حققها كانت حلوله بالمركز الرابع في أثينا عام 2004، رغم أنّ البلاد كانت تمرّ بحروب وأزمات.
لا أحد ينتظر من المنتخب العراقي أفضل النتائج، فالجميع يعلم إمكانياته "المتواضعة" في اللعبة، لكن المدرب راضي شنيشل يريد أن يخرج بأقل الأضرار الممكنة، بقيادة لاعبين مميّزين مثل سعد ناطق وإبراهيم بايش وأيمن حسين.
ويبدأ منتخب العراق المنافسات في 24 الشهر الجاري ضدّ أوكرانيا، قبل أن يواجه الأرجنتين بطلة العالم وكوبا أميركا في 27 منه، ثم المغرب بعدها بثلاثة أيام.