تشارك تونس في أولمبياد باريس ببعثة تضم 26 لاعباً ولاعبة فقط في ألعاب التايكواندو والمصارعة وألعاب القوى والتجديف والقوس والسهم والرماية والكانوي والكاياك والمبارزة ورفع الأثقال والملاكمة والسباحة والتنس والجودو.
وسيكون فريقا التايكواندو والمصارعة الأكثر في الوفد التونسي، إذ يشارك أربعة رياضيين في كل فريق.
وفيما كان التونسيون يأملون أن يستفيدوا من وقوف عدد كبير من المشجعين التونسيين وراء ممثليهم باعتبار وجود عدد مهم من المغتربين التونسيين في البلد المضيف، تعتبر هذه البعثة هي الأضعف في تاريخ المشاركات الأولمبية التونسية منذ نحو 20 عاماً، ما أثار الكثير من الانتقادات في بلد يمتلك رصيداً مهماً من الميداليات الأولمبية يجعله في مقدمة الدول العربية والأفريقية التي فازت بميداليات في أهم مسابقة رياضية عالمية.
وتحتل تونس المركز الرابع عربياً بعد مصر ثم الجزائر فالمغرب من حيث عدد الميداليات الأولمبية، إذ حازت 15 ميدالية أولمبية من بين 129 ميدالية حصل عليها العرب على امتداد 100 عام من المشاركات هي خمس ذهبيات وثلاث فضيات وسبع برونزيات.
وكانت تونس قد شاركت بـ83 رياضياً في دورة لندن عام 2012 و63 رياضياً في دورة ريو دي جينيرو عام 2016 و61 رياضياً في دورة طوكيو عام 2020.
وتقول الصحافية المتخصصة في الرياضة منية الورفلي لـ"النهار العربي" إن "26 رياضياً ورياضية فقط سيمثلون تونس في أولمبياد باريس 2024، ما يذكرنا بمحطة بكين 2008 حيث لم يتجاوز عدد المشاركين أيضاً 27 رياضياً، ولكن كانت المشاركة في تلك الدورة مميزة بفضل الإنجاز التاريخي للسباح أسامة الملولي الذي أهدى تونس الذهب".
وترجع الورفلي أسباب تراجع عدد الرياضيين التونسيين في أولمبياد باريس إلى "ضعف الإمكانات المادية وتراجع مستوى الاختصاصات على المستوى القاري، مثل الجيدو والملاكمة، وخصوصاً لغياب الرياضات الجماعية عن الموعد، فلا كرة القدم ولا كرة اليد ولا كرة السلة ولا الكرة الطائرة استطاعت أن تضمن مكاناً في دورة باريس، وهو ما أثر بصفة ملحوظة على عدد المشاركات التونسية".
وتونس غير ممثلة الآن على مستوى الفرق الجماعية، إذ فشلت كل فرقها الجماعية في اقتناص مقعد لها ضمن هذه الدورة، ما يعتبره مراقبون إخفاقاً كبيراً للرياضة التونسية.
النجوم غائبون
ويغيب عن بعثة تونس الأولمبية التي وصلت الأحد إلى باريس النجوم على غرار البطل الأولمبي في السباحة أحمد الحفناوي وإحدى أبرز لاعبات التنس في العالم أنس جابر.
ولن يشارك الحفناوي الذي حقق ذهبية سباق 400 متر سباحة حرة في طوكيو قبل ثلاث سنوات، محدثاً مفاجأة مدوية حينها، في أولمبياد باريس بعد تراجع نتائجه في المسابقات العالمية طيلة العامين الأخيرين، وخصوصاً في البطولة العالمية الأخيرة في قطر، فيما قررت جابر عدم المشاركة لأسباب صحية كما أعلنت.
وتقول الورفلي إن الآمال تعقد على رياضة التايكواندو من خلال البطل محمد خليل الجندوبي لرفع الراية التونسية في باريس، وسبق لهذا اللاعب الشاب أن حصل على ميدالية فضية في دورة طوكيو.
خيبة أمل
وأصاب ضعف التمثيل التونسي في أولمبياد باريس التونسيين بخيبة أمل كبيرة عبروا عنها من خلال منشوراتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.
وتتهم اللجنة الأولمبية التونسية بالوقوف وراء تراجع مستوى الرياضة في تونس في السنوات الأخيرة، فيما تتعلل هذه الأخيرة بشح الموازنة وضعف الإمكانات المادية.
لكن، ليست وحدها الصعوبات المالية ما أثر على نتائج الرياضة في تونس،فقد طالتها شظايا الأزمة السياسية في البلاد وتحولت إلى مسرح للعديد منها، بعدما حاولت أسماء كثيرة من داخل الوسط الرياضي أو خارجه توظيفها في صراعاتها السياسية.
وشهدت العلاقة بين اللجنة الأولمبية ووزارة الرياضة توتراً واضحاً في أكثر من مناسبة على امتداد السنوات الأخيرة، وكان من انعكاسات ذلك صدور قرار بحجب العلم التونسي في كل المسابقات الرياضية الدولية امتثالاً لعقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات (وادا)، بسبب عدم إصدار تونس قانوناً لمكافحة المنشطات، ما أحدث حينها زوبعة كبيرة في الوسط الرياضي والشارع التونسي، خصوصاً بعد حجب العلم التونسي في أكثر من مناسبة.
وتعتبر الورفلي أن تراجع عدد ممثلي تونس في الأولمبياد يكشف حجم الصعوبات التي تواجهها رياضة النخبة باعتبارها المصدر الأول لصناعة الأبطال الأولمبيين، ويطرح ضرورة القيام بتشخيص لواقعها ثم البدء في عملية إصلاح جذرية من أجل الارتقاء بها إلى الأفضل.